الخميس 24 أبريل 2025
32°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

التجسس على الزوج ... يخنق الحب ويقتل طموح الأبناء

Time
الاثنين 31 ديسمبر 2018
View
130
السياسة
القاهرة - مي مجدي:


كانت المرأة قديما تعبث في ملابس ودفاتر زوجها بحثا عن أي شيء غريب يدل على خيانة لها، وربما يصل الأمر إلى تكليف شخص لمراقبته، ثم تطور الأمر مع ظهور التكنولوجيا فأصبحت تراقب الهاتف المحمول من خلال معرفة الرقم السري ومراقبة الإيميلات وصفحات «الفيس البوك» والاستعانة بالتطبيقات الحديثة التي تساعدها على كشف خيانته لها، كل ذلك بسبب غيرتها التي تصيبها بالشك، فتتحول إلى مخبر يتتبع خطواته ويرصد كل تحركاته، مستعينة بالتكنولوجيا الحديثة وهي جالسة في بيتها.
عن أسباب تجسس الزوجة على زوجها، ودور التكنولوجيا الحديثة في ذلك، وهل يعتبر ذلك أمرا طبيعيا أم مرضا، وكيفية العلاج، كان لـ «السياسة « هذا التحقيق مع عدد من المتخصصين.
تقسم الدكتورة زينب مهدي استشاري الصحة النفسية ومعالج نفسي وأسري الزوجات إلى قسمين، الأول يكون الشك بالنسبة لهن شيئا مستجدا بسبب تصرفات الزوج غير المطمئنة، والتي تجعل الغيرة تدخل قلبها.
والقسم الثاني يتعلق بالمرأة الشكاكة بطبعها وهذا النوع هو الأخطر، لأن الزوجة التي تندرج تحت القسم الأول ترى أن تصرفات زوجها هي السبب والدافع الرئيس في غيرتها وزرع الشك داخلها، مثل تقلب مزاجه بشكل مفاجئ وعلى غير العادة، الابتعاد عنها وهجهرها من دون أسباب،العصبية غير المبررة، عدم مشاركتها في أي شيء وهذا على غيرعادته أيضا.
فتبدأ الزوجة تشك رغما عنها بسبب تصرفات الزوج غير المفهومة ويملأ الشك قلبها وتبدأ في التجسس عليه بإحدى الطرق المعروفة والمستحدثة، سواء من خلال هاتفه الخاص أو صفحته على «الفيسبوك «أو بمكالمات التليفون وهكذا، كل هذه الطرق تبحث الزوجة فيها عن سبب تغيير الزوج معها أو بدافع الفضول وكشف المستور. وهناك مجموعة من البرامج الحديثة التي سهلت على المرأة التجسس والبحث وراء زوجها.
أما المرأة التي تنتمى للقسم الثاني فهي تندرج تحت تشخيص الاضطرابات الشخصية البارانودية،أي الشكاكة التي لا تثق بأحد أبدا، ودائما تشعر بأن هناك من يدبر لها مكيدة أو مصيبة، فتلك الزوجة لا تتجسس لأنها وجدت تصرفات وسلوكيات غريبة من الزوج جعلتها تشك به، بل لأنها في داخلها تعاني من اضطرابات نفسية، وحتى لو لم تجد أي شيء يثبت ما تشعر به، سوف تظل تبحث لأنها لا تشعر بالراحة إلا من خلال الاقتناع بمبدأ الشك من أجل الوصول لليقين.
ورغم أن الوسائل الحديثة سهلت المهمة على الزوجة، لكن إذا أراد الرجل أن يخفي ما يفعله ولا يترك خلفه دليلا، فهناك مئات الطرق التي يستطيع أن يفعلها حتى يمحو أي أثر وراءه.
وفي كل الأحوال يعتبر الرجل مربط الفرس، لأن الزوجة إذا كانت سوية نفسيا وفجأة انتابها شعور بالخوف والقلق من الزوج، فهذا يعني أن الرجل هو السبب الأول، لأنه هو من جعلها تلجأ لأساليب التجسس حتى يطمئن قلبها أو تصل لدليل يثبت إحساسها ويدينه بالخيانة.
مؤكدة بأن القلق والشك، إحساس قاتل وعلاجه الوحيد المواجهة، لأن ذلك الشعور يستنزف طاقة الإنسان النفسية ويجعله يصل لمرحلة الإرهاق النفسي التي تتبعها مرحلة الإرهاق البدني،مع الأخذ في الحسبان أن المرأة القادرة على اتخاذ قرار في حياتها هي فقط من لديها القدرة على المواجهة التي ليست في إمكان كل إنسان، ومن يفعلها لابد أن يكون قويا ومعه أدلة واضحة لكشف الحقائق وإدانة الطرف الآخر.

