الدب القطبي ... يصوم أربعة أشهر

إعداد – أحمد القعب:


الصيام لا يرتبط فقط بالإنسان، فهناك كائنات عديدة تصوم وربما لفترات طويلة يعجز عنها الإنسان، فقد تدخل فيما يسمى بـ " البيات الشتوى " الذي تصوم فيه،ليس فقط عن الطعام والشراب ولكن عن الحركة أيضا، وقد يتخذ الصيام أشكالا أخرى بعضها يتصف بالغرابة، في هذه الحلقات نقدم لك عزيزي القارئ غرائب الحكايات في صوم الكائنات، لكي تلمس قدرة الله في خلقه ولكي تدرك أنك لست وحدك الذي تصوم.

الدب القطبي أو ما يطلق عليه "ملك القطب المتجمد"، أحد أهم الحيوانات التي أقرت الصيام، وحققت السنة الكريمة ، إذ أن بعض الأنواع من الدببة تصوم لفترة أشهر، وبقدرات يعجز الإنسان عن تحملها، محققة لإرادة المولى عز وجل بقوله تعالى: "وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون "، آية 38 من سورة الأنعام،
فالحيوانات أمم مثل بني الإنسان تؤمر، فما يكون منها إلا الطاعة، لأن ما يأمر به المولى عز وجل فيه حكمة ومنافع لا تحصى منها ثبات الدببة عن الطعام والذي يؤمنها صحيًا ويحافظ على روحها.
من المعروف أن الدببة خاصة القطبية تعيش في مناطق متجمدة تنضب فيها مظاهر الحياة، وتختفي المسطحات المائية ، كذلك تتوارى جميع الحيوانات في بيات شتوي أيضًا لتجد الدببة نفسها فريسة للموت المحتم، ما يجعلها تعمل جاهدة طوال فترة الصيف واعتدال المناخ على تناول أكبر قدر ممكن من الطعام للعمل على تخزين الدهون والشحوم بالجسم في صورة "مخزن طعام"، فتتعمد الأكل حتى في مرحلة الشبع لحين بدء مرحلة الثبات في فصل الشتاء، فتبحث الدببة عن مكان آمن تسكن فيه ولا تقوم بأداء أي دور وظيفي كالمعتاد ، فقط بضع وظائف حيوية من استهلاك لذلك المخزون طوال فترة الشتاء.
وأكدت الدراسات أن الثبات الشتوي للدببة يصل إلى 120 يومًا "4 أشهر" وأكثر من ذلك في بعض الأحيان ، حيث تزداد تلك الأيام إذا ما ازدادت فترة تجمد المياه والمسطحات وعدم اعتدال الطقس، وخلال تلك الفترة يصل الحيوان في ثباته مثل تجمد الجليد حيث يقل التنفس ويقل نبض القلب، ويقل أداء جميع الوظائف الحيوية ، ويدخل الحيوان في نوم عميق يستهدف فيه الحصول على تجنب آمن ضد الصقيع وكذلك تقليل الطاقة المهدرة، حيث يكون صائمًا عن الأكل والشرب ويتغذى ذاتيًا من تلك الشحوم أسفل جلده والمخزنة بالداخل لديه.
وتشير الدراسات إلى أن الدب القطبي أحد سلالات الدب البني، يعيش في المحيط المتجمد الشمالي يملك طبقة جلدية سميكة جدا يصل سمكها إلى 20 سنتيمترًا في بعض الأحيان ، تلك السماكة توجد أسفلها شحوم وطاقة مخزنة من ارتجال الحيوان في الفصول المعتدلة مناخيًا واصطياده لفرائسه والتي على رأسها الفقمة البحرية ، حيث تعد الإناث من الدببة القطبية أكثر تحملا للصيام والثبات خاصة في فترة الحمل.
وأشارت الدراسات أن أكثر ما يساعد الدب في ثباته هو خصوبة ما يتناوله من حيوانات ، إذ إن الحيوان البري أو البحري الذي يأكله إذا تميز باحتوائه على شحوم ، مثل الفقمة ذات الشحوم الكثيرة لذلك يعد تناولها مخزونا جيدًا وممتازًا للثبات الخاص بالدب ، بينما إذا ما كان ما يأكله من لحوم ذات بروتينات أكثر منه شحوم ودهون، كان ذلك بمثابة مصدر شبع مؤقت وثبات مضطرب ، لأن الدب يفقد هنا مصدرا كبيرا من الطاقة التي تؤمن سلامته في وقت صيامه وتوقفه عن الطعام أثناء الثبات.
ويعد ثبات وصيام الدب القطبي مصدرا للحفاظ على صحة الحيوان، خاصة وأن هذا النوع يعتمد كليًا في طعامه على اصطياد الحيوانات وأكل اللحوم الذي يترتب عليه ترسب أحماض من شأنها العمل على تدهور صحته ، فيكون ذلك الثبات حمية طبيعية للحيوان من مشاكل المواظبة على أكل اللحوم، وطارد ممتاز لأي مكونات من شأنها تدهور أدائه ونشاطه الوظيفي. في حين تعد الدببة البنية والأخرى في وسط القارات "من غير المتواجدة بالقطب الشمالي" الأقل صومًا "ذات ثبات شتوي أقل" إذ أن صيامها لا يتخطى أسابيع ويكون ذلك الصيام إما لندرة الاصطياد وهذا سبب قليل الحدوث أو نتيجة المرض فيستهلك الدب ما في جسده من طاقة وينتهي به المطاف إلى الموت، وذلك بعد شهر أو اثنين على الأكثر.

على الهامش:
الاسم: الدب القطبي
الفصيلة: الدبيات
مدة الحمل: 5 إلى 8 أشهر
النظام الغذائي: اللحوم
الموطن: الدائرة القطبية الشمالية
العمر المتوسط: حتى 25 عامًا