أميتوا الباطل بتركه

طلال السعيد

قال الفاروق عمر، رضي الله عنه، والذي فرق الله به بين الحق والباطل: "أميتوا الباطل بتركه"، والمعنى ان الكلام الباطل مهما كانت درجة استفزازه للناس إذا ترك من دون رد مات، ولم تعد له قيمة.
الشعب الكويتي اصبح شديد الحساسية، ومن السهل ان يستفز ويثور، فما ان يكتب احدهم كلمة تمس الكويت، او شعبها، بشكل مباشر إلا وتصبح حديث الناس، وتقوم الكويت كلها بالرد عليه، فيصبح هذا الحديث التافه تفاهة كاتبه ذات قيمة وشأن، وهو في الاساس نتاج فكر ناقص، القصد منه البحث عن الشهرة، ثم إن كثرة تداوله وكثرة الردود عليه تجعل منه حديثا للناس، مثل تصريح المستشار منتهي الصلاحية الذي أثار الكويت كلها، فاستنفر الناس للرد عليه بدافع الحمية الوطنية، لكنهم خدموا المقالة وصاحبها حين اصبح حديث الناس في الكويت، والكل يسأل: من القائل؟ وما المناسبة؟ حتى عرف المستشار منتهي الصلاحية من لا يعرفه، ولو ترك هو ومقالته لمات منذ ساعة ولادته!
نحن شعب حر نثق بأنفسنا ونثق ببلدنا، ونثق بقدرتنا على تحمل المسؤولية، وعطائنا للوطن هو ارثنا الوطني الذي نفخر ونفتخر فيه، بعيدا عن المصالح الضيقة، والمزايدات، والبطولات الوهمية، فالكويتيون منذ الازل وهم يعطون وطنهم من دون بخل، وهذا الجيل هو احفاد اجيال قد مضت صارعوا البر والبحر، وحملوا ارواحهم على أسنة الرماح، ودافعوا عن وطنهم، وسجلوا أروع البطولات التاريخية التي عجزت عنها شعوب تدعي الحضارة، فرطت في ارثها الحضاري التاريخي، وتخلفت عن ركب الحضارة.
نحن لم نفرط بإرثنا التأريخي واثبتت المحن اصالة هذا الشعب الذي تحول بين يوم وليلة من المكاتب وحياة الترف الى الميدان يدير المخابز، وينظف الشوارع، ويشغل كل مهنة هرب أصحابها اثناء الاحتلال العراقي للكويت، والاهم ان المحتل العراقي لم يجد كويتيا واحدا يتعاون معه، والتأريخ يشهد بذلك.
نعم فقد اختلط دم الاجداد بعرقهم على رمال الكويت الحبيبة، والاحفاد لا يقلون وطنية ولا تفان عن الاجداد اذا دعا الواجب الوطني!
نحن نقف على أرضية صلبة وارث تاريخي زاخر بالبطولات، ونتطلع الى مستقبل مشرق، ولا نلتفت الى تفاهات تكتب بقلم حاقد، يحاول استفزازنا لسبب ما، ولا بد لنا من ان نفوت الفرصة عليه، ونميت باطله بتركه، فلا سامح الله كل ناكر للجميل... زين.

[email protected]