الثلاثاء 29 أبريل 2025
34°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

الريح والشياطين والجن في خدمة نبي الله سليمان

Time
الأربعاء 13 أبريل 2022
View
90
السياسة
اصطفى اللهُ من البشر رجالاً، هداهم إلى الحق، طهَّرهم وباركهم، وكلَّفهم بان يكونوا لأقرانهم مُبشرين ومُنذرين، ينقلون إليهم تعاليمه، ويبلغونهم بحلاله وحرامه، ولأنه تعالى عليم بذات الصدور، فقد زوَّدهم بقدرات خارقة لسنن الكون، وأيَّدهم بمواهب خاصة وعلامات تنطق بالقدرة المُطلقة لعلَّها تكون سبباً للتقوى والإيمان، وتلك هي معجزات الأنبياء.

إعداد - علا نجيب:

لم يكن سليمان عليه السلام نبيا عاديا، إذ حباه الله بمعجزات عدة، ووهبه من الصفات والمواهب ما يؤهله لحكم بني اسرائيل من بعد والده نبي الله داوود، فهو الحكيم بن الحكيم، ومن معجزاته الكثيرة موهبة فهم لغة الطير والحيوان والتحدث معهم بسلاسة كأنه واحد منهم، اضافة إلى تسخير الشياطين والجن، يعملون على راحته ويجدون في تنفيذ أوامره، ولكن تظل معجزة تسخير الريح هى المعجزة الخالدة التى ظلت حلما للبشر الى ان نجحوا في اختراع الطائرات ومركبات الفضاء التى تقوم بوظيفة مشابهة لبساط الريح الذي سخره الله لسليمان قبل نحو ثلاثة آلاف عام، فكانت تحمله إلى أي مكان على الارض في لحظات معدودة.
أوحى الله للنبي داوود أن يولي "سليمان" على أمته خلفا له، ورغم حداثة سنه إذ لم يبلغ آنذاك سوى ثلاثة عشر عاما، لكنه امتاز بالحكمة والفطنة، كما كانت له قدرة على التفريق بين الحق والباطل، وقد ورث تلك الصفات من والده دون باقى اخوته وعددهم بالعشرات، يقول الله تعالى: (ولقد آتينا داود وسليمان علما).
ومن معجزاته مع الريح أنه كان يأمرها أن تسوق الماء إلى الجهة التي يريدها فتطيعه، وكان له بساط عجيب مصنوع من الحرير، يستخدمه في التنقل بين البلاد، يحمل عليه أغراضه من الأمتعة والخيول والرجال، وكانت الطيور تصاحبه في رحلاته حول البساط كي تحميه من أشعة الشمس الحارقة، وكأنها حرس الشرف المرافق للملك العظيم.
وظل طوال مدة حكمه لبني اسرائيل التي بلغت أربعين عاما يحكم بالعدل، ويأمرهم بعبادة الله ولا يشركون به شيئا حتى وفاته بعد الانتهاء من بناء بيت المقدس بأيام معدودة، ولم يلحظ الجن وفاته إلا بعد أن أكل السوس عصاته التي يتكأ عليها.
ورغم رفض احبار اليهود تولي سليمان خلفا لوالده لصغر سنه، لكن الله أيده بمعجزة مبينة، إذ أثمرت عصاه اليابسة من دون باقى عصي اخوته، ما جعله الخليفة الشرعى لداود عليه السلام، ومنذ اللحظة التي تسلم فيها سليمان الملك، دعا الله أن يمن عليه بمعجزات تُعلى ذكره وتدعم قوته بين أهله، كما أراد أن يكون له مُلكا لا ينبغى لأحد من بعده، واستجاب الله لدعواه، ووهبه ملكا عظيما لم يتكرر في تاريخ اليهود.
وكانت معجزة تسخير الريح اولى الجنود التي ساندته ومكنت لسلطته بين قومه، امتازت بأنها كانت قوية لكنها لم تكن تسبب أي أضرار، ومن قوتها أنها كانت تقطع المسافة بسرعة فائقة، قال تعالى: "ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر"، ومن دلائل قدرته على تطويع الريح ورضوخها لأوامره، أنه أمر الجن والشياطين أن يبنوا له بساطا واسعا من الخشب المكلل بشتي أنواع الذهب والحرير، فكان مضربا للأمثال من شدة جماله وتفرده، وكان يتسع لحمل ما شاء سليمان من رجال ومتاع، وكأنه حاملة طائرات تبحر فوق السحاب يتوسطها كرسي العرش المصنوع من الذهب الخالص، الذي يجلس عليه، ومن حوله العلماء والقادة والمستشارين والوزراء فضلا عن زعماء الجن المكلفين بخدمته، فإن انتوى السفر لغزوة، أو لنشر رسالة التوحيد بين الامم المجاورة، أمر الريح ان تحمله للمكان الذي يريده، وكانت الريح أيضا تنقل الكلام والهمهمات التي ينطق الإنس والجن والطير والحيوان.
وحدث ذات صباح في أثناء عودته من أحدى رحلاته، ان مر على بعض الفلاحين وهم يحرثون أرضهم، فنظر نحوه احدهم وقال: "لقد أوتي آل داود ملكا عظيما"، فنقلت الريح كلام الفلاح الى اذن سليمان، فهبط من فوره مع كل الحاشية الى الأرض وسط ذهول الفلاحين، وقال له: لقد سمعت قولك، وجئت إليك حتى لا تتمنى ما لا تقدر عليه، ثم قال له: تسبيحة واحدة يقبلها الله منك خير من الدنيا وما فيها.
آخر الأخبار