كل الآراء
أحمد الجار الله... الصحافي المحارب
الأحد 24 يناير 2021
5
السياسة
بسام القصاصأظن أن الكتابة عن كاتب كبير يملك ناصية اللغة أمر صعب، وتطرح لديّ أسئلة إجاباتها صعبة، هل سأستطيع أن أوفيه حقه وقدره؟... وهل كتابتي تلك ستقنعه؟... والسؤال الأهم: لماذا أكتب عنه من الأساس؟ دعونا نبدأ من الأصعب، لماذا الكتابة عن أحمد الجارالله بالذات؟... عندما شرعت في الكتابة احتار القلم وغابت الكلمات ولم أجد أمام عيني سوى الذكريات، فعلاقتي بالصحافي الكبير والكاتب القدير ممتدة منذ أن وطأت قدماي أرض الكويت الطاهرة، تعرفت عليه وعملت معه وصارت صداقة أعتز بها وأفتخر، فالجارالله علم من أعلام الكويت، أحب الصحافة فأحبته وأعطته من الشهرة ما جعله عميداً من عمداء الصحافة في الوطن العربي.طافت شهرة العميد الآفاق والحدود بكلمة صدق يكتبها بأسلوبه المميز، فصارت كلماته عن الفساد رصاصات تقتله في المهد، وتحولت كلماته الطيبة بلسماً للقلوب ترفع من قدر المخلصين للوطن، أما آراؤه وأفكاره المتحضرة النابعة من علم ومعرفة فحدث ولا حرج. ورغم كل ما سبق أجد أن الكتابة عن رئيس تحرير "السياسة" في هذا التوقيت له ما يبرره، فبعد أكثر من خمسة وثلاثين عاما من العمل في أروقة الصحافة أجدني لم أكتب عن الجارالله، رغم صداقتي به وعملي معه طوال تلك السنين، لكن جاء تكريمه الأخير من مؤسسة الحبتور الإماراتية على إنجازاته في مجال الصحافة العربية، ليدق الجرس في عقلي وقلبي وأجدني مشدودا للكتابة والتعبير عما يجيش في صدري تجاه رجل من أشرف رجال الصحافة الذين قابلتهم في حياتي المهنية. الجارالله ليس فقط صحافي كبير، بل وطني مخلص، فطوال عمله منذ العام 1963 وحتى اليوم وهو مدافع عن العروبة وحقوق الوطن العربي، وفي القلب منه الكويت التي تشغل عقله وقلبه، فهو كويتي وطني عربي غارق في بحر القضايا العربية، ولا يستسلم أبداً إلا بانقضاء القضية والوصول لحل يرضي وطنه وعروبته، هكذا يحارب الجارالله طوال حياته المهنية من أجل رفعة الكويت والوطن العربي، لا يهاب شيئا، دائما يردد مقولة "ما ياخد الروح إلا اللي خالقها"، فكان إيمانه بالله وبمبادئه هو سلاحه مع قلمه.تعرض الجار الله لـ 6 محاولات اغتيال لكنها لم تثنه عن مبادئه، بل ازداد إصراراً على مواصلة القتال بالقلم، لأنه يعلم أنه على حق، والحق في هذا الزمن قد يعرضك للقتل، لكنه هو من واجه الموت بالقلم وأطلق طلقات أحباره على ورق جريدته من دون خوف لتصيب كل جبان خسيس في مقتل، حتى حار فيه أعداؤه ولم يجدوا سوى الاستسلام. هنا ومع ذكر حادث الاغتيال ينخلع قلبي كما انخلع أول مرة منذ 35 عاما عندما ودعت الجارالله وهو يغادر مبنى الجريدة، وبعدها بأقل من دقيقة دوّت طلقات الغدر تجاه لسان الحق، فانخلع قلبي وهرولت خارجا لأرى الجارالله مخضبا بدماء إصاباته، وظننت أنه ربما يخفف من حدة هجومه، لكن فوجئت به يهاجم بشراسة كأنما تلك الرصاصات كانت مصدر طاقة إيجابية، ويظل ثابتاً على مبادئه. أليس هو الذي وقف ضد المجموعات الارهابية ولا يزال، محاربا فكرهم وأفكارهم، كاشفا آلاعيبهم ومؤامراتهم؟ سواء في الداخل أو الخارج، هو الجار الله، عدو الارهاب وصديق الحرية والحق، هو من واجه الإرهاب وكتيبة جريدته بعد تفجير مسجد الإمام الصادق، وكتب أن الكويت عصية على الإرهاب، وغيرها من مواقفه الثابتة التي لا تحيد عن الحق والوطنية، فصار علماً لصوت الكويت المنادي بالحق في العيش الآمن، والعيش في سلام. تكريم الحبتور لأحمد الجارالله رئيس تحرير "السياسة" و"عرب تايمز" ومجلة "الهدف"، فتح صندوق ذكرياتي مع رجل تعلمت منه، وصار معلمي في الصحافة الكويتية بجانب استاذي ومعلمي في الصحافة المصرية مكرم محمد أحمد، شفاه الله وعافاه، فكان لابد من الكتابة لعلي أستطيع أن أرد له جميله معي بأن من علمني حرفا صرت له مريداً في محراب الجارالله الصحافي.كاتب مصري