الأربعاء 25 يونيو 2025
37°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

السماء... قَسَمٌ يلفت إلى إبداع الخالق وإتقان صنعه

Time
الاثنين 12 أبريل 2021
View
5
السياسة
أشياء أقسم بها الله في القرآن

كتب ـ محمود خليل:

"نزل القرآن الكريم بلغة العرب ومن عاداتهم القسم إذا أرادوا تأكيد أمر، وقد جرى القران الكريم على هذا النحو، فاستخدم صيغا متعددة للقسم، منها ماهو ملموس وما هو معنوي، فما الأشياء التي استخدمها الله تعالى في القسم وما دلالاتها ؟"

السماء
سورة البروج سورة مكية، آياتها 22، وترتيبها في المصحف 85، تقع في الجزء الثلاثين، نزلت بعد سورة الشمس، بدأت بأسلوب القسم: "وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ"، وورد فيها ذكر قصة أصحاب الأخدود.
تعتبر السماء، كل ما يقع فوق سطح الأرض، أي الغلاف الجوي، والفضاء الخارجي، تشير السماء إلى الأجزاء السفلية، والأكثر كثافة، من الغلاف الجوي، ويختلف منظر السماء من سطح الأرض باختلاف الوقت من الليل إلى النهار، وفصول السنة، وحسب حالة الطقس أيضاً، خلال النهار تظهر السماء من الأرض زرقاء عميقة، وعند شروق الشمس وغروبها تظهر صبغات متدرجة من الأحمر والأصفر والبرتقالي.
كان القدماء يعتقدون أن السماء غلاف للأرض لونه أزرق، وإذا جاء الليل يتحول لونه الى السواد، أما في العصر الحديث فتعريف السماء بأنها تشمل الكون بما يحويه من مجرات، نجوم، كواكب، ومادة مظلمة تنتشر في جميع أرجاء الكون وطاقة سلبية تقدر بأضعاف الطاقة المرصودة، وليس لها لون ذاتي، أما اللون الأزرق فهو انعكاس ضوء الشمس على الغلاف الجوي للأرض الذي سرعان ما يتغير إلى البنفسجي عند الغروب أو الشروق، بعدها يصبح أسود، فُترى النجوم والاجرام الأخرى بالعين المجردة، نتيجة اختفاء ضوء الشمس، وانكشاف الغلاف الشفاف الذي يحول بيننا وبين رؤية الفضاء الخارجي، واما السواد فهو المادة الداكنة البعيدة جدا للكون الفسيح.
تكرر معنى السماء في القرآن الكريم في مواضع عدة، فمرة يذكر بصيغة الجمع "سماوات"، ويقصد بها مجموع الكون الذي نعيش فيه، إضافة إلى السموات الست الاخرى التي لم يصل لها العلم إلى وقتنا الحاضر، فحينما تكلم القرآن عن تزيين السماء بالنجوم فانه قصد السماء الدنيا فقط، لقوله تعالى، "وزينا السماء الدنيا بمصابيح"، وهذا يدل على أن السماء الدنيا يمكن اعتبارها الكون المرئي المرصود إلى الآن في العلم الحديث، فالنجوم توجد على نطاق الكون الذي تم اكتشافه الذي يبلغ عمقه بين 8 و13 مليار سنة ضوئية.
اما ما ينشر عن أسماء السماوات السبع وألوانها، فهي معلومات باطلة وكاذبة، لم يخبرنا بها القرآن الكريم، ولم يأتِ ذكر لها في السنة النبوية المشرفة، وبخاصة أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، صعد في معراجه إلى السماء السابعة، ولم يذكر ألوانها، لكنه ذكر ما رأى من سكان كل سماء.
وقد احصى الباحثون عدد مرات ذكر السماء في الذكر الحكيم، فوجدوا انها وردت مفردة 120 مرة، بينما وردت بلفظ الجمع أي السموات 190 مرة، من بينها نيف وعشرون مرة كمصدر لنزول الماء مثل قوله تعالي: "وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ..."، ومثل: "وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا"، كما وردت كمصدر للرزق في قوله تعالي: "وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ" وكمصدر للعقاب ومن ذلك قوله تعالى: "أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ"، ووردت كذلك كساحة للوجود الإلهي الشامل في الكون: "وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ"، اما النص الذي اثار بعض الإشكالات لدى أصحاب الفهم الحرفي فهي تلك المتعلقة بمعني الاستواء منها قوله تعالي في سورة البقرة: "ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ"، وما ورد في سورة فصلت: "ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وهِيَ دُخانٌ"، والراجح لدى اهل السنة والجماعة هو نفي الجهة والجسم عنه تعالي وفهم النصوص، إما بالتأويل وإما بالتفويض.
وقد تعددت آراء المفسرين في القسم القرآني بالسماء، فمنهم من قال إن المقصود منه هو التنبيه إلى روعة خلق السماء، إتقان صنعها، وحسن بهائها، وقال آخرون: إن المقصود النجوم التي تنتشر فيها بتجمعاتها المبهرة، بينما أشار البعض إلى أن المقصود منازل الشمس والقمر عبر تلك النجوم.
آخر الأخبار