الجمعة 16 مايو 2025
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

السمكة الرئوية تصوم أربعة أعوام وتتكيف مع الجفاف

Time
الثلاثاء 21 مايو 2019
View
10
السياسة
إعداد – أحمد القعب:


الصيام لا يرتبط فقط بالإنسان، فهناك كائنات عديدة تصوم وربما لفترات طويلة يعجز عنها الإنسان، فقد تدخل فيما يسمى بـ " البيات الشتوى " الذي تصوم فيه،ليس فقط عن الطعام والشراب ولكن عن الحركة أيضا، وقد يتخذ الصيام أشكالا أخرى بعضها يتصف بالغرابة، في هذه الحلقات نقدم لك عزيزي القارئ غرائب الحكايات في صوم الكائنات، لكي تلمس قدرة الله في خلقه ولكي تدرك أنك لست وحدك الذي تصوم.

السمكة الرئوية إحدى أبرز المخلوقات التي تواجه أقصى جفاف يمكن أن يتحمله كائن ، وذلك بسُبات وتغذية الداخلية والبقاء في حالة صيام إلى فترات طويلة جدًا تصل في بعض الأحيان إلى 4 أعوام ، بحسب الدراسات والأبحاث. هذا النوع من الأسماك ينتشر في المناطق الجافة حول العالم، إذ إنها تتكيف مع البيئة الطبيعية لتلك المناطق وتظل في تحد تام لجميع الظروف البيئية الصعبة، مقدمة بذلك مثالاً حيًا على الصبر والتحمل لكونها تفوق آلاف الأضعاف تحمل بني الإنسان في الصيام.
تبدأ السمكة الرئوية صيامها الأكبر مع بدء موسم جفاف البيئة التي تعيش بها ونضوب مظاهر الحياة فيها وقلة المياه وانخفاض معدل الأمطار، وذلك عن طريق حفر خنادق و"جحور" أرضية يمكن أن يصل عمقها إلى نصف متر للأسفل بفتحة عليا لدخول الهواء حتى تتمكن السمكة من التنفس ، حيث تمتلك السمكة رئة أو رئتين متطورتين ،فضلاً عن الخياشيم التي تمكنها من تنفس الهواء مثل باقي المخلوقات على اليابسة.
ويدعم صيام السمكة الذي يمتد لأعوام حتى هطول المطار، أنها مع سُباتها الأكبر تعمل على إفراز مادة مخاطية حول كامل جسمها بالكامل، تلك المادة تعد عازلا لها عن المحيط ، فتحافظ على السمكة وحيويتها وطاقتها قدر الإمكان ، فضلاً عن عملها في إبطاء كافة العمليات الحيوية وتخفيض معدلات التنفس ، فيقل استهلاك الطاقة إلى الحدود الدنيا لها.
يساعد أيضا الأسماك الرئوية في هذا الصيام الأكبر ،إنها من ذوات الدم البارد ، حيث تغير درجة حرارة جسمها إلى درجات مخفضة، فيؤدي ذلك إلى تقليل إهدار الطاقة بمقدار 5 أضعاف على الأقل عن الوضع الطبيعي ،فتتحول السمكة إلى ما يشبه "الجيفة" ، كل ذلك لدعم قدراتها على التحمل والصبر.
ويعد ذيل السمكة الطويل والمعزز بكميات كبيرة من سلاسل الدهون هو المخزن الرئيسي للسمكة في دعمها وإبقائها حية لأعوام ، ولأن السمكة من آكلات اللحوم حيث تتغذى على الأسماك الصغيرة ، فهي تتحصل على البروتينات والدهون بكميات كبيرة تتحول إلى سلاسل مضغوطة، حيث لا تتفكك تلك السلاسل أبدًا طالما كانت السمكة في المياه ولديها مصادر الغذاء ، ويظل الأمر كذلك حتى يحين موعد تفكك تلك السلاسل مع السُبات عن الطعام بشكل كامل وبدء الجفاف.
وتؤكد الدراسات أن صيام الأسماك الرئوية لا يكون بسبب الجفاف وحسب ، بل هناك عوامل تجبر السمكة على الخروج لليابسة والبقاء صائمة لفترات تصل إلى 24 ساعة رغم وجود المياه ، ومن ضمن تلك الأسباب نقص وجود الأكسجين بالماء ما يدفع السمكة للتنفس من الأعلى ، كما أن خطر الافتراس من قبل أسماك أكبر ضمن تلك الأسباب التي تجبر السمكة على الخروج لليابسة والبقاء صائمة ، كذلك يجبرها على الدخول في جحور أرضية تحت الماء وتظل بها ما قرابته أسبوع تحاشيًا لذلك الخطر المحتم.
ويساعد طول السمكة الذي يصل إلى قرابة مترين لبعض الأنواع في عملية دعم حيويتها ونشاطها طوال فترة السُبات حيث أن الطول يضمن وجود أكبر قدر من الشحوم الداخلية بطول الجسم بجانب مخزن الذيل ، مقارنة بما تهدره السمكة من مقدار ضئيل من الطاقة في الحركة والسباحة.
ومما يدعم صيام الأسماك الرئوية وبقاءها لأعوام دون طعام أو شراب ، قدرتها على الانتفاخ والعمل لتخزين الأكسجين عبر ابتلاع الطين وتقيئه مرة أخرى ، فضلاً عن استخراج كميات من الأكسجين من ذلك الطين والاستمرار في تحد الظروف الصعبة لأطول فترة ممكنة.
ومن الغرائب التي كشفتها الدراسات عن هذا النوع من الأسماك بل ما قد يعجز العقل عن تصديقه أنه عقب ذلك الصيام الأكبر لعدة أعوام بدون طعام أو شراب، تخرج الأسماك الرئوية من جحورها مع بدء هطول الأمطار ووجود المياه وتحرك جسدها وعضلاتها بقوة ونشاط وحيوية كاملين ،وكأن شيئا لم يحدث.

على الهامش
الاسم: سمكة رئوية
شعبة: لحميات الزعانف
النظام الغذائي: الأسماك الصغيرة وعلى القشريات والضفادع والمحار
الموطن: أفريقيا وأمريكا الجنوبية وأستراليا
العمر المتوسط: حتى 100 عام
آخر الأخبار