الأحد 01 يونيو 2025
41°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء

الشتات اليهودي ( الحلقة السابعة)

Time
الثلاثاء 31 يوليو 2018
View
5
السياسة
باسل محمد

بالحسابات الزمنية الرياضية للدين، يوجد تاريخ بشري ما بين 6 أو 7 أو 8 آلاف عام ، أي من النبي الأول آدم الى النبي الأخير العربي محمد . ويوجد فاصل زمني بين النبي محمد و يسوع اقل من 600 عام.
استناداً الى وثائق تاريخية مختلفة بينها وثائق اسرائيلية: ترجح فرضية أن شتات بني اسرائيل ،سيما اليهود منهم الذين فضلوا التلمود على التوراة، بدأ بعد صلب المسيح و انضمام الرومان الى المسيحية خلال 300 عام أو اكثر بقليل من صلب يسوع، بمعنى عمر الشتات اليهودي:
600 عام ( الفترة الفاصلة بين يسوع ومحمد ) + 1439 ( عدد السنين الهجري) = عدد السنوات الميلادي ( 2018 ، اقل بقليل أو اكثر بقليل).
السؤال الجوهري: لماذا اختارت اليهودية، أن يكون شتاتها في أوروبا القوية ( الامبروطورية الرومانية أو روما القديمة في حينها) ولم يختاروا بقعة أخرى؟
بتاريخ المجتمعات البشرية: مجتمعات البوذية كانت موجودة قبل 400 الى 500 عام قبل المسيح، كما أن المجوسية ( الديانة الزرادشت) كانت موجودة أيضاً قبل المسيح ب 1400 الى 1600 عام وكانت هناك تجمعات سكانية أخرى غير روما تمثل خيارات للشتات ،لكن اليهودية اختارت روما بشكل مركز دون غيرها ،اي ثقل الشتات توجه الى أوروبا القديمة.
ما معنى الشتات اليهودي؟ معناه خروجهم من المنطقة العربية لأن مكان بني اسرائيل ضمن الحسابات الجيوتاريخية من أور العراق الى محافظة الشرقية المصرية اليوم ،حيث عاش النبي يوسف و ابوه يعقوب فيما بعد، و الذي يسمى بإسرائيل الى أن وصل بنو اسرائيل الى أرض الكنعانيين و البلستينيين بفلسطين بزمن النبي موسى بعد عبور سيناء على ذكر سيناء، احتلالها في حرب العام 1967 لم يكن اعتباطياً وكان بدافع ديني .
المثير، لم يتحدث أي مرجع تاريخي لا عربي و لا اسرائيلي عن شتات بني اسرائيل داخل المنطقة العربية ، و هذا دليل منهجي على أن بني اسرائيل كانوا جزءًا من المنطقة و شعوبها الكبيرة و كانوا أقلية.
كما أشرنا في الحلقات السابقة من البحث، القاعدة الأخلاقية (1) لا يحق للأقلية انشاء دولة داخل دولة كبيرة و شعب كبير لأن ذلك يعارض مفهوم الدولة نفسها التي تتشكل من مكونات مختلفة. و القاعدة الأخلاقية ( 2 ) لا يحق لسلالة النبوة أن تكون دولة ،و بنو اسرائيل هم سلالة نبوة عظيمة.
في الوقت الحالي: ماذا نفهم من قانون انشاء الدولة اليهودية القومية في فلسطين رغم أن دولة اسرائيل موجودة منذ 70 عاماً؟ يريدون اعترافاً دولياً بأن هذه الأرض لليهود حصراً،و هذا مرتبط بعقدتهم النفسية التاريخية بأنهم اقلية ،و الأقلية لا يحق لها دولة بوجود الأغلبية الساحقة.
للأهمية، جزء مهم من أدبيات اليهودية القبيحة
(الصهيونية) كانت تتحدث عن أن اليهود شعب صغير يعيش بين 300 أو 350 مليون عربي ،ومن بين ما تضمنته هذه الأدبيات الدعاية القائلة: بان العرب سيقذفون اليهود بالبحر . للعلم كل الحركات السياسية العربية كانت تعزز من صحة هذه الدعاية لأنها حركات لا تتقن استخدام منهجية الذكاء في صراعاتها ،و بالتالي لم يجد اليهود اي صعوبة في كسب ود ودعم المسيحية الغربية القوية اقتصادياً و علمياً وعسكرياً،مع وجود مثل هذه الحركات السياسية العربية الغبية.
بشكل مؤكد: في موضوع الشتات اليهودي، لا يمكنهم أن يختاروا مجتمعات البوذية أو المجوسية ،وبالتالي أوروبا هي وجهتهم المثالية للتداخل الموجود بين الإسرائيلية
و المسيحية ،و لأن اوروبا القديمة، فيها امبروطورية قوية.
عملياً: ال 600 عام بين يسوع ومحمد لم تستغل لبناء شتات يهودي في اوروبا القديمة فحسب ،بل استثمرت ايضاً في توسيع الشتات لأنه كان هناك يهود في الجزيرة العربية و في بلاد فارس في ما بعد بعد ظهور الأسلام و حروبه لنشر الدعوة .
على ذكر بلاد فارس، كان قسم كبيرً من العراق ،سيما جنوبه ، واقعاً تحت السيطرة الفارسية اي أن منطقة أور جنوب العراق، كانت من بين المناطق الواقعة تحت هذه السيطرة. وبالنسبة للعراق ، يوجد دائماً اهتمام لافت لليهودية
بهذا البلد الكبير العريق بسبب موطن النبي يعقوب بأور بالطبع.
في هذا السياق، وخلال عملي الإعلامي في العراق بعد العام 2003 قال لي أحمد الجلبي،وهو زعيم عراقي بارز و مقرب من مؤسسات حيوية في الولايات المتحدة بينها اللوبي اليهودي الأميركي الملقب (أيباك) ويعتقد أنه المحرض الأول على غزو العراق ، وجرى الحوار معه في منزله بحي المنصور الراقي ببغداد العام 2005 : الجيش الأميركي كان له هدفان في بغداد: تأمين وزارة النفط و تأمين قصر رئاسي لصدام حسين في شمال بغداد باتجاه تكريت وكان يضم الأرشيف اليهودي.
ما معنى أن يكون الأرشيف اليهودي من الأهداف الستراتيجية للغزو الأميركي للعراق؟ هل لهذا الموضوع علاقة بستراتيجية قانون قيام