الأربعاء 30 أبريل 2025
33°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

الأحلام... مرآة الذكريات والمشاعر المكبوتة في العقل الباطن

Time
الثلاثاء 16 نوفمبر 2021
View
240
السياسة
ذوو النوم الخفيف يتذكرون الأحلام أكثر ممن ينامون بعمق والكوابيس سببها الاكتئاب

الجنين يحلم في بداية الشهر السابع والحامل تحلم ضعف أحلامها في غير الحمل

35 في المئة من المرضى يحلمون وهم تحت تأثير التخدير في العمليات الجراحية


القاهرة - نورة حافظ:

عند النوم تبدأ رحلة الأحلام، ذلك العالم الغامض الذي حير الكثيرين وأخضعه الباحثون لدراسات أثبتت أن الإنسان يحلم مذ كان جنينا في بطن أمه، ووجدوا أنه هناك مستويات عدة من الأحلام أبرزها أحلام اليقظة.
حول الأحلام وتأثيرها على حياتنا، وعلاقتها بالحالة النفسية للانسان أكد عدد من المتخصصين واستشاريي الطب النفسي في تحقيق لـ"السياسة "أن الاحلام تمثل مرآة تكشف مخزون العقل الباطن من المشاعر والأفكار والذكريات كما أنها رسائل مشفرة تفصح عما يخفيه اللاوعي من قلق وخوف وفرح وفزع، مشيرين "صناعة الاحلام ممكنة عبر الطب النفسي الا أن تحقق بعضها في الواقع أمر غير مفهوم"، وفيما يلي التفاصيل.
بداية، قالت استشاري طب النوم الدكتورة شهيرة لوزا إن الاحلام صور وقصص يختلقها المخ أثناء النوم تشبه الحقيقة وتسبب السعادة أو الحزن أو الخوف، ومن الممكن أن تحدث هذه الأحلام في أي وقت أثناء النوم، لكن أغلبها يحدث فى فترة النوم العميق،لافتة إلى أن بعض الدراسات تؤكد أننا نحلم من أربع إلى ست مرات فى الليلة.
أضافت: اختلف العلماء حول أهمية الأحلام، فمنهم من اعتبرها مجرد نشاط يقوم به الدماغ لا معنى له، بينما آخرون يؤكدون على أهميتها للصحة العقلية والجسدية والعاطفية، بل منهم من يرى أن وجودها يحل المشكلات ويدمج المشاعر، فقد ينام الشخص على وضع ويستيقظ على وضع أفضل حيال أمر من الأمور أو مشكلة من المشكلات.
وتابعت: كشفت دراسة فرنسية أن أصحاب النوم الخفيف يستطيعون تذكر أحلامهم عند الاستيقاظ والعكس صحيح، لافتة إلى أن القدرة على تذكر الأحلام ترتبط بدرجة نشاط دماغ الإنسان في الاستجابة للمؤثرات الخارجية، لذلك يكون أصحاب النوم العميق الذين لا يستيقظون حتى الصباح أقل قدرة على تذكر أحلامهم ممن يستيقظون عدة مرات أثناء الليل، مطالبة بضرورة التعامل مع الكوابيس بجدية، لأنها قد تعكس مشكلة نفسية كالاكتئاب أو القلق أو مشاكل صحية أخرى.

