احذر اللئيم إذا شبع

د. خالد عايد الجنفاوي

تنسب أقوال: احذر صولة الكريم إذا جاع، واللئيم إذا شبع، ولا تعاشر نفساً شبعت بعد جوع، فإن الخير فيها دخيل وعاشر نفساً جاعت بعد شبع فإن الخير فيها أصيل، إلى الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، وكرّم الله وجهه، وهي تشير بالطبع الى التأثير السلوكي للشبع والجوع على الشخصية الإنسانية، ولعل ما هو ملفت في هذه الامثال هو التحوّل المفاجئ والمُستهجن في شخصية اللئيم عندما يشبع، لأنّ أقواله وتصرفاته ستكون هي الأكثر تأثيراً على العلاقات الفردية والاجتماعية في عالم اليوم المتغير.
ومن بعض أسباب تحريص الحكماء على الحذر من شبع اللئيم ربما يكون التالي: -اللئيم هو الشخص خبيث النفس ووضيع الطبع، ومنحط القدر عند نفسه وعند الآخرين، وهو بالطبع عكس الكريم.
- أحد أسباب الحذر من اللئيم اذا شبع تتمثل في ميله نحو عض اليد التي أحسنت إليه عندما كان جائعاً مهلكاً، وميله كذلك للاستعلاء والتعجرف على من هم أكرم منه خُلقاً وطبعاً وذلك بسبب ترسخ عقد النقص والدونية في شخصيات اللئام.
- قال أحد الشعراء: "تَجَنَّبْ بُيُوتَا شُبِّعَتْ بَعد جُوعِهَا، فإنَّ بَقَاءَ الجُوعِ فيها مُخَمَّرُ، وَآوِي بُيُوتًا جُوِّعَتْ بَعْدَ شِبْعِهَا، فإنَّ كَرِيمَ الأَصْلِ لاَ يَتَغَيَّر" وهو يعكس الحقيقة النفسية التالية: الطبع يغلب التطبّع.
- بعض العلامات الدالة على اللئيم الشبعان: البطر، والتكبّر، والثقة المفرطة في النفس، والميل الى الاستعلاء على أصحاب الأمس، وتشويه سمعة بيوت العز والشرف، واستغلال القبلية والطائفية والطبقية والفئوية والنخبوية كأدوات لممارسة الفوقية على الناس.
- أحد الكوارث اللاأخلاقية التي سيرتكبها اللئيم إذا شبع هي سعيه لتعطيل ولتأخير ولإفشال مسيرة حياة أشخاص مشابهين له في خلفياتهم الاجتماعية، فاللئيم لم ولن يكون فيه خير لأهله!
- يُحذّر كثير من الحكماء من تعجرف اللئيم إذا شبع لأنه سيكون عادة الأكثر أذى لأهل العقل والحكمة وللأسوياء لشعوره بالنقص أمامهم.
- إذا أردت معرفة ما إذا كان من أمامك كريم جائع أم لئيم شبعان فلاحظ تعامله مع من هم أقلّ حظوظاً في الدنيا، ولا سيما الغرباء المسالمين والضعفاء والمساكين.

كاتب كويتي
@DrAljenfawi