الجمعة 13 يونيو 2025
34°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الأولى   /   الافتتاحية

إلغاء القيود... تنظيفٌ من العبث الأمني ودرءٌ لشبهة الدولة البوليسية

Time
السبت 05 نوفمبر 2022
View
5
السياسة
أحمد الجارالله

عَيْنُ الإنصاف وإحقاقُ الحقِّ توجيهاتُ القيادة السياسية إلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، الشيخ طلال الخالد، برفع القيود الأمنية عن المواطنين، وسرعة استجابته لهذا الأمر، الذي كان مصدر فرح لكلِّ الكويتيين وغيرهم، الذين عانوا الأمرّين طوال عقود من عقبات وضعت في طريقهم، أكان عمداً، أو على الشبهة من دون تحقيق وأمر محكمة.
هذه هي الدولة المدنية الحضارية التي يسعى إليها الكويتيون، وهؤلاء هم الوزراء الشرفاء الذين يعملون من أجل وطنهم، إذ لا يمكن أن يسود الاستقرار أي مجتمع إذا كانت نسبة لا بأس منه تعاني من معوقات في ممارسة حقوقها المنصوص عليها دستورياً، ولا يمكن لأي مؤسسة أن تعمل وفق القانون إذا كان فيها من يستغلون مناصبهم وصلاحياتهم لإيذاء الناس.
في العقود الماضية كانت هناك سياسة صماء لا يدرك الذين وضعوها مدى الظلم الذي يوقعونه على الناس إذا اشتبه بأي واحد لمجرد أنه مر من أمام سفارة دولة علاقات بلادها متوترة مع الكويت، أو التقى صدفة ومن غير قصد بأحد الديبلوماسيين العاملين فيها، أو أن يوضع قيد أمني على مواطن لمجرد أنه نشر تغريدة لم تعجب هذا المسؤول أو ذاك، أو أشار إلى خطأ في إحدى المؤسسات.
قبل هذه الخطوة الكبيرة كانت الكويت في النص دولة مؤسسات، وفي المضمون وجراء عبث بعض المسؤولين الأمنيين، أشبه بدولة بوليسية، لا تشبه تاريخها، أو نصوصها، الدستورية، وقوانينها، وعادات أهلها، وتقاليدهم.
في كلِّ دول العالم الأمن الوطني والقومي يكون عوناً للقيادة على اتخاذ القرارات الصحيحة، وأحياناً كثيرة لا تعرف العامة المسؤولين وقادة هذا الجهاز، إلى حين يتقاعدون أو يتوفاهم الله، بل هناك ضباط أمن في دول كثيرة لا تكشف هوياتهم حتى بعد موتهم، بسبب الأدوار الحساسة التي يمارسونها، فيما في دول العالم الثالث، ومن ضمنها الكويت، يتحول هؤلاء نجوم مجتمع، وبعضهم لا يخاف الله في نفسه ووطنه وشعبه، فيمارس أعتى أنواع الفساد، وهو ما يعود بالضرر على مصالح الدولة، ويزيد النقمة الشعبية على النظام السياسي.
في دول عربية عدة كانت أجهزة الأمن الوطني والقومي مصدر تقويض للاستقرار الأمني، بل ساعدت بفوضويتها وعدم أمانة مسؤوليها على إسقاط النظام أو إشعال الحروب الأهلية، لذا حين يتولى الأمناء هذه المناصب فإنهم يضعون مصلحة بلادهم العليا نصب أعينهم، ويعملون وفق القاعدة القانونية "ليهرب ألف مجرم ولا يُدان بريءٌ واحدٌ".
ولأنَّ القضاء هو الأساس في نهضة المُجتمعات عول عليه القادة بعد الأزمات والحروب، ومن الأمثلة على ذلك، مع تفشي ظاهرة الفساد والرشوة في بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية، سأل رئيس الوزراء ونستون تشرشل، آنذاك، وزير العدل: "هل وصلت الرشوة إلى القضاء؟"، فردَّ عليه: "لا"، فقال الرئيس: "إذاً بريطانيا بألف خير". وعقب تحرير فرنسا من الغزو النازي سأل ديغول صديقه أندريه مارلو: كيف حال القضاء؟ فأجابه: بخير إلى حدٍّ ما". فكان رد ديغول: "إذاً نستطيع أن نبني فرنسا من جديد".
استناداً إلى هذه الحقيقة جُعل القضاء من ثلاث درجات، الابتدائية والاستئناف والتمييز، وحتى مُخاصمة القضاء، كي لا يكون هناك أي شبهة ظلم للمُتهم، بل إنَّ الأساس لدى القاضي البراءة، وليس الإدانة، لكنه يحكم وفقاً للنصوص والوثائق التي أمامه، وهنا يكون دور المسؤول الأمني، فإذا تمتع بالنزاهة لا يحور القرائن والأدلة ولا يسعى إلى الظلم.
نعم، شكراً للقيادة السياسية، والشيخ طلال الخالد، على هذه النقلة النوعية الحضارية برفع الظلم عن المواطنين والمقيمين، الذين جاءهم الفرج من قيادة حكيمة وإنسانية ووزير أمين على المهمة التي أوكلت إليه، وكذلك ما فعله وزير الدفاع حين أمر بتأجيل قرعة المُتقدمين لمدرسة ضباط الدفاع إلى ما بعد إلغاء القيود الأمنية؛ حتى لا يُضَرَّ المرشحون الشباب.
آخر الأخبار