شفرات ورسائل
من جهته، اعتبر استشاري الطب النفسي الدكتور محمد طه، أن الأحلام معجزة إلهية لخدمة الإنسان، لأنها عبارة عن رسائل مشفرة من أحد مستويات اللاوعى السبعة تتضمن صورا أو قصصا يصنعها العقل الباطن أثناء النوم بهدف أداء وظيفة محددة أو إرسال رسائل معينة، مبينا أن كل الكائنات ذات الدم الدافئ تحلم مثل القطط والكلاب والفئران وغيرها، أما ذات الدم البارد مثل الأسماك فلا تحلم، وقد كشفت الدراسات أن الجنين في بطن أمه يحلم بداية من الشهر السابع، كما أن الحامل تحلم ضعف أحلامها في غير الحمل.
وأشار إلى أن للأحلام وظائف متعددة يأتي على رأسها بقاء الجنس البشري، لكونها تحفز الغرائز على البقاء مثل الغريزة الجنسية والعنف، كما تحافظ على الذاكرة بنقل الذكريات الحالية من الذاكرة قصيرة المدى إلى طويلة المدى وهو ما يساعدنا على التعلم واكتساب الخبرات.
وبين أنها تؤدي دورا كبيرا في صيانة الشبكات والمستقبلات العصبية في الدماغ، بجانب كونها ضرورية للصحة النفسية،فضلا عن أنها تقوم به من وظائف تخص التعليم، لافتا إلى أن أفضل وقت لتذكر الحلم بعد 8 دقائق من الاستيقاظ.
وذكر أن هناك الكثير من المستويات للأحلام، الأول منها هو مستوى اللاوعى الظاهر المسؤول عن أحلام اليقظة، والمستوى الثانى وهو العقل الباطن الفرضى المسؤول عن الأحلام ذات الصلة بالرغبات والغرائز، بينما المستوى الثالث وهو مستوى اللاوعي الجنيني فهو الذي يحتوي على مخزون الذكريات والأحداث التي مررنا بها أثناء فترة وجود الجنين في بطن أمه، أما المستويات الباقية فهي بداية تواصل اللاوعى مع ما حوله، فالمستوى الرابع مستوى اللاوعى المشترك، وكمثال إذا تعرضت عائلة مكونة من خمسة أفراد لحادث طريق، فستختزن ذاكرتهم ذكريات الألم والمخاوف وعند عبور الطريق نفسها يشعرون بمشاعر الخوف نفسها، وهذا المستوى مسؤول عن أحلام ذات معان مشتركة بين أصحابها مثل أن يحلم شخصان الحلم نفسه، أما المستوى الخامس مستوى اللاوعي المجتمعي والمقصود تماثل المحتوى في المجتمع الواحد.
وأوضح أن كل مجتمع له ذكريات نصر وهزائم وكلها تختزن في العقل الباطن فكأنه كمبيوتر أو أرشيف، فنجد مجتمعا معينا لديه الصفات الانسانية نفسها، أما المستوى السادس مستوى اللاوعى الجمعي ويعني اتصال عقل الفرد جزئيا بعقول البشر جميعا منذ بدء الخليقة، وهنا يمكن أن نختبر هذا المستوى، فإذا اغلقنا أعيننا وسمعنا رجلا كبيرا حكيما فستظهر لنا جميعا صورة واحدة على ختلاف البلدان والمجتمعات، وهذا يعنى أن هناك صورا ذهنية مشتركة بين البشر ذات جذور ضاربة في عمق التاريخ، وأحلام هذا المستوى عبارة عن رموز ذات معان، وعلى سبيل المثال يمكن أن يرى الحالم أحد أجداده،وعادة إذا كان الحالم في أزمة فهذه رسائل تبعث على الاطمئنان والمساندة من الجد.
وأخيرا المستوى السابع مستوى المتجاوز للأشخاص وفيه كل المعجزات ينفتح فيه العقل مع كل ما يتصل به من سماء وأرض ومخلوقات وغيرها وهو المسؤول عن تعميق الصلة بين الإنسان وربه وفيه قد يتجاوز اللاوعى المكان والزمان، وفي هذا المستوى نجد رؤى الأنبياء والصالحين، وقد يحدث فيه استشراف المستقبل.

