الأحد 14 ديسمبر 2025
19°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء

الجنسية ليست نوط شجاعة

Time
السبت 06 يوليو 2019
السياسة
حسن علي كرم

أنْ يُصدر في كل دورة برلمانية قانون بتجنيس ما لا يزيد عن أربعة آلاف مواطن، فيما لا يتم تجنيس احد إلا اثنين أو ثلاثة وفي أحسن الاحوال عدد أصابع اليد الواحدة، وهؤلاء الثلاثة او الخمسة الذين يتم تجنيسهم ربما يتم ذلك اما بتزكية من نائب او من نافذ، فيما قد لا يستحقون الجنسية، ولكن "شطارة" أولي النفوذ اقتضت الخضوع لطلباتهم ودخول هؤلاء جنة الجنسية الكويتية …!!!
التجنيس في الكويت لا يبدو استحقاقا يتوافق مع قانون الجنسية، بقدر ما بات متاجرة، فالكويتيون في خلال العقدين الاخيرين زادوا بشكل مخيف وغير واقعي، ولكن كيف زادوا ومن اين خرجت الإعداد الزائدة، هل من خلال بُطُون امهاتهم بالولادة الطبيعية، ام من خلال تجنيس المستحقين؟ قطعاً لا هذا ولا ذاك، ويكفي مراجعة أعداد الكويتيين في الخمسين سنة الماضية حتى ترى أن هناك خللاً ووضعاً غير طبيعي يحيق بالكويت وبأهلها.
إن الجنسية استحقاق، وهذا يتطلب وجود شروط حتى يدخل من يستحق الجنسية، إلى مجتمع أهل الكويت وينال شرف الجنسية، ورغم مرونة قانون الجنسية، إلا أن العلة تكمن بعدم التطبيق الصحيح لمواده، إلى جانب غياب الرقابة، والتسييس واستغلالها في المباريات الانتخابية، من هنا نستطيع أن نقول إن الجنسية ضحية الفوضى وورقة للتكسب والمتاجرة، لذلك على المدافعين عن الهوية الكويتية، أن يزيدوا من ضغوطهم، ويمنعوا هذا العبث الذي يطول الجنسية، ويهدد التركيبة السكانية.
قانون الأربعة آلاف الذي يصدره مجلس الامة وتخنع له الحكومة، في الأساس ليس هناك ما يوجب اصدار مثل هذا القانون حتى يسمح للحكومة بالتجنيس، فالحكومة تستطيع تجنيس واحد أو ألف أو مليون دفعة واحدة ودون الحاجة لقانون يصدره البرلمان، لان قانون الجنسية (رقم 15 / 59) لم يحدد عدد الذين يجوز تجنيسهم دفعة واحدة او على دفعات.
الجنسية عبث حكومي واستغلال سياسي، واستمرار هذا الوضع المعيب سوف يشكل كارثة على مستقبل الامن الاجتماعي، لذلك ينبغي وضع الجنسية تحت سلطة مستقلة، وبأيدي مسؤولين تتوافر فيهم شروط الأمانة والوطنية ومخافة الله، فلا ينبغي سلب الناس حقوقهم اذا انطبقت عليهم الشروط ولا ينبغي الإفراط وانفلات اليد ومنح الجنسية لغير مستحقيها.
ورغم كل ذلك، لابد من وقفة ومراجعة جادة، والسؤال اين نحن سائرون؟ وعليه ينبغي ربط التجنيس بالمسألة الاقتصادية، هل الحالة الاقتصادية تسمح للمزيد من التجنيس؟ ذلك أن التجنيس يشكل عبئاً على موارد الدولة، الكويت ليست أميركا ولا كندا ولا ألمانيا أو نيوزيلاندا التي تمتاز هاتيك الدول باقتصاد قوي وأراض شاسعة تحتاج للاستصلاح، من هنا ينبغي وقف التجنيس فترة لا تقل عن عشر سنوات، بغية مراجعة الوضع وإيجاد الحلول للمسائل التي تترتب على التجنيس كالتوظيف وتوفير العمل والإسكان والصحة والتعليم، وما الى ذلك.
الجنسية ليست درعاً او نوط شجاعة يمنح في مناسبات رياضية او أمنية، دون أن يترتب على ذلك حقوقا إضافية، انما الجنسية استحقاق دستوري، الامر الذي يترتب لمانحها حقوقاً على الدولة، في وقت نرى عجز الحكومة عن توفير العمل لآلاف المواطنين وعجزها عن توفير السكن لطالبيه، وعجز يكاد يصبح حالة مستديمة في موازنة الدولة ولجوئها للاقتراض او السحب من الاحتياطي.
نعود ونقول ينبغي ربط الجنسية بالحالة المالية للدولة وبحجم الاقتصاد، ولذا لا ينبغي أن تكون الجنسية ورقة سياسية يلعب بها السياسيون، انما استحقاق وطني، وحق لمن استوفى شروطها.
كاتب كويتي

آخر الأخبار