الخميس 12 ديسمبر 2024
18°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الاسْتِبْدَاد والاضْطِهاد والتَّخَلُّف الحضاري
play icon
كل الآراء

الاسْتِبْدَاد والاضْطِهاد والتَّخَلُّف الحضاري

Time
السبت 18 نوفمبر 2023
View
85
sulieman

حوارات

"قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ". (غافر 29)
يصاب المجتمع بمرض التخلّف الحضاري عندما يتخلّق أغلبية أعضائه، ويتطبّعون باختيارهم على سلوكيات الاستبداد والاضطهاد وإذلال الآخرين، الأضعف منهم.
وتتغلغل هذه السلوكيات الهمجيَّة في التفكير الجمعي في المجتمع، وتصبح مع مرور الوقت العناوين الرئيسية للتفاعلات وللتعاملات الفردية والاجتماعية والسياسية "الاعتيادية"، ولا يمكن الخروج من مستنقع التخلّف الحضاري ما لم تتم معالجة أسباب، ومظاهر الاستبداد، والاضطهاد في المجتمع، ونذكر منها ما يلي:
-أسباب ومظاهر الاستبداد والاضْطِهاد في المجتمع: تنتشر سلوكيات الاستبداد والاضْطِهاد في المجتمع عندما يروج فيه خطابات تجريد الآخرين المختلفين من سماتهم الإنسانية، وعندما تتفاقم ظواهر الانغلاق الفكري وشحّ النفس، لا سيما عندما يتفشَّى الفساد، بِلا أن يكافح بشكل جاد.
وعندما تستشري أساليب التربية الأسرية السيئة، وعندما يتشرّب التفكير الجمعي الاستبداد السياسي، ويصبح مع مرور الوقت وضعا متكررا لا مَفرَّ منه.
وعندما تتم ممارسة المحسوبية، والمحاباة، والتحيّزات القبلية والطائفية، والمناطقية والطبقية، والفئوية علنًا على حساب الكفاءة والجدارة والمساواة، وعندما تُصبح حرية الرأي والتعبير خطراً يهدد الأمن الوطني، ويجب القضاء عليها بأي شكل من الأشكال! وبسبب تطبّع الأقلية المؤثرة في المجتمع على مميزاتها النخبوية التي تتعارض مع العدالة الاجتماعية.
وعندما تعمّ التقوقعات والولاءات، القبلية والطائفية، على حساب الولاء الوطني، وبسبب تمكن أشرار المجتمع من فرض إراداتهم الشخصية على من هو أضعف منهم وفق أهوائهم من دون أن يوجد من يستطيع ردعهم.
-الخروج من مستنقع التخلّف الحضاري: لا يمكن استبدال الاستبداد والاضطهاد بالحريّة والمساواة الاجتماعية الحقيقية بهدف التمكن من مواكبة ركب الحضارة، ما لم تترسخ بداية في التفكير الجمعي رغبة شبه عامة في اعتناق سبل ووسائل التطوّر، والتقدّم الحضاري، ولا يمكن لهذه الأخيرة أن تصبح جزءا أساسيا في التفكير الجمعي ما لم تبدأ تنتشر في المجتمع أساليب التربية السليمة البنّاءة، لا سيما التي ترتكز على تقدير الذات، ومعرفة الحقوق والواجبات، والاستقلالية الفكرية، والأخلاقيات المدنيّة الحضارية، والتوقّف عن ممارسة سلوكيات التطبيل، والارتزاق، وتقديس الأشخاص.

كاتب كويتي

@DrAljenfawi

د. خالد عايد الجنفاوي

آخر الأخبار