الأحد 14 ديسمبر 2025
19°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء

الإيكولوجيا الثقافية

Time
الأحد 04 سبتمبر 2022
السياسة
د.معراج أحمد معراج الندوي

الإيكولوجيا تهتم بدراسة الحياة والعلاقات المتبادلة بين الكائنات الحية وبيئاتهم الطبيعية، حيث تعرف الإيكولوجيا الثقافية بوجود اختلافات جوهرية بين ثقافات ناجمة عن عمليات التكييف الخاصة التي يتفاعل المجتمع بمقتضاها مع بيئته. وإن رؤية الإيكولوجيا الثقافية للإنسان هي في شكبة الحياة التي تتألف من الحقائق الطبيعة والثقافية.
هي الدراسة التي توضح تكيف المجتمع مع بيئته، ولا تفترض أن كل ثقافة هي حالة متفردة بذاتها، فالايكولوجيون الثقافيون يدرسون بيئات وثقافات على قدر كبير من الاختلاف، ولا يمكنهم ان يتبنوا صيغاً تحليلية معينة، ولا نماذج نظرية للتغير الثقافي، فلا يمكن أن تكون هناك استنتاجات او تعميمات مسبقة تتعلق بالتطور، فمنهج الإيكولوجيا الثقافية يتطلب التحليل التجريبي لكل مجتمع قبل إصدار أي تعميمات تتعلق بأوجه الشبة بين الثقافات.
لقد اكتسب المفهوم الشامل للنسق الإيكولوجي (ecosysytem) في الآونة الأخيرة قبولا واسعا بوصفه نموذج النظام العام الكفؤ بما يتضمن من أنشطة الإنسان وفعالياته، فالإنسان يتفاعل مع شبكة الحياة كحيوان ثقافي بدلا من أنه فصيلة بيولوجية، ويسعى الى الحصول على كل تقنية جديد أو استعادة جديدة لأسلوب القديم.
تماثل الإيكولوجيا الثقافية إلى حد كببير الأيكولوجيا البيولوجية في منهجتها عند دراسة التفاعلات بين جميع الظواهر الاجتماعية والطبيعية، وتركز على دراسة النسق المتفاعل الذي يتكون من جزئيين، الأول: يتمثل في الموارد الطبيعية والحياة النباتية، أو الحيوانية والمناخ والأمراض المحلية، واتجاهات حدوثها، وملامح أخرى كثيرة من ملامح البيئة، بينما يتمثل الثاني: من النسق المتفاعل من الثقافة خصوصا استغلال تكنولوجيا التكيف الثقافي مع ارتباطه بملامح البيئة الاجتماعية.
ومن المعروف أن الحضارة الانسانية هي نتيجة لانتصار الإنسان على الطبيعة وقهرها، والهدف من الكفاح الانساني هو أن يخلق عالما جديدا يعارض الطبيعة التي يعمل فيها الانسان على هدم كل ما يتصف بالوحشية من قوة.
إن عظمة الإنسان هي أن يخضع الأرض والسماء ويسيطر على كل ما فيها، رغم كل ذلك فقد تكون للطبيعة الكلمة الأخيرة.
تختلف الإيكولوجيا الثقافية عن الإيكولوجيا البشرية والاجتماعية في سعيها الى تفسير أصل سمات الثقافة الخاصة، والأنماط التي تميز المناطق المحلية بدلا من استخلاص مبادئ عامة تنطبق على أي حالة ثقافية بيئية، وهي تختلف عن التصورات المتطورة المحدثة لتاريخ الثقافة حيث تدخل فيها البيئة المحلية كعامل ثقافي يشير إلى أن الثقافة تأتي من الثقافة. والإنسان يدخل المشهد الإيكولوجي، ليس مجرد كائن حي يرتبط بالكائنات الحية الأخرى، بل إنه يجلب عاملا فوق العضوي الثقافي يؤثر ويتأثر بالشبكة الاجمالية للحياة.

أستاذ مساعد بقسم اللغة العربية وآدابها
في جامعة "عالية كولكاتا"الهندية
[email protected]
آخر الأخبار