الجمعة 20 يونيو 2025
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

الرؤيا أخرجت يوسف من السجن وصار عزيز مصر

Time
الثلاثاء 12 أبريل 2022
View
5
السياسة
اصطفى اللهُ من البشر رجالاً، هداهم إلى الحق، طهَّرهم وباركهم، وكلَّفهم بان يكونوا لأقرانهم مُبشرين ومُنذرين، ينقلون إليهم تعاليمه، ويبلغونهم بحلاله وحرامه، ولأنه تعالى عليم بذات الصدور، فقد زوَّدهم بقدرات خارقة لسنن الكون، وأيَّدهم بمواهب خاصة وعلامات تنطق بالقدرة المُطلقة لعلَّها تكون سبباً للتقوى والإيمان، وتلك هي معجزات الأنبياء.

منح الله عز وجل نبيه يوسف القدرة على تفسير الاحلام، وكانت تلك الموهبة سببا في نجاته من الموت داخل السجن، كما كانت سببا في كل ما حظي به من نفوذ لدى ملك مصر، فقد استخدمه فيما بعد في مساعدة اهله على التوطن فيها لعدة قرون قبل ان يعاودهم الحنين الى حياة البداوة في ارض فلسطين. ولد يوسف ونشأ في فلسطين، وبسبب غيرة اخوته من تفضيل ابيهم له دبروا مكيدة للخلاص منه، فبيع في مصر كأحد العبيد، استقر به الحال في قصر نائب الملك ابان احتلال الهكسوس، وعاش لسنوات خادما امينا في حاشية العزيز قبل ان تكتمل رجولته ويهبه الله الوسامة التي تأسر النساء لتهيم به الزوجة العاقر وتسعى لإغرائه بكل السبل ولكنه يأبى مجاراتها في السوء، فتكيد له ويأمر زوجها الضعيف بسجنه وهو يعلم ببراءته. وبعد سبع سنوات حافلة بالأحداث أمضاها في السجن يحتاج الملك لخدماته، فيطلق سراحه ويقربه من العرش ويعّينه قائما على امر مالية البلاد فتصفو له الحياة ويستدعي ابويه وإخوته من فلسطين الى مصر التي يموت ويدفن فيها، ولقصته ومعجزاته سورة مكية باسمه، ترتيبها الثاني عشر في المصحف الشريف وترتيبها في النزول الثانية والخمسين.
نص الله على نبوته عليه السلام في سورتي الأنعام وغافر، وخصص لحياته سورة وحيدة تقص احداثها بلغة عربية بديعة وألفاظ راقية تخلو من الفحش الذي مالت اليه نصوص التوراة المكتوبة عن طريق احبار اليهود، بدأت موهبته في الرؤيا الصادقة في مقتبل العمر، عندما رأى في منامه أحد عشر كوكبًا والشمس والقمر ساجدين له، فذهب إلى أبيه يعقوب وقص عليه رؤيته فعلم تأويلها، ثم اشار عليه بكتمان الامر وتجنب ذكرها أمام إخوته وعددهم أحد عشر حتى لا تشتعل كراهيتهم له، ولكن ذلك لم يمنعهم من التآمر لقتله فاجتمع الإخوة الاشرار، واتفقوا على أن يلقوا أخاهم الصغير في بئر عميقة وتركوه لمصيره المجهول، ثم لطخوا قميصه بدم مصطنع، وذهبوا إلى والدهم يبكون وأخبروه بأن الذئب أكله، ولكن الله اراد ألا يموت يوسف، فعثرت عليه قافلة من التجار متجهة الى مصر فأخرجوه ليبطل كيدهم، وتبدأ رحلته في الصعود والتمكين.
والرؤية الثانية كانت في محبسه بصحبه المجرمين والأشرار، فقد قابل اثنين من خدم الملك متهمين بارتكاب الجرائم وينتظرون الحكم النهائي، فقربت المحنة بينهم وأصبحوا أصدقاء بعدما شاهدا حسن خلق يوسف وصدقه وعاينا قدراته الربانية على تفسير الأحلام، وفي يوم قصّ الفتيان رؤيتهما على يوسف ففسرها لهما بأن أحدهما سوف تظهر براءته ويصبح ساقي الخمر الخاص بالملك، والآخر سيُصلب، وتحققت الرؤيا كما فسرها بعد حين ما زاد من مكانته بين السجناء وسجانيهم سواء بسواء، وهكذا خفف الله عنه الام الصحبة السيئة مع هؤلاء الاشرار.
ثم جاء الموقف الاكبر الذي جعله الله سببا في ظهور براءة يوسف ووسيلة لتمكينه، فقد تكرر حلم ثقيل على الملك صار يراه بشكل متكرر في منامه وعجز الكهنة عن فهمه واقروا له بعجزهم، وفي اثناء هذا المناخ المضطرب تذكر الساقي الغافل كرامات زميله الخادم البدوي في السجن، فطلب من حاشية الملك ان يمنحوه الاذن بزيارته لعله يجد لديه التأويل الذي يلقي قبولهم، وذهب الساقي الى السجن وقص على يوسف الرؤيا، فأخبره أن مصر ستمر بسبع سنين رخاء تجود فيها المحاصيل وتزدهر احوال البلاد والعباد، ثم يأتي بعدها سبع سنين عناء يتوقف فيها الفيضان ويشح الزرع وينضب الضرع، ولم يكتف يوسف بتأويل المنام بل تقدم بالحل ونصح بمصادرة كل ثمار الارض وتخزينها بمعرفة رجال الملك وتوزيعها بقدر معلوم تخفيفا لأثار المجاعة القادمة.
ولما رجع الساقي إلى الملك بهذا التفسير ارتاح له وشعر ان صاحبه على علم وفضل فطلب رؤيته، فاعتذر يوسف عن مغادرة السجن إلا بعد اجراء تحقيق عادل في الاتهام الظالم من زوجة العزيز، وعندما علم الملك بالحقيقة قرر عزل العزيز ومعاقبة زوجته، كما قرر منح يوسف سلطات كاملة لإدارة الازمة، لتتحقق الرؤيا القديمة وتتم له مظاهر الرفعة والتمكين ويجمع ابويه وإخوته ويخروا له سجدا، ويعلو قول الله تعالى (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ).
آخر الأخبار