الأحد 27 أبريل 2025
30°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

الحديبية... بَيْعةٌ وهدنةٌ بلا قتال لعشر سنوات

Time
السبت 16 مايو 2020
View
5
السياسة
غزوات الرسول

إعداد – إيمان مهران:

بعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه من مكة إلى المدينة واستحالة الحياة بمكة المكرمة بسبب إيذاء قريش المستمر للمسلمين، وبعد الاستقرار النفسي الذي حققه المسلمون، أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بضرورة التعرف على المدن والقبائل المجاورة وكذلك الطرق التي تؤدي إلى قريش وغيرها من المدن المحيطة، من أجل إرساء مفهوم الدين الإسلامي ونشرة لدى تلك القبائل المجاورة، فكانت هذه هي الرسالة والعقيدة التي أمر الله بها رسوله الكريم.

شهدت السنة السادسة من الهجرة النبوية وتحديدا شهر ذي القعدة حدثًا عظيمًا بين المسلمين وأهل قريش، بعد ما أراد الرسول و المسلمون أداء مناسك العمرة في بيت الله الحرام بمكة اشتياقا منهم لأدائها ولحنين المهاجرين الكبير لمكة بلدهم، خصوصا بعد أن قص عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى في المنام، بأنه داخل هو وأصحابه المسجد الحرام، وآخذ مفتاح الكعبة، وطائف بالبيت العتيق، ففرحوا بهذه الرؤية فرحًا شديدًا، وتشوَّقت نفوسهم لتلك الساعة، وحسبوا أنهم داخلو مكة خلال وقت ليس بالبعيد.
‏ولكن كيف يتم لهم ذلك وهناك نزاعات وحروب عدة حدثت بينهم وبين قريش منذ أن هاجر النبي (ص) ومن معه من الصحابة إلى المدينة.
أمر النبي صلى الله عليه وسلم بخروج المسلمين إلى مكة قاصدين بيت الله الحرام، فكان معه 1400 من المهاجرين والأنصار، ولأنهم لا يعلمون موقف الكفار من هذه الخطوة فقد أخذوا حذرهم وأسلحتهم معهم ؛ خوفًا من اعتراض الكفار لهم والاشتباك معهم، لذلك لم يكن حملهم السلاح بقصد القتال وانما بهدف حماية أنفسهم مما قد يلاقيهم في الطريق أو من جيش قريش عند دخولهم مكة.
واصل المسلمون تحركهم نحو مكة وعندما وصلوا إلى منطقة " ذي الحليفة" ارتدوا ملابس الإحرام واستعدوا لأداء المناسك التي أمر بها الله، واستمر الحشد في السير وعندما اقتربوا من مكة بلغ قريش قدوم المسلمين إليهم واعتقدوا أنهم يريدون القتال، لكن الرسول (ص) بحكمته وعقله الراشد أرسل الصحابي عثمان بن عفان إلى قريش حتى يطمئن قلوبهم ويخبرهم بأن المسلمين قادمون لأداء مناسك العمرة ولا يقصدون قتالاً، ودعاهم إلى الإسلام.
لكن عثمان بن عفان تأخر في الرجوع إلى المسلمين، فقلق الرسول قلقًا شديدًا عليه؛ خشية من أن يكون المشركون قد رفضوا طلباتهم وقتلوه، وقد أشيع بالفعل أنه قتل وبلغ ذلك رسول الله، فقال‏:‏ ‏" ‏لا نبرح حتى نناجز القوم"‏ ثم دعا أصحابه إلى البيعة، فثاروا إليه يبايعونه على ألا يفروا، ولم يتخلف عن هذه البيعة إلا رجل من المنافقين يقال له‏:‏ جَدُّ بن قَيْس، وقد سميت بـ"بيعة الرضوان". وبعد عودة عثمان إلى المسلمين وهم مازالوا في مكانهم، أرسلت قريش إليهم رجلا يدعى عروة بن مسعود الثقفي يتحدث إليهم ويعرف نواياهم حتى ينقلها إلى قريش، أخبره الرسول (ص) أنه لم يحضر مع أصحابه إلا قاصدين العمرة بمكة، وهذا من أركان الإسلام، مؤكدًا أنه يريد السلام مع قريش ولا يريد قتالاً وعرض عليه الصلح وإقامة بنوده فيما بينهم، فعاد "عروة" إلى أهله قريش وأخبرهم بما تحدث معه مع رسول الله (ص). اقتنعت قريش بالصلح وأرسلوا سهيل بن عمرو لعقد بنود الصلح وسمي بـ"صلح الحديبية"، الذي بدأ بكتابة بـ"بسم الله الرحمن الرحيم"، وكان الاتفاق ينص على: توقف كلّ من المسلمين وقريش عن الحرب لمدّة 10 سنوات، وأن يرد الرسول من يأتيه ليؤمن به من أبناء قريش دون علم أهله، ولكن من أتى قريشاً من المسلمين مرتداً فلا ترجعه قريش إلى الرسول، وعدم الخيانة والسرقة بين الطرفين، ومن أراد الدخول في حلف محمد له ذلك، ومن أراد الدخول إلى حلف قريش له ذلك أيضاً، وعودة النبي ومن معه من المسلمين إلى المدينة، وعدم دخول مكة المكرمة هذا العام، دخول النبي والمسلمين إلى مكة في العام المقبل وأداء مناسك العمرة على ألّا يكون معهم سوى سلاح الراكب المسافر، وأن تكون السيوف في القرب، ولا يجوز أن يخرج أحد من أهل مكة مع الرسول، حتّى إن أراد اتباعه، و يسمح لمن يريد من الصحابة البقاء في مكة والإقامة فيها. بسبب هذا الصلح عاد المسلمون إلى المدينة دون اشتباك مع المشركين ودون دخول مكة لأداء العمرة، لكنهم عادوا بالفعل في العام التالي، ودخلوا مكة وقاموا بأداء مناسكها.
آخر الأخبار