صحابيات في الإسلامإعداد - ريندا حامد:صحابية جليلة، حياتها مليئة بالعطاء، راوية لأحاديث النبي عليه الصلاة والسلام، عُرفت بين عشيرتها بفصاحة اللسان، وقوّة البيان، ذات عقل راجح وإيمان عميق، شهدت الكثير من الغزوات التي كانت خلالها تضمد الجرحى وتسقيهم، وكانت تذهب لرسول الله بأسئلة واستفسارات النساء ليجيب عنها.
هي أسماء بنت يزيد بن السكن، خطيبة نساء المسلمين، كنيتها أمّ سلمة، نشأت في أسرة عُرف أفرادها بالشرف والتضحية والجهاد، فهي أخت وابنة شهيدين اثنين في غزوة واحدة، والدها يزيد بن السكن وأخيها عامر، استشهدا في غزوة أُحد، كما أنها ابنة عمّ الصحابيّ الجليل معاذ بن جبل، أوّل من بايعت النبيّ من النساء، بعد ان اسلمت على يد الصحابي الجليل مصعب بن عُمير، يمتد نسبها الى الشاعر الفارس امرؤ القيس، ويبدو انها ورثت عنه الفصاحة ورجاحة العقل وقوة البيان. كانت راوية لأحاديث النبي لقوة ذاكرتها وحضور ذهنها، وروى أصحاب السُّنن الأربعة: أبو داود، والنّسائيّ، والترمذيّ، وابن ماجه، كما روى عنها الإمام البخاريّ في الأدب المُفرد ما يزيد عن ثمانين حديثا، من اشهر مروياتها ما أخرجه ابن ماجه بسنده أن النبي توفي ودرعه مرهونة عند يهودي بطعام، ومن مواقفها مع النبي أنها ذهبت إليه باستفسارات من سيدات المسلمين، وقدمت بين يديه خطبة عصماء في أهمية دور النساء في حفظ الدين والدنيا، فأعجب بشجاعتها وبفصاحة لسانها، وقال لأصحابه هل رأيتم حديثا أفضل من ذلك، ففرحت بذلك ورجعت إلى اهلها والسعادة تغمرها، وهي تحكي لكل من تقابله من النساء عن وقائع اللقاء، وظلت تفخر به حتى وفاتها. شهدت أسماء مع النبي الكثير من الغزوات مثل غزوتي الخندق وخيبر، كما شهدت صلح الحديبية، وحضرت بيعة الرضوان، وفي السنة الثالثة عشرة من الهجرة النبويّة، شاركت في معركة اليرموك في الشّام، و كان لها موقف طريف ترويه كتب السيرة، اذ لم تكن تكتفي بما تقوم به النساء عادة من تضميد الجرحى وسقاية المقاتلين، وحثهم على الثبات والصمود، بل كانت تمسك بعصا تضرب بها مَن يهرب من المعركة او يتخاذل من جنود المسلمين، وفي موقف اخر يروى ان حماسها للقتال قد اشتد في إحدى الغزوات، فقامت باقتلاع عمود الخيمة التي تؤوي اليها قرب ساحة القتال مثل الرجال الاشداء، وأخذت تضرب به رؤوس الروم حتى قتلت يومها تسعة من جنودهم. مما يروى عنها ايضا انها كانت أوّل من نزل فيهن عِدّة المطلقات، وتميزت بها دون نساء المسلمين، فإنها كانت تحب تزيين النساء وتجميلهن فكان لها دراية لا بأس بها بفنون التجميل، ما جعلها تنال شرف تزيين أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق، يوم زفافها الى النبي، عاشت عمرا مديدا، و توفّيت سنة سبعين من الهجرة في خلافة عبدالملك بن مروان، ودفنت في دمشق بمنطقة تسمّى بالباب الصغير.