ظواهر خارقة
بدوره، كشف الدكتور عبد الناصر عمر استشاري الطب النفسي أن الأحلام يمكن صنعها في الطب النفسي، فوقفا للأبحاث العلمية وجد أن هناك 35 % من المرضى يحلمون وهم تحت تأثير التخدير في العمليات الجراحية، وأغلب هذه الأحلام بطبيعة الحال حزينة وتحمل كثيرا من الخوف والقلق
وأشار إلى أن العلماء نجحوا في التأثير على المرضى قبل العمليات لتغيير الحالة المزاجية بتقنيات محددة وكأنهم يقومون بعمل "Soft wear" جديد للدماغ لجعل أحلامهم جميلة، تحمل التفاؤل فتؤثر على حالتهم النفسية بالإيجاب، وبالطبع فإن تصنيع الأحلام يفرغها تماما من معناها.
وعن الأحلام التي تتحقق كما يراها النائم يقول عبد الناصر: هناك على مستوى علم النفس الباراسيكولوجي ما يعرف بـ "ظواهر ما فوق الطبيعة"، وقد درست بعض هذه الظواهر معمليا مثل "القدرة على استقراء الأشياء ومعرفة مكنوناتها ومعرفة ما تحتويه الأماكن المغلقة التى لم يسبق للشخص دخولها، كذلك القدرة على تحريك الأشياء بالنظر بالطاقة المغناطيسية، وأيضا التنبؤ بالأشياء التي سوف تحدث مستقبلا"، لكن فكرة الرؤية وانكشاف المستقبل أمام العقل البشرى أو تحقق الحلم في الواقع كما يرآه النائم فغير مفهومة من خلال الطب النفسي،خصوصا أن الأحلام عالمية ومشكلات العالم ومخاوفه تقريبا واحدة، فحلم الاكتئاب واحد وعلى سبيل المثال فعند الشعور بالقلق الشديد يرى الحالم نفسه يسقط من مكان مرتفع وهذا حلم يتكرر عند أى شخص من أى جنسية فالمشاعر الإنسانية واحدة.

الحزن والكابوس
من جانبه أكد الدكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي أن الحلم مخرج من مخارج اللاشعور التي تنحصر في زلات اللسان أو أحلام اليقظة أو أحلام أثناء النوم، ولذا فالأحلام مرآة للشعور الذي يطغى على حياة الإنسان، موضحا أن من أسباب الكوابيس أو الأحلام المزعجة أن ينام الإنسان على حزن أو أكلة دسمة قبل النوم، كذلك قصور الدورة الدموية، لذلك يجب على الشخص أن يخفف حدة حزنه وتوتره قبل النوم لتأثير ذلك على أجهزة و هرمونات الجسم، مع الأخذ في الحسبان أن تكرار بعض الأحلام يحدث نتيجة انشغال الشخص بأفكار ينفس عنها أثناء الحلم في اللاشعور، الأمر الذي يتطلب مراقبة الحالة المزاجية للشخص، فإذا كان يعانى من التوتر والقلق الشديدين المصاحبين بالكوابيس يجب أن يستشير الطبيب النفسي، وفي هذه الحالة قد يستدعي الأمر أن يواظب الشخص على مضادات الاكتئاب، وحتى لا نصل لمرحلة الدواء علينا أن نعمل على تحسين الحالة المزاجية بممارسة الرياضة وسماع الموسيقى، أن نحيط أنفسنا بالأصدقاء والمحبين لنا، وتناول الطعام والشراب الذي يحسن الحالة المزاجية وهذا يختلف من شخص لآخر.
تفسير الأحلام
الى ذلك، اعتبر الدكتور عمرو سليمان استشارى الطب النفسى أن الحلم نتاج كل ما يتشكل منه الفرد وحياته من جميع الاتجاهات سواء عقله الباطن أو الخبرات والذكريات، فالرسائل تأتي من داخل هذا التشكيل وليس من خارجه، لكن الغريب أن الكثيرين يربطون حياتهم ومصائرهم على حلم يرونه، خصوصا في ظل المتاجرة في تفسير الأحلام والتي أصبحت حاليا وظيفة للبعض يتكسب على حساب حياة الآخرين.
وأضاف، لماذا نعدم إرادتنا ونوجه حياتنا وفق تفسيرات المفسرين، فنخسر من يقول عنه المفسر أنه عدو، ونربط كل قرار برموز أحلامنا ؟ أيضا السؤال الذي يفرض نفسه الآن، على المجتمعات التي تقدمت، تقدمت بقراءة الأحلام أم على بناء الواقع بالعمل،وهو ما تحض عليه جميع الأديان.
وأكد أن العقل الباطن وما يمر به من خبرات تفوق قدرة الذاكرة الإنسانية على الاحتفاظ بكل ما يراه من معلومات بها أثناه صحوه، ولذا فهو يخرج ما زاد عن السعة فى صورة حلم يحمل مخاوف أو رغبات لا يريد أن يفصح عنها أمام من يتعامل معهم في الحياة، وهذا يفسر ما نراه من أشياء في أحلامنا لانناقشها في صحونا حتى بيننا وبين أنفسنا، والأبحاث المتعلقة بالتعافي من أمراض الاكتئاب والقلق تعتبر عودة المريض إلى الحلم البداية إلى التحول الإيجابي باتجاه الشفاء.
تبدأ مخاوفه التي أجهدت نفسيته تخرج من العقل الذي سجن فيه مخاوفه من قبل وتسببت في إصابته بنوبات الهلع والخوف الزائد عن الطبيعي، بالتالي يساهم الحلم في العودة إلى الحالة الطبيعية وهي من أعظم وظائفه.

