الاقتصادية
البريكست يهدد القطاع المالي البريطاني... ومخاوف هروب تريليون دولار من الأصول
الاثنين 13 يناير 2020
5
السياسة
كان فى استطاعة اي شركة متعددة الجنسيات أن تبيع 5 مليارات سهم في لندن خلال غضون عشرين دقيقة فقط، ويمكن كذلك لشركة ناشئة من الولايات المتحدة أن تلتقي بمستثمرين من الصين من أجل تمويل توسعاتها القادمة بكل سهولة، ولكن اليوم تقف مياه القطاع المالي البريطاني في مواجهة شبح الركود.فمنذ يونيو 2016 حينما أصبح البريطانيون على علم بأنهم سوف يغادرون الاتحاد الأوروبي، جرت مياه كثيرة في القطاع المالي في بريطانيا. فالخبراء الماليون والاقتصاديون منقسمون حول كلفة الخروج من التكتل الأوروبي، وتأثير تلك الخطوة على الاقتصاد البريطاني بشكل عام وعلى القطاع المالي بشكل خاص.يخاف الكثيرون من تأثير البريكست على الصناعة المالية التي تشمل شركات إدارة الأموال، والبنوك، وشركات الائتمان والتأمين وصناديق الاستثمار وشركات الوساطة وغيرها، وذلك انطلاًقا من الدور المهم الذي يلعبه هذا القطاع في الاقتصاد البريطاني، حيث يساهم بما يقرب من 12% من إجمالي الناتج المحلي في المملكة المتحدة، وفي نحو أكثر من مليوني وظيفة.اعتبرت لندن في أوقات كثيرة البورصة الأهم في العالم بعد نيويورك، حتى منافستها مع البورصات الآسيوية الكبرى مثل هونج كونج كانت شبه محسومة ولكن يبدو أن الحال آخذة في التغير بعد البريكست.فمنذ ظهور نتيجة الاستفتاء في منتصف 2016 نقلت أكثر من 300 شركة تعمل في القطاع المالي في لندن مقراتها لدول أوروبية أخرى، يشير أحد التقديرات إلى أن ما يعادل 1 تريليون دولار من الأصول قد يغادر بريطانيا مع تلك الشركات.واعتمد القطاع المالي في لندن طوال السنوات العشرين الأخيرة، على قدرة لندن على جذب المزيد والمزيد من الشركات الكبرى والبنوك التي تساهم بدورها في انتعاش أكبر للقطاع. في ظل تعثر المفاوضات بين بروكسل ولندن حول اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي، وتعثر مفاوضات الحفاظ على تميز القطاع المالي في لندن عن منافسيه في أوروبا والتوقعات الحالية باتجاه الخروج دون اتفاق تتزايد المخاوف حول مستقبل القطاع المالي في لندن. يخاف الكثيرون من هذا المستقبل المظلم لأن الشركات ببساطة تعتمد بشكل رئيسي على خدمات إصدار جوازات السفر لموظفيها ومديريها التنفيذيين مما يضمن حرية وصول هؤلاء لأي جزء من الاتحاد الأوروبي ما دامت لندن عضوًا بالتكتل الأوروبي.على سبيل المثال يمكن لمدير صندوق تحوط، أو مدير استثمار في بنك صيني أو ألماني أو أي شركة عالمية أن ينتقل ببساطة بين دول الاتحاد الأوروبي ولندن دون الحصول على تأشيرة سفر. يقلل هذا من الوقت اللازم لممارسة الأعمال والذي يعني المزيد من الربح، فالوقت في القطاع المالي يمثل ربحًا بحد ذاته،ويخاف الكثيرون من عدم وضوح البنية التنظيمية للقطاع المالي بعد البريكست.النقطة الأخرى التي تخشاها الشركات المالية هي مخاطر التغير الوشيك في قوانين العمل والهجرة الذي من المتوقع أن يتم حسمه بعد اكتمال عملية الخروج. تعتمد لندن في قطاعها المالي على أعداد كبيرة من الأجانب التي من المتوقع أن تتأثر بشدة بقوانين الهجرة الجديدة إذا ما قررت حكومة بوريس جونسون تشديدها.وعلى الرغم من كل تلك التخوفات إلا أن العديد من التحليلات ترجح أن يكون التأثير السلبي للبريكست محدودًا على القطاع المالي، متوقعة أن التأثير السلبي قصير المدى. ونجت لندن كمركز مالي للعالم من الحرب العالمية الأولى والكساد الكبير في الثلاثينيات والحرب العالمية الثانية ونجت كذلك مؤخرا من الأزمة المالية العالمية في 2008، ولذلك ليس من المستحيل أن تنجو من تبعات البريكست، غير أن هذا لن يمر من دون كلفة كبرت أم صغرت على صناع السياسة ورجال الأعمال في مدينة الضباب.