الأحد 01 يونيو 2025
40°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

البسطامي... تاب على يديه 40 لصاً

Time
الخميس 30 أبريل 2020
View
200
السياسة
يحكى أن العارف بالله أبي يزيد البسطامي كان سببًا في توبة لصوص القوافل وقطاع الطرق أثناء ترحاله لطلب العلم، حينما كان غلامًا صغيرًا لرفضه الكذب؛ تنفيذًا لوصية أمه. والبسطامي كما جاء في كتاب الإمام عبد الحليم محمود"أبو زيد البسطامي سلطان العارفين"، هو أبو يزيد طيفور بن عيسى البِسطامِي، من متصوفة القرن الثالث الهجري كان جده زرادشتيًا من أهل بسطام وأسلم، اسمه الفارسي بايزيد، وعرف كذلك باسم طيفور، وله أخوان هما آدم وعلي، وكانا من الزاهدين ورغم ذلك كان أبو يزيد أجلّهم حالاً ومقامًا، وقد تتلمذ على يد شيخ المشايخ أبي الحسن الخرقاني، ومصطفى البكري، شيخ الطريقة الخلوتية، حيث أعطاه عهد الطريقة النقشبندية.
وكان "البسطامي" بارا بوالدته، ويروي أنه قال: "طلبت أمي ماء فجئتها فوجدتها نائمة فقمت أنظر يقظتها، فلما استيقظت قالت: "أين الماء؟" فأعطيتها الكوز، وقد كان سال الماء على أصبعي فجمد عليها الماء من شدة البرد، فلما أخذت الكوز انسلخ جلد أصبعي فسال الدم، فقالت: "ما هذ؟"، فأخبرتها قالت: "اللهم إني راضية عنه فارضَ عنه".
وقيل له بما بلغت ما بلغت ؟ فقال: "أنتم تقولون ما تقولون وأنا أقول برضى أمي"،
وحينما صار شابًا قويًا أراد السفر إلى بغداد لطلب العلم فأعطته والدته أربعين دينارًا هي ميراثه من أبيه وخرجت تودعه، فالتفت الغلام إلى أمه، وقال لها: "أوصني يا أماه"، وقالت له: "ضع يدك في يدي وعاهدني على التزام الصدق فلا تكذب أبدًا"، فعاهدها على ذلك وركب دابته وغاب عن الأنظار وخرج مع قافلة يريد بغداد وفي أثناء الطريق خرج اللصوص ونهبوا كل ما في القافلة وشاهدوا "البسطامي" رث الثياب فقالو: "هل معك شيء؟"، فقال: "معي أربعون دينارًا"، فسخروا منه وحسبوا أنه مجنون وتركوه.
ورجعوا إلى كهف كان به كبيراللصوص ينتظر ما يأتون به من غنائم السطو والسلب والنهب، فلما رآهم قال: "هل أخذتم كل ما في القافلة؟"، قالوا: "نعم إلا غلامًا سألناه عما معه فقال: معي أربعون دينارًا فتركناه احتقارًا لشأنه وظننا أنه مجنون في عقله"، فقال: "أئتوني به"، فلما حضر بين يديه قال: "هل معك شيء؟"، فقال: "نعم معي أربعون دينارًا"، قال: "أين هي؟" فأخرجها الغلام ووضعها بين يديه، وتعجب زعيم اللصوص من صدق الغلام وصراحته، فقال له: "عجبت من أمرك يا غلام، ما رأيت أحدًا يصدق معي إلا أنت.. أمجنون أنت يا غلام؟ كيف ترشد عن نقودك وتسلمها باختيارك؟"، فقال له الغلام: "لقد عاهدت أمي على ألا أكذب أبدًا، فأنا لا أنقض عهد أمي أبدًا وأخاف أن أخالف عهد أمي"، وذهل شيخ اللصوص من هذا الكلام ووقع في قلبه فاخترقه وحرك الإيمان داخله، وقال له: "لا حول ولا قوة إلا بالله، أنت تخاف أن تخون عهد أمك وأنا لا أخاف أن أخون عهد ربي فبئس العبد أنا، بئس العبد أنا.. أمدد يدك يا غلام فإني أشهد الله تعالى أني تبت توبة لا أعصي الله بعدها أبدًا".
وتاب الرجل ورجع اللصوص إليه لا يدرون عنه شيئًا وكانوا أربعين لصًا وجاءوا بما معهم من مسروقات ليتقاسموها أمام رئيسهم، فنظر إليهم، ثم تلا قول الله تعالى: "إنّ الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها"، وقال: "أرجعوا الأموال إلى أصحابها فإنها حرام علينا جميعًا"، فقال له اللصوص: "ما بك يا سيدنا وماذا أصابك؟"، قال لهم: "تبت إلى الله على يد هذا الغلام"، فأتوا إلى الغلام ليسألوه عمّا جرى لسيدهم فأخبرهم بخبره، فقالوا: "نحن أولى بالتوبة من كبيرنا، كان كبيرنا في قطع الطريق واليوم أنت كبيرنا في التوبة تبنا جميعًا إلى الله وتابوا جميعاً وحسنت توبتهم".
ومات أبو يزيد البسطامي سنة إحدى وستين هجرية، وقيل: سنة أربع وستين ومائتين، عن ثلاث وسبعين سنة، ويقال إنه دفن في بسطام.

آخر الأخبار