منوعات
إلياس فركوح: الاحتراف يقيِّد الكتابة وينمطها ويلجِّم الإبداع
الاثنين 19 نوفمبر 2018
5
السياسة
قال الأديب الاردني إلياس فركوح أنه لا يمكن أن تكون الكتابة احترافا بالمطلق وكذلك لا يمكن أن تكون هواية بالمطلق، مشددا على أنه يعارض الاحتراف في حال كان عبارة عن كتابات كثيرة ضمن نمط واحد دون الخروج عنه، لافتا الى أنه ضد هذا الاحتراف جملة وتفصيلا.وأوضح فركوح خلال ندوة قدمها ضمن فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب تحت عنوان "الكتابة احتراف أم هوى"، أنه لا بد من التفريق بين الاحتراف والخبرة، فليس كل محترف يمتلك خبرة وليس كل ذي خبرة يكون محترفا بالمعنى المجرد للكلمة.وتحفظ فركوح على الاختيار كون الكتابة احترافا أو هواية، لافتا الى انه لا يمكن حسم الموقف من الثنائيات الضدية، لافتا الى ان تحفظه مرده إلى أمرين، أولهما نفوره من سهولة الاختيار الاقرب للبديهيات والمسلمات، والثاني ان اختيار حالة من الحالتين تدل على تسليم لأمر واقع، عدا عن أنه يعترض على صيغة "إما"، أو التي يوجد فيها عدمية تشاؤمية لا تؤمن بالحلول الوسط.وقال: إن عنوان الندوة يمثل نموذجا لتلك المتقابلات الضدية التي ينتظر الاجابة عنها انحيازا الى واحدة منهما، لافتا الى ان هناك تاريخا ثقيلا يقف خلف كل من الاحترف والهوى مرت به الثقافة العربية وما زالت، معتبرا أنه من الأفضل ان يكونا عنوانين منفصلين كأنهما يلخصان مدرستين أو اتجاهين في الكتابة. وشرح لمضمون كلتا المفردتين أن الاحتراف كناية عن عقل مجرب يفعل بانتظام وتدرج، بينما الهوى استجابة منفعلة لمزاج متقلب موقت يبرق ثم يخبو.أما الاحتراف في الكتابة فقال إنه ليس ثمة جواب متفق عليه لمعنى الاحتراف يمكن الركون إليه بالمطلق، الا إذا اعتبرنا ان احتراف الكتابة هو الانشغال بها كليا والاشتغال عليها دون سواها من أعمال كمصدر رزق.وأكد على عدم موافقته واقتناعه بهذا الجواب، لان العملية الابداعية كما اختبرها ليس فيها مكان لـ "الاحتراف" بهذا المعنى، ويمكن القبول به فقط اذا ما كان يعني "التفرغ"، فمسألتا الاحتراف والتفرغ متصلتان ببعضهما وكأنهما تعودان لموضوع واحد. لافتا الى تفرغ الكاتب العربي كل الوقت للكتابة معتمدا عليها وسيلة للعيش دون سواها وحتى إن أصاب شهرة فهو يخاطر بمستواه الحياتي إلى درجة الكفاف، مستطردا ان الكتابة وبحسب القول الشائع "لا تطعم خبزا" وتبقي صاحبها على شفير الحاجة الدائمة.ولفت الى أن قلق الابداع وتوتره الذي يشكل حافزا أساسيا للكتابة ينحى في هذه الحالة جانبا لصالح قلق تدبير المعيشة وتوترها، غير أن الاحتراف في مساحات الكتابة الادبية يقود إلى إغلاق الدائرة حول الذات الكاتبة وتقييدها وبلوغها حالة لنمط والتنميط بحيث تتحول النصوص المتتابعة إلى ما يشبه القوافل التي تسكب فيها العوالم والشخصيات والحكايات الجديدة، فتصبح كتابة واحدة وموضوعات مختلفة.وقال: إن قلة عدد رواياته مقارنة بأبناء جيله وعلى مدى 40 عاما من الكتابة كان سببها حرصه على ألا يكتب نصا مضافا الى ما سبقه من نصوص، يتسم بسماتها على صعيد البناء الكلي او المشهدي، غير أن كل رواية ينبغي أن تتحلى بالجديد بما يؤهلها لأن تنشر وليس فقط من ناحية الموضوع والشخصيات بل في كيفية الكتابة وليس ماهيتها.وأوضح أنه لا ينتصر للمحترف وانما للهاوي، سواء فيما يتصل بالمثقف وعلاقته بنفسه وبالمؤسسات وبالسلطة، أو فيما يتعلق بالكاتب وعلاقته بإبداعاته وبالقارئ معا.قدم الندوة وادارها فهد الهندال الذي افتتح المحاضرة بمقدمة استعرض فيها الفارق بين ان تكون الكتابة فتنة أو فخا، معتبرا ان هناك فارقا كبيرا بين الاثنين، فالفتنة تكمن في خيال الكاتب وفي الفكر الذي يسير وفقه وفي المضمون الذي يعالجه أثناء مسيرته الادبية، بينما ان تكون الكتابة فخا فذلك إذا ما وجه بمزاجية ما هو سائد في محاولة للخروج عن المألوف نحو تجارب مختلفة جديدة.ولفت الى أنه من حق الكاتب ان يتنوع في كتاباته فلا يحصر نفسه في فن كتابي واحد، فيمكن أن نجده في القصة والرواية والمقالة وغيرها من الانواع الادبية حتى يتمكن من أن يعبر عن ما هو موجود في فكره.