د.نجلاء يسيعد الذباب الإلكتروني أو مجموعة الحسابات الافتراضية الوهمية التي يتم تشغيلها إما آليا بواسطة روبوتات أو برامج متخصصة أو من قبل محترفين، بغرض حشد الرأي العام لدولة بعينها، ومن ثم التأثير عليه في فترة زمنية قصيرة، ودفعه للسير تجاه نقطة الالتقاء المرغوب التجمع حولها للعصف بهذه الدولة وزعزعة الثقة بها، تمهيداً لنشر الغوغائية والفوضوية والعبثية بين جنباتها، شكل من أشكال الجيل الرابع من الحروب أو الحرب اللامتماثلة التي عادة ما تخوضها دولة ضد دولة أو جمع من التنظيمات الإرهابية المحترفة المنتشرة حول العالم الهادفة لخلق أزمات افتراضية، ترمي إلى تعليب المجتمعات وقولبتها وتوجيهها أو تغيير مسارها تجاه قضايا بعينها مُقابل تهميش غيرها، أو لإثارة الجدل والمشاكل بكل جوانبها لخلق بيئات تصارعية متنازعة.وتتركز فكرة عمل خلايا الذباب الالكتروني أو ما يعرف بالبوت Bot على تنفيذ مهام متكررة وتلقائية ومكثفة باستخدام نمط النشر الغزير لإنشاء عدد كبير من الحسابات مجهولة الهوية، جاهزة التحرك السريع المبرمج عند الحاجة لإصابة توجهات وآراء غير مرغوب فيها أو لاستغلال حدث ما، بواسطة بث منشورات أو تغريدات متناغمة أو أخبار مفتعلة أو تعليقات مضادة بشكل متكرر، مستغلين مساحة حرية التعبير والانتقاد التي يقدمها عالم الإنترنت دون ضوابط أخلاقية أو قانونية أو معايير مهنية للإيحاء بأنها توجهات الرأي العام الداخلي والخارجي للدولة، لزيادة التفاعل معها من قبل الأشخاص الطبيعيين واستغلالها للتأثير في اتجاهات الرأي العام الحقيقي وقراراته.وتترعرع الجيوش الالكترونية أو من يطلق عليهم المتصيدون "الترولز Trolls" داخل بيئة الفضاء السيبراني الاجتماعية الإنسانية، نظرا لكونها منفذا حرا من منافذ الاتصال والتواصل وبث الأفكار وإقامة الصداقات ونشر الإعلانات، ما يجعل من الرقابة عليها والتحكم بدفتها أمرا في غاية الصعوبة والتعقيد. وتستمد أهميتها كأداة اختراق تكنولوجي فعالة ومؤثرة من قدرتها على الانتشار السريع، والتكاثر الوبائي، وإعادة التداول، والتمدد، والتفاعل، والاستمرارية، والمجهولية، والمباغتة خاصة في ظل غياب المعلومات الدقيقة التي يساعد نقصها على زيادة مساحات الأحداث والتحليلات والتبريرات المختلقة، وما يتبعها من شائعات تفرض نفسها لتعامل معاملة الحقائق المطلقة الواجب تصديقها، هذا الى جانب تصبّغ من يقف ورائها تبعا لنوع القضية والموقع الجغرافي وأهدافه الخاصة.كاتبة مصرية
[email protected]