السبت 26 أبريل 2025
27°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

التعويذة...سحرٌ شوهه الدجالون

Time
الخميس 13 ديسمبر 2018
View
340
السياسة
القاهرة – أحمد القعب:


التعويذة من أهم الوسائل التي يلجأ إليها السحرة لتسخير الجان بهدف استخدامهم في تحقيق أهدافهم الشيطانية وإلحاق الضرر والأذى بالآخرين، إلا أنها باتت وسيلة للنصب من قبل الدجالين والمشعوذين الذين يستخدمون طرقا وأساليب جديدة للحصول على المال، خصوصا في ظل تزايد أعدادهم وفقا لما أشارت إليه بعض الدراسات الاجتماعية ووصل الأمر بإحدى الدراسات تأكيدها على وجود دجال لكل ألف مواطن عربي.
حول التعويذة وكيفية استخدامها وهل هي ادعاءات دجالين أم سحر، أجرت "السياسة" هذا التحقيق:
تؤكد حكمت محمد، ربة منزل، أنها وجدت في يوم من الأيام حجابا بالقرب من باب منزلها، وهو قرطاس من الورد به ثقوب، عليه نقاط دم،بداخله بودرة مطحونة، رائحته أقرب لنبات الشيح في اللون والرائحة، مكتوب عليه بحروف عربية مقلوبة بشكل متقابل. وقد عرضت تلك اللفافة على أكثر من شيخ، فأكدوا أنه عمل شيطاني لإثارة المشكلات، وأنه وضع قبل 5 سنوات من قبل أحد أقاربنا، رفض الشيخ اخبارنا باسمه، وبعد إبطال هذا العمل غادرت المتاعب بيتنا بعد سنوات طويلة من الخلافات الزوجية.

أسئلة الامتحان
يقول أحمد عيسى، طالب جامعي: ذهب أحد زملائي، لأحد الشيوخ لمساعدته في معرفة أسئلة الامتحان، فأشار الشيخ على أرقام صفحات بالكتاب، ليركز عليها، بعدما ردد كلمات غير مفهومة وكتب بعض التعاويذ، ثم طلب 2000 جنيه، بالفعل كانت تلك الصفحات بها أكثر من 70 بالمئة من أسئلة المواد، الغريب أنه ذهب إليه في العام التالي فوجده قد قبض عليه في قضية نصب.

يعرف المخفي
تقول "أ. م"، 34 سنة، موظفة بإحدى الإدارات المحلية: كان لدي خاتم سرق مرة، فاشتريت غيره، لاكتشف سرقته أيضا من أحد الادراج رغم تأكدي أنه في ذلك المكان، ومع سؤالي لكل الجيران والأقارب بحكم دخولهم عندي، نفوا جميعا، فقلت "شغل عفاريت" وذهبت لشخص مشهور بمعرفة المخفي،حكيت له القصة، طلب مني بعض الأشياء التي يحتاجها لتعطي تعاويذه قوة سريعة،فأحضرتها له، وذهبت إليه بعد يومين حسب طلبه، فإذا به يقول ستجدينه في بيت" فلانة " لأنها هي من سرقته، عرضت الأمر على زوجي لأنها قريبته ثم ذهبت إلى أسرتها وابلغت كل أفرادها بأني عرفت من سرق ذهبي بعد أن اكتشفته من خلال الكاميرا المثبتة بالبيت، وإذا لم يرجع الذهب سأنشر الفيديو على النت، لم يمر أكثر من 3 ساعات حتي وجدت طارقا بالباب، فتحت الباب فلم أجد أحدا، بل وجدت كيس بلاستيك به الخاتم ومبلغ 1000 جنيه، كانه بديل عن الخاتم القديم، وقتها تأكدت أن كلام الشيخ ليس بدجل وأن تعاويذه حقيقة.

نصب احترافي
يقول أحمد سامي، موظف بالتأمينات: جاء إلينا أحد الدجالين وقال إن بيتكم تحته كنز وآثار، لم نصدقه، لكنه أقسم على ذلك وأنه لا يحتاج إلا بعض الوقت وبعض الأدوات، اشترينا جزءا منها،بينما حصل على مال ليشتري الجزء الآخر، بعد مرور 3 أيام من تواجده في البيت القديم الخاص بنا، جاء إلينا بتمثال حديدي، أقنعنا أنه استخرجه من البيت، ثم طلب أدوات وأشياء أكثر بمبالغ أكبر لكي تعطي قوة للتعاويذ التي يستخدمها فينجز عمله بأسرع وقت، لم نتردد في إعطائه المال، لكنه فر هاربا، رغم أنه ترك صورة لهويته الشخصية، التي اكتشفنا لاحقا أنها "مضروبة".

تؤثر على القلب
يقول الشيخ عزت إبراهيم، معالج روحاني: التعاويذ هي كل ما يكتب أو يقرأ، يشار إليه بالعقل أو يدار بالروح الداخلية، و يمكن الساحر من التأثير على المسحور بالمرض، الإعياء، التأثير على قلبه، عقله، بدنه، ومنه أيضا ما يفرق بين الزوج وزوجته،بين الأحباء،بين الأقرباء، وكذلك الذي يجعل المسحور يتسبب في الضرر لنفسه. مستشهدا بقوله تعالي"وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ".
وتعتمد التعاويذ على الأرقام وحساب الشهور والأيام والرموز، وقد صدقت هذا التعاويذ في كثير من الأحداث وأثبتت أنه يمكن للمسحور أن يجد غايته التي يمكن أن تكون حلا سريعا لكل مشكلاته، خصوصا التي تنطوي على الطبيعة النفسية، الدفاع عن نفسه من الأعمال التي أصابته من قبل السحرة أو أصحاب النية السوء. ورغم قوة هذه التعاويذ إلا أن الله عز وجل لم يترك داء إلا وكان فيه الدواء، لقوله تعالى "وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله" لأنه لو كان للسحر القدرة من غير أمر وإذن الله، لكان الناس الآن موتى، جوعى، فقراء، يزيدهم هما فوق هم، لأن كل من تسول له نفسه لعمل شيء نتيجة مشكلة، صراع، كره، لمجرد التجربة أن يستخدمه في الشر وتحقيق أطماع من دون وجه حق.
يضيف: كثيرا ما يطلق على الحالة مسمى "ملبوس" وهذا خطأ، فهو مريض مثل باقي مرضى المستشفيات، لكن لبسه الشيطان وأعياه،بمجرد خروج هذا الشيطان من جسده يتحقق الشفاء، دوري هو إيجاد الطرق الصحيحة من السنة والشريعة لطرد الخبائث والشياطين، وإيقاف السحر والأعمال، تحصين النفس والبدن من الشرور، وهذه الأعمال أصبحت سهلة ومتاحة للجميع، أضحت تنتشر بكل وسائل الاتصال من إنترنت وخلافه، ما يفتح الباب على مصراعيه لانتشار التعاويذ والأعمال ووقوع ضحايا أكثر. لافتا إلى أن التعاويذ موجودة ومتنوعة والطلاسم لا حصر لها، لتحقيق الضرر على المقصود أو المستهدف، بينما علوم السحر تسبب ضررا للعامة بمجرد الخوض فيها من دون دراسة، حتى وإن حققت غايتها على المسحور من قبل القائم بالعمل والسحر باحترافية. ويلعب علم الفلك دورا كبيرا في الأعمال السحرية السوداء، التي تعد أخطر الأعمال وأشرسها، فالحسابات هنا ضرورية،كل خطوة يجب أن تكون مدروسة ومعروفة سلفا، عملية بناء السحر الأسود يجب حلها والتخلص منها بنفس طريقة البناء،التي غالبا ما تتخذ من الحسابات الفلكية سبيلا لتحقيقها.

انتشار الجهل
يؤكد الدكتور ثروت الديب، أستاذ علم الاجتماع، كلية الآداب، جامعة المنصورة، إن الجهل هو السبب الرئيس في لجوء الكثيرين للبحث عن تلك التعاويذ، أعمال السحر، حتى أن المثقفين أنفسهم لجأوا لتلك الفئة من شيوخ الدجل، لغياب الإيمان القوي بالله في قلوبهم من جهة، ضعف المجتمعات والحكومات في تحقيق كل الخدمات لتهيئة مناخ صالح متكامل لمواطنيها، حينما لا يجد مريضا علاجه لدى الأطباء، عدم توافر الأجهزة الطبية، ما يدفعه لإيجاد البدائل لدى الدجالين، فيصبح مطواعا مثل الخاتم ليحقق من ورائه الأرباح، رغم أن الشفاء من الله وهو من يأذن بذلك. لافتا إلى أن الإعلام يعد أكثر الوسائل التي تساعد في انتشار تلك الظاهرة السلبية، لذلك استغل الدجالون القنوات الإعلامية لتحقيق مزيد من الأرباح عبر جذب جمهور أكثر، بل وصل بهم الأمر لامتلاك تلك القنوات لتكون منبرا لهم طوال الوقت.
تلك الفئة التي تتجه للدجالين تتسم بضعف الأنفس،لديها طابع هجومي،انطباعات سلبية داخلية تجاه الكثير، أغلب أفرادها يعانون الانعزال عن المجتمع، قليلو الصبر والحيلة، ما يعجل بتوجههم للدجالين، كذلك ضعف الأجهزة الأمنية في سرعة ضبطهم، قلة التشريعات التي تواجه هؤلاء أو عدم تطبيقها. لذلك يجب العمل على انخراط هؤلاء المرضى بالمجتمع، الاستماع اليهم، حل مشكلاتهم، ايجاد مقرات شرعية أزهرية معترف بها من شيوخ متخصصين يلجأ إليها المرضى لإيقاف شرور السحر، لأنهم سيعالجونه بطرق صحيحة،عكس الفئة الأخرى التي تصطنع أدلة وبراهين وحيلا لجني المال.

حرام شرعًا
يقول الشيخ أحمد فهمي التاجر، الباحث الإسلامي، الإمام بالأزهر الشريف: التعاويذ والسحر والشعوذة أمور يرفضها الدين بشكل قاطع، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات. قالوا: يا رسول الله: وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات. متفق عليه، كما أن فك السحر بالعلوم الفلكية، كما يشاع، حرام شرعا لأن ذلك يعد تنجيما عن أمور غيبية، بينما الأمور الغيبية لا يعلمها إلا الله وهو الذي يقدرها للجميعز هناك حالة واحدة يكون فيها التنجيم مباحا من خلال الاستدلال بالحسابات الفلكية لما فيه منفعة للناس، مثل، بداية الأشهر العربية، خصوصا شهر رمضان،فبيان الرؤية يقطع الشك في كل ذلك، بينما التمائم التي تحمل كلمات ورموزا، ما لم تكن نصوصا قرآنية، أضحت شركا، لا بأس من كتابتها ببضعة آيات وحفظها، فالقرآن شفيع للناس، له أجر وثواب.
يضيف: السحر كله تسخير للجن بصنع شيء معين وإن اختلفت الطريقة في تسخيره وطريقة عمل السحر نفسه، وعادة ما يبتكر السحرة وما معهم من شياطين أنواعا جديدة من السحر، تتناسب مع ما يستعمله الناس في كل زمان، كما توجد طرق تتجدد كل حين، مشيرا إلى أن الساحر يختار مادته المناسبة من السحر، ثم يتلو عزائمه السحرية عليها أو يكتب الطلسمات السحرية بطريقته التي تعلمها من شياطينه على أوراق، جلود، معادن، لإحداث التأثير على الشخص المراد سحره، فمنه ما يرش على الثياب، ما يصقل على الحلي، ما يرش عند أبواب البيوت، ما يذرونه في الهواء، ما يربطونه بأجنحة وأرجل الطيور، يكون مقترنا بالحيوانات، ما يدفن في جوف الأرض كالمقبرة والطرق، ما يوضع في ماء، ما يرمى في قاع البحار و الأنهار، يلقى في مجاري المياه، ما يعلق على الأشجار في مهب الرياح، صنعه من أشياء محترقة. كما توجد طرق أخرى مثل أن يعطي الساحر بعض الطعام أو الشراب لإطعامها لشخص، سقيها له، شمها، رشها على ثيابه أو فراشه، هذه الأشياء في غالبها من النجاسات، مثل، دم الحيض البول، لعاب الكلب، دم الميتة، دم الخنزير... الخ.
هناك أيضا سحر هوائي، فكلما مرت عليه الريح زاد تأثير السحر. سحر ناري بوضع في النار أو بالقرب منها. مائـي يرمى في البحار،الأنهار،الآبار، مجاري المياه، ما يترتب على ذلك من هيجان البحر، ترابي يدفن في التراب، كالمقابر،الطرقات،البيوت، كما يوجد سحر مأكول،مشروب،مشـموم،معقـود، منثـور،مرشوش،طلاسم،مرصـود بطلوع نجم، اقتران كوكب بكوكب آخر، ما يؤخذ من أثر الشخص، بل يستخدم البعض الصورة،الإنترنت،شبكات التواصل الاجتماعي،التليفون، في السحر.
وعن عقوبة السحر يقول الشيخ التاجر: السحر من الأمور المعنوية غير الثابتة إذ أنه لا يثبت بأي وسيلة لذلك عقوبة الساحر عظيمة عند الله لأنه قتل معنوي للإنسان غير ثابت في الدنيا و هو من أكبر الكبائر عند الله "فمن صح سحره صح كفره" والله تعالى أشار في قرآنه الكريم بأن تعليم السحر كفر وفتنة ومن يعمل به باع دينه بعرض من الدنيا وليس له في الآخرة من نصيب. كذلك جاءت الشريعة بجلب المصالح ودرء المفاسد، لهذا من القواعد المقررة عند أهل العلم " لا ضرر ولا ضرار "، فما كان تعلمه ضررا لا نفع فيه، فهو محرم لا يجوز تعلمه وتعليمه، بل حذرت المسلمين حتى من مجرد الاقتراب من هؤلاء أو سؤالهم وفقا لما رواه مسلم عن بعض أزواج النبي، صلى الله عليه وسلم، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة". اذن فالنبي صلى الله عليه وسلم بين أن مجرد سؤال الساحر يمنع قبول صلاة أربعين ليلة، هذا دليل على أن هذا العمل حرام شرعًا لا يجوز، بل هو كبيرة من الكبائر، واذا كان هذا حال السائل عن السحر، فكيف بمن يمارسه؟
آخر الأخبار