مجتمع ذكوري
تقول الدكتورة سامية خضر، أستاذةعلم الاجتماع في جامعة عين شمس: هناك مجموعة من الأفكار الخاطئة في المجتمعات الشرقية، من ضمنها أن الرجل يحق له خيانة زوجته ويجب عليها أن تسامحه وتغفر له، وتستكمل باقي حياتها الزوجية للمحافظة على مستقبل العائلة والأبناء، وهذا ما أظهره جليا الأديب الراحل نجيب محفوظ في رواية «بين القصرين» وتعمقه في فكرة المجتمع الذكوري من خلال شخصية السيد أحمد عبد الجواد.
ولكن مع مرور الزمن وظهور أساليب تكنولوجية حديثة أصبح بإمكان المرأة مراقبة زوجها بكل سهولة ويسر من خلال برامج التجسس واكتشاف خيانته. حتى بعد اكتشاف خيانة الزوج، تأتي الموروثات الاجتماعية مرة أخرى لتفرض سيطرتها على المرأة وتجبرها على استكمال الحياة مع رجل خائن حتى لا تخرب البيت، ومن دون معرفة أسباب الخيانة ومحاولة علاجها، وينتهي الخلاف باعتذار هزيل من الزوج ووعد كاذب بعدم تكرار خيانته لها مرة أخرى، وذلك لأنهم لم يتطرقا إلى الأسباب ومحاولة حلها.
تتابع: ساهمت وسائل الإعلام المختلفة بدور رئيس في مساعدة الزوجة على التجسس من خلال ترويج الدراما للوسائل التكنولوجية التي تسهل اكتشاف خيانة الزوج وكشف المستور، بعد أن كانت المرأة قديما تتنصت على زوجها أثناء إجرائه المكالمات التليفونية للتأكد من أن حياته خالية من أي امرأة أخرى، أو مراقبة خط سيره، كما لعبت الخبرات والتجارب بين النساء من خلال المجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي دورا كبيرا في ذلك، مؤكدة أن الحل الوحيد للقضاء على غيرة المرأة والتخلص من برج المراقبة، يتمثل في وجود ثقة متبادلة بين الطرفين بجانب التفاهم المشترك.

مشكلات نفسية
يقول الدكتور أحمد عبد الله، أستاذ الطب النفسي في جامعة الزقازيق: المرأة التي تتجسس على زوجها تعاني في الأغلب من عيوب في الشخصية، حيث تتسم بكونها شكاكة في كل شيء، وليس في زوجها فقط، أي أن الشك جزء لا يتجزأ من شخصيتها، يساعد على ذلك أيضا البيئة التي تحتضن هذا الزواج، ففي المجتمعات الشرقية يعتمد الزواج على الجانب المادي من دون النظر إلى مدى التوافق بين الشخصين ومدى احتواء كل طرف للآخر وإشباعه من الناحية العاطفية، ما يؤدي إلى حدوث فتور مع مرور وقت قليل من الزواج، فتكون الخيانة هي الحل الأفضل والأسهل بالنسبة للزوج لتفريغ طاقته الداخلية والفراغ العاطفي الذي يشعر به مع زوجته، خصوصا الأزواج الذين تتسم دائرة معارفهم بالضيق، كما يتسع مفهوم الخيانة وقد يصل عند الزوج إلى التعدد.
يضيف: العلاقات العاطفية في المجتمعات الشرقية هشة وخالية من النقاشات والحوارات بين الطرفين،مع انعدام الصراحة واللجوء إلى الكذب في كثير من الأحيان، لدرجة أن كل طرف لا يعرف طبيعة شخصية الآخر الذي يعيش معه والأشياء التي يحبها و يكرهها، وهو ما جعل أغلب العلاقات العاطفية مفرغة من الداخل، بالإضافة إلى وجود الشك وانعدام الثقة بين الطرفين، وأمام فقد الطرفين لوسائل التواصل مع بعضهما، يبدأ التجسس والمراقبة لمعرفة الأخبار التي يخفيها كل طرف على الآخر من دون كذب.
لافتا إلى أن الحل الوحيد يكمن في معرفة كل طرف لطبيعة شخصية الآخر وما يحبه وما يكرهه، وكل شيء عنه أثناء فترة الخطوبة قبل الزواج ومحاولة كل طرف احتواء الطرف الآخر والقرب منه، بدلا من أن يصطدم بالواقع والحقيقة بعد الزواج، وبعدها يلجأ إلى الخيانة والتجسس وغيرها من الوسائل غير المرغوب فيها.

