كل الآراء
البطريرك صفير... صخرة لبنانية
الأحد 12 مايو 2019
5
السياسة
إلياس بجانيغيب الموت أبينا وسيدنا غبطة البطريرك مار نصرالله بطرس صفير الذي كان يعالج في مستشفى لبناني منذ أيام.سيدنا صفير في المفهوم الإنجيلي المسيحي لم يمت، بل هو انتقل من الموت إلى الحياة... الحياة الأبدية حيث لا خوف ولا وجع، بل فرح وسعادة أبديين.جسد سيدنا صفير الترابي هو الذي توقفت فيه الحياة بعد أن استرد الخالق جل جلاله وديعة الحياة منه، فمن التراب جبل جسد الإنسان وإلى التراب يعود.ولكن روح سيدنا صفير هي الآن في السماء تنظر إلى لبنان وأهله من فوق، تصلي لهم وتتضرع من أجل عودة السلام والحريات والإستقلال والسيادة إلى وطن الأرز الذي أحبه سيدنا، وقدم حياته على مذبحه.روح سيدنا صفير الطاهرة هي في السماء محاطة بالملائكة، وبين أيدي الخالق جل جلاله.سيدنا صفير تمم واجباته الإيمانية، والكهنوتية، والكنسية، والوطنية، والإنسانية، وكان طوال حياته تقياً ومؤمناً وشفافاً ومتواضعاً، وحاملاً بعناد رسالة المسيح، ومبشراً بها من دون تعب أو كلل.دائماً كان يشهد للحق ببساطة من دون مواربة، وبكلمات قليلة، ولكن معبرة ونافذة إلى القلوب والعقول والوجدان.لم ييأس يوماً، ولم يُحبط، ولا قل إيمانه، ولا خاب رجاؤه في مواجهة التجارب والصعاب الجسام والشدائد، بل كان دائماً مؤمناً وبثقة صلبة وأكيدة برحمة ومحبة الله.سيدنا صفير كان حارساً أميناً على الكنيسة المارونية، وراعياً أميناً لرعيته، وهو عمل من دون كلل وبحماسة، وصبر، وعناد وصلابة وإيمان على تأمين، وحماية حقوق ووجود كل المسيحيين في لبنان وبلاد الإنتشار عموماً، والموارنة منهم تحديداً.وقف بعناد وكالجبل الشامخ في مواجهة الاحتلال السوري ورموزه المحليين، وكان رأس حربة في إنهاء هذا الاحتلال الغاشم، من خلال لقاء قرنة شهوان السلمي والحضاري العابر للطوائف. صفير رعى مصالحة الجبل، ولم يقطع الاتصالات مع أي شريحة من شرائح وطن الأرز، المذهبية والمجتمعية، ولم يقفل باب الصرح البطريركي بوجه أحد. صفير وبشهادة كثر من اللبنانيين، مواطنين ورجال دين وقادة، كان أباً ومرشداً ومسانداً ومتفهماً للجميع، وقد لاقاه الكل بمحبة، واعترفوا له بفضائله الحميدة، وبرعايته المخلصة، واعتبروه عن قناعة وتجربة وأفعال أباً وصديقاً لهم.في المسيحية لا موت، بل انتقال من الموت إلى الحياة... وسيدنا صفير انتقل اليوم إلى جوار ربه ليكون بمعية وإلى جانب البررة والقديسين.ذكراه العطرة باقية طالما بقيت ذاكرة حية وعرفان بالجميل، وتقدير للكبار والعظماء والبررة عند الموارنة بخاصة، واللبنانيين السياديين والشرفاء والاستقلاليين والوطنيين عموماً.الرب أعطى والرب أخذ، فليكن اسم الرب مباركاً.ناشط لبناني اغترابي