حسن علي كرمبخلاف المعارضة التاريخية التي غابت شمسها جراء الكِبَر والموت وتغيير المواقف والافكار مثل جماعة جاسم القطامي وجماعة الدكتور الخطيب، وباستثناء الجماعات الدينية التي لا ثبات لها على المواقف والمبادئ، وغالباً تتلون كالحرباء وقادرة على تغيير مواقفها من أقصى اليمين الى أقصى اليسار، وباستثناء عودة بعض الغائبين عن المشهد السياسي وحصولهم على المراكز المتقدمة، كل ذلك لا يعني ان المجلس الجديد سيشهد كتلة معارضة صلبة وقوية وانتقامية، لاسيما، وهو الأهم، مع تقاطع المصالح و تعارض المواقف و الافكار، و قد يلتقي الشيعي عدنان عبد الصمد أو حسن جوهر مع شعيب المويزري أو بدر الداهوم وأسامة المناور ومحمد المطير، ولكن الامر المؤكد ان خبرة عدنان الطويلة في العمل السياسي والبرلماني "30 سنة" لن تسمح له بالسير معهم الى اخر المشوار.ومثل ذلك شأن التيارات الدينية وفي مقدمهم الاخوان، علماً بان هناك نوابا دينيين غير ملتزمين بتيار حزبي، فاللحية الكثة المباركة ليست في كل الاحوال بالضرورة تتخذ مواقف معارضة من الحكومة او من بقية الاطياف، بل هؤلاء يرتمون في احضان الحكومة والشواهد السابقة كافية، بل ربما من صنيعة الحكومة، من هنا لا ينبغي ان نخمن او نراهن على ان الحكومة سوف تدخل قاعة عبدالله السالم مجردةً من كل ادوات القوة، ففي كل المجالس السابقة كانت لها القوة الخفية و القوة الناعمة التي كانت وبأريحية تمرر اجندتها، دون ان تخسر موقعاً. في المجلس السابق اوصلت الحكومة مرزوق الغانم الى سدة الرئاسة، على حساب رجل الخبرة البرلمانية والقانونية عبدالله الرومي الذي فضل الاعتكاف والغياب عن المشهد السياسي، ربما وجد انه بعد ثلاثين عاماً من الغمار البرلماني يبقى كافياً ما يفسح الطريق للاجيال الشبابية، هل قارنت الحكومة بين شخصية مرزوق الشبابية والرومي الخبرة ففضلت قوة الشباب على قوة الخبرة، ام لان مرزوق وريث أسرة سياسية وتجارية وامتداد لخاله الراحل جاسم الخرافي، ام لضغوط اخرى ربما لا حاجة لذكرها هنا؟الآن لا شك تدخل الحكومة قاعة المجلس لتدشن فصلاً جديداً من رحلة الف ميل الكويتية التي سارت ستين سنة من المسيرة، لكنها ما زالت حتى الان في الميل الاول، فهل تدخل القاعة وقد وطنت في داخلها تجديد العهد لسليل الاسرة السياسية والمجد التجاري، ام قد يتمخض عندها رأي اخر، فلكل زمان رجاله.
نحن على يقين أن الحكومة لن تغامر على الورقة الخاسرة، لاسيما أن البديل جاهز، والبديل ليس نكرة ولا يحمل سيف المعارضة، بل لعله وزير سابق يظل قريباً من النظام لذلك، هل يبقى بدر الحميدي البديل الناجح، ام هل ينسحب مرزوق من السباق الرئاسي اذا علم ان الاجواء ليست في صالحه؟ انا اظن وربما مجرد تخمين ان السباق الرئاسي سيكون من نصيب بدر الحميدي، فكل أسباب النجاح متوافرة له، سمعة جيدة، وزير سابق، وسطي إصلاحي، وعلاقات اجتماعية واسعة، والاهم طموحه لا يتعدى حدود مسؤولياته، الا انه تبقى الكلمة الاخيرة للحكومة، فهل تعيد عجلة السباق الى الوراء وتضخ بأصواتها واصوات نوابها لصالح مرزوق، ام تترك خيار الاختيار للنواب، والوزراء أنفسهم، هذا مع العلم ان الوزراء اعضاء في المجلس ولهم حق التصويت على كل الموضوعات ما عدا التصويت على طرح الثقة برئيس الوزراء والوزراء. ان الجماهير التي خرجت في يوم ممطر وتحت وابل الجائحة المخيف لتدلي بصوتها وتمكين سفينة الديمقراطية من بدء رحلة مأمولة نحو المستقبل، وهي التي سهرت حتى الهزيع الاخير من الليل ترقباً لنتائج الانتخابات واسماء الفائزين والخاسرين. يبقى على الحكومة ان تقرأ ماذا يعني كل ذلك، وما الوعود التي تستطيع تقديمها لهؤلاء الجماهير المتعطشة لرؤية كويت جديدة وجميلة، خالية من الشوائب والمسالك التي تعيق المسيرة التقدمية التي يتطلع اليها كل كويتي محب ومخلص ولاؤه لهذا الوطن وامله في هذا الوطن.صحافي كويتي
[email protected]