أضرار التجسس
تقول بسمة جمال استشاري العلاقات الزوجية والأسرية: تجسس الزوجة على الزوج يؤثر بشكل سلبي على مسار الحياة الزوجية، خصوصا إذا اكتشف الأمر، فهنا تنعدم الثقة بين الطرفين ويبدأ الشك يتوغل في العلاقة، ويكون من الصعب استعادة الثقة مرة أخرى وعودة الحياة إلى طبيعتها، فتصاب الحياة الزوجية بالفتور بشكل يؤثر حتما على الأبناء ومدى استقرار حياتهم ونفسيتهم، مؤكدة أن تجسس المرأة على زوجها قد يدخل إلى تفكيرها أفكارا مغلوطة نتيجة الشك وعدم قدرتها أو خوفها من مواجهة زوجها، فتبدأ هذه الأفكار في السيطرة عليها وتزداد نسبة الشك لديها في زوجها.
مشيرة إلى أن شك المرأة في زوجها قد يتحول إلى مرض، فتصاب بالشك في كل شيء يفعله، جلوسه على الحاسوب أو تحدثه في الهاتف تفسره على أنه خيانة، وقد يصل الأمر إلى الاسترسال في عملية التجسس، فتصبح الهاجس الوحيد لها، وترتفع نسبة الشك في الزوج إلى حد مراقبته وملاحقته في كل مكان يذهب إليه، وهو ما قد يقود العلاقة الزوجية إلى الفشل والطلاق في بعض الأحيان، بسبب انشغال الزوجة عن أسرتها، وعن تلبية احتياجات أبنائها والبحث والتجسس على أشياء ليس لها أساس من الوجود.
وليست كل الغيرة ضارة في العلاقة الزوجية، فهناك غيرة مثل البهارات تعطي للعلاقة نكهة ومذاقا خاصا، وتعتبر اعترافا من الشريك بحبه الشديد للطرف الآخر ورغبته في إظهار الوفاء والالتزام في العلاقة، كما أن الغيرة تظهر مدى تفاهم الشريكين ومعدنهما الحقيقي.
مشيرة إلى أن الغيرة من شأنها أن تشعل نار الحب من جديد بعد مرور فترة زمنية من الزواج، فهي تعتبر وسيلة تدل على الحب وولاء كل طرف للآخر، بل إنها تدفع العلاقة الزوجية إلى الأمام ويمكن أن تدمرها أيضا، وفقا لطريقة التعبير عن هذه الغيرة ودرجة تحملها.

التجسس والأبناء
حول تأثير تجسس الأزواج والغيرة على الأبناء تؤكد الدكتورة هالة حماد استشارية الطب النفسي للأطفال والمراهقين والعلاقات الاسرية، أن الطفل يتأثر بوالديه، فأي موقف يحدث أمام الطفل يشكل حياته وسلوكياته، حيث يتأثر بكل ما يحيط به من طباع وانفعالات والصفات الضمنية التي تحملها كلماتهما ويقلدها، مشيرة إلى أن الوالدين بالنسبة للأبناء هما المثل الأعلى والقدوة بالنسبة لهم، فإذا كانت القدوة تقوم بسلوكيات خاطئة، فلاشك أنه الأبناء سوف يتاثرون بها وتؤثر على حياتهم فيما بعد. ولأن تجسس الأزواج، ينتج عنه الكثير من المشكلات والخلافات التي يكون لها تأثير قوي على الأبناء، وقد تصل الخلافات إلى حد زواج الأب من امرأة أخرى، وهو ما يشكل مأساة بالنسبة للأبناء، فتبدأ المشكلات النفسية تتغلغل داخلهم وتؤثر على حياتهم الدراسية ومستواهم في المدرسة، وقد أكدت دراسات متعددة أن الكثير من الأمراض النفسية والعصبية التي تصيب الأطفال تكون نتيجة خلافات الأب والأم أمامهم، فمثلا حالات التبول اللاإرادي التي يعاني منها الأطفال في الكبر تكون نتيجة الصراع والخلافات التي تحدث أمام الأبناء، مشيرة إلى أن العادات الشرقية الخاطئة جعلت التعبير عن الحب أمام الأبناء من الأشياء المحرمة التي تقع تحت بند «العيب» وهذا لا يشعرهم بالأمان والاستقرار.
تتابع: خلافات الأزواج أمام الأبناء تجعلهم يبحثون عن بديل ويهربون من الأسرة أو ينعزلون عنها تماما، هنا يلعب الأصدقاء دورا في تشكيل الجانب السلوكي للأبناء ما يضعهم في طريق الانحراف، فيتعلمون التدخين والسرقة والكذب وغيرها من السلوكيات المنحرفة نتيجة انعدام دور الأسرة، لذلك يجب ألا تحدث الخلافات بين الزوجين أمام الأبناء، محذرة من استغلالهم في المشكلات الأسرية لكي يقفوا في صف طرف ضد الآخر أو جعلهم شاهدا على الخلافات، لأن ذلك له آثار نفسية خطيرة على الأطفال ويضعهم في موقف صعب للاختيار بين الأب والأم، لذلك لابد أن يضع الوالدان المشكلات جانبا ويهتموا بنفسية أبنائهما وكيفية تربيتهم تربية سليمة.
آخر الأخبار