منوعات
الجرذان... صيام يفوق البشر وحماية ربانية من الجوع
الثلاثاء 07 مايو 2019
100
السياسة
إعداد – أحمد القعب: الصيام لا يرتبط فقط بالإنسان، فهناك كائنات عديدة تصوم وربما لفترات طويلة يعجز عنها الإنسان، فقد تدخل فيما يسمى بـ " البيات الشتوى " الذي تصوم فيه،ليس فقط عن الطعام والشراب ولكن عن الحركة أيضا، وقد يتخذ الصيام أشكالا أخرى بعضها يتصف بالغرابة، في هذه الحلقات نقدم لك عزيزي القارئ غرائب الحكايات في صوم الكائنات، لكي تلمس قدرة الله في خلقه ولكي تدرك أنك لست وحدك الذي تصوم.الجرذ، أحد أنواع القوارض التي تنتمي إلى فصيلة الفأريات، وهو يختلف عن الفأر تماما، فكلاهما له يندرج تحت جنس مختلف رغم كونهما لنفس الأسرة وهي "الفئران"، حيث إن الجرذ يعد أكبر حجما من الفأر ويتمتع بمخالب أقوى، وطبيعة عدوانية أكبر، كذلك أكثر ضررا على البيئة والإنسان، لكونه أحد أسباب الإصابة بمرض "الطاعون"، ومع ذلك له فوائد أهمها الاختبارات العلمية الطبية.والجرذ من الحيوانات التي تتمتع بالقدرة على التحمل والصيام عن الطعام والشراب، وأبرز صيام له هو البيات الشتوي والسُبات حيث لا يتحرك ويظل ساكنا خلال فصل الشتاء، والأشهر ذات الطقس البارد، ويعتمد في طعامه على ما لديه من مخزون ستراتيجي حفظه داخل جسده، ذلك المخزون يمكن أن يمده بالطاقة لفترات تصل إلى 3 أشهر متصلة لا يُقبل فيها على أي طعام، لكنه بين الحين والآخر وتقريبا كل يومين أو ثلاثة يحرص على شرب المياه، لكن هذا الأمر نادر الحدوث، فهناك أنواع كثيرة يمكن أن يمتد سُباتها عن الشراب لفترات مضاعفة تصل إلى شهر إضافة إلى الـ 3 أشهر السابق ذكرها وذلك في فترات القحط وقلة مصادر الشراب.من المعروف عن الجرذ أنه يتميز بكثرة الانجاب في العام الواحد، حيث يمكن أن ينجب قرابة 20 جرذا في المرة الواحدة، علما بأنه يمكن أن ينجب من 5 - 6 مرات سنويا، وفي كل مرة تدخل أنثى الجرذ في نوبة من الصيام يمكن أن تمتد لأسبوعين حيث حضانة الصغار تاركة جميع مظاهر الطعام أو الشراب. تؤكد الدراسات أن هناك نحو 55 نوعا من بين الأنواع الأكثر قدرة على التحمل والصيام عن الطعام والشراب، ويعد الجرذ البني أخطر أنواع الجرذان إذ إنه قادر على التواري عن الأنظار والدخول في نوم عميق لفترات أطول عن باقي الأنواع، ذلك النوم تقل فيه تفاعلاته الداخلية ما يعني استهلاك طاقة أقل ما يؤدي إلى إمكانية البقاء دون الحاجة للمأكولات لفترات أطول. أيضا يمكن للجرذان الصيام عن الطعام بطريقة أخرى، فمع طبيعتها القلقة "شعورها بالخطر الدائم" تكون أغلب تحركاتها ليلاً خشية التعرض للمخاطر، وبالتالي يكون ذلك النشاط الليلي هو للبحث عن الطعام و الشراب، سواء في المنازل أو في الحدائق أو حتى الغابات، حيث تعتمد في نهارها على النوم العميق في شكل مشابه للإنسان أي الصيام نهارا، فهي لا تكترث بالطعام أو الشراب في وضع النهار بقدر اكتراثها بالاستلقاء والنوم والصيام، ليبدأ تحركها مع غروب الشمس وإفطار الصائم وقدرتها لمزيد من الحذر عبر التخفي أثناء البحث عن الطعام.ويساعد الجرذ على السُبات والصيام نهارا أن طعامه متنوع، حيث يتناول اللحوم والبيض والحشرات وحتى الدجاج وصغار الطيور بالإضافة لإمكانية تناول الخضروات والفواكه، ما يعني أن لديه مصادر متعددة تمكنه من الحصول على أكبر قدر من البروتينات، وكذلك الكربوهيدرات داخل جسده ما يعني تكون طاقة دفينة للاستغلال في أوقات القحط والنوم والسُبات. وأكدت الدراسات التي أجريت عليه الجرذ أن له تفاعلات داخلية غاية في الإعجاز، تتمثل في القدرة على مد السُبات الشتوي إلى ضعف المدة، فالمعلوم أن دخول الحيوان إلى مرحلة السكون والسُبات يكون قد تحصل على طعام وشراب بكميات كبيرة، في تلك الحالة تبدأ الدهون في منح الجسم الطاقة الحرارية التي تعيد للجسم حيويته ونشاطه، ومن ثم تبدأ المياه المخزنة لديه في التحرر، فتمنح الجرذ طاقة أخرى للبقاء حيًا مع أحلك الظروف البيئية "البرد". ويرجع ذلك لتحول الماء الحر الذي يحصل عليه الجرذ إلى الماء المرتبط والذي يتفاعل مع غذاء الحيوان المسبق ويجعله أكثر فائدة عبر تكثيف مكوناته ما يعني طاقة مضاعفة وبقاء في الصيام لفترات أطول.