الاكتئاب والأحلام
في السياق، أوضحت الدكتورة نهلة نور الدين استشاري الطب النفسي أن بعض المرضى يتذكرون الأحلام بتفاصيلها ويتعجبون من تذكر تفاصيل كثيرة في الماضي كانوا يعتقدون أنها تلاشت من ذاكرتهم، وقد يفسر ذلك أن بعض مضادات الاكتئاب تعمل على زيادة اليقظة والانتباه، وبعضها يعمل على زيادة الشعور بالاسترخاء، وتأثير كل منهما مختلف من شخص لآخر، وإذا كان مضاد الاكتئاب يجعل المريض يستيقظ أكثر من مرة في الليل فهذا يجعله يتذكر حلمه.
وأشارت إلى أن مضادات الاكتئاب تشحذ الذاكرة فتساعد المريض على التذكر فيتذكر أحلامه وهو ما كان لا يحدث قبل ذلك، لكن المزعج للمرضى أن تكون أحلامهم كوابيس، مؤكدة أن هذا لا يستمر كثيرا.

4 مظاهر لأحلام الأطفال ونوبات الكوابيس تفزعهم

أكد زميل الكلية الملكية لطب الأطفال بلندن الدكتور خالد حسانين أن أحلام الأطفال تحظى باهتمام الأسر، لافتا إلى أن هناك أربعة مظاهر مهمة تتعلق بهم، وهي السير أثناء النوم والإرهاب الليلي والارتباك، وأخيرا الكوابيس، لذلك نجد بعض الأطفال أثناء النوم يهذون ببعض الكلمات غير المفهومة، و في هذه الحالة لا يجب أن نوقظهم لأنهم يكونون في مرحلة النوم العميق.
وأوصى بأن يجلس بجوارهم الأب أو الأم لمدة دقائق حتى تنتهي هذه النوبة، مع الأخذ في الاعتبار أن الطفل لن يسأل لأنه لا يتذكر ما حدث، وهذا هو الارتباك الليلي الذي يختفي بحد أقصى في سن المراهقة، أما الكوابيس فهي أحلام مزعجة أو مخيفة تجعل الطفل يستيقظ مفزوعا، وهي تختلف عن الارتباك الليلي لأن الطفل يكون منتبها عند الاستيقاظ ويمكنه أن يروي ما رآه، داعيا الأهل الى ضرورة التواجد بجوار الطفل لطمأنته وتقديم الدعم النفسى، مؤكدا أنها مسألة عارضة، لا تحتاج إلى استشارة الطبيب النفسى إلا في حال استمرارها.
آخر الأخبار