منوعات
الرقم 6 اقترن بخلق السموات والأرض
السبت 09 أبريل 2022
5
السياسة
(وكل شيء عنده بمقدار)، (وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِيْن)، (لقد أحصاهم وعدهم عدا)، (ولتعلموا عدد السنين والحساب)... إشارات مُبينة في الذكر الحكيم إلى أهمية الأعداد والحساب، تدفع باتجاه تدبُّر مواضع ذكرها، وبيان حكمتها وأسرارها، إذ اشتملت آيات القرآن الكريم على عدد كبير من الأعداد المعروفة بدءاً من العدد "1"، حتى "مئة ألف" ليكون الكتابَ السماويَّ الوحيدَ الذي أفرد جانباً كبيراً من نصوصه للأعداد.كتب - أحمد شحاتة القعب:ورد الرقم (6) في آيات الذكر الحكيم سبع مرات، إذ ذُكر في قوله تعالى في سورة الاعراف (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) 54)، وتشير الى أنه جل في علاه خلق السماوات والأرض في ستة أيام من جنس أيام الدنيا، وقيل بل كل يوم بستة آلاف سنة من سنوات البشر، ولو شاء لخلقهم في لمح البصر، لكنه عز وجل اراد ان يعلمنا قيمة التريث في الامور، ثم استوى على العرش استواء يليق بمقامه وجلاله، فكان في عُلا وارتفاع عما خلق، فالخلق لله تعالى، وله الملك ومنزه عن كل نقص، ومبرأ من كل تشبيه.ويشابه هذا النص الحكيم ما ورد في قوله عز وجل بسورة يونس (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ)، والآية الكريمة تتضمن التأكيد على اتمام عملية خلق الله للسموات والأرض في ستة أيام، لتكريس قيمة التراتبية والنظام بين البشر، بينما الجزء الآخر من الآية يشير إلى أنه تعالى هو من يشفع للناس يوم القيامة فلا شافع غير، وذلك ردًا على المشركين بأن الأصنام ستشفع لهم يوم القيامة. كما ذكر الرقم (6) في قوله تعالى في سورة السجدة (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ)، فالله عز وجل يتخذ من خلق الكون دليلا يسوقه للناس جميعا على قدرته المطلقة وانفراده بالولاية والشفاعة وتدبر الامر، لأن من يملك القدرة على الخلق من عدم، لا شك في انه يستطيع ان يفعل ما يريد في خلقه دون ان يمنعه احد ممن يعبدهم المشركين، وهي رسالة الى كفار مكة وكل من سارعلى نهجهم، بأنه لا شفيع لكم لتجنب النار والنجاة من عذابها، إلا بشفاعة الله عز وجل، كذلك ذُكر الرقم في قوله تعالى في سورة الفرقان "الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا)" 59"، وقد استند عدد من ائمة التصوف الى هذه الآية في منهجهم المعرفي، وصرفوها عن المخاطب وهو النبي لتشمل السالكين والعارفين وفق طريقتهم، وغالى بعضهم فقال بسقوط التكاليف، وان الذوق المباشر والخبرة الذاتية تغني عن الشريعة.وتكرر التأكيد على خلق الكون في ستة ايام في سورة "ق" في قوله تعالى (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ) ويلاحظ ان الجزء الاخير من الآية يتغير في كل مرة متضمنا نتيجة جديدة تتحدث هنا عن تنزيه تام لله تعالى، وإشارة الى ان التعب لم يمسه من قريب او بعيد بسبب هذا العمل الضخم في بناء الكون بمثل هذا التصميم المعجز، وذلك نفيا لزعم اليهود أن الله خلق السماوات والأرض في ستة أيام واستراح في اليوم السابع، اي يوم السبت، فجاءت تلك الكلمات لتكذب افتراءهم.ويروي ابن عباس أن بعض اليهود جاء للنبي صلى الله عليه وسلم، وسألوا عن خلق السماوات والأرض فقال: خلق الله الأرض يوم الأحد والاثنين، وخلق الجبال يوم الثلاثاء، وخلق يوم الأربعاء الشجر والماء، وخلق يوم الخميس السماء، وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر، فقالت اليهود: ثم ماذا يا محمد؟ قال: ثم استوى على العرش، قالوا: قد أصبت لو تممت ثم استراح، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبًا شديدًا فنزلت: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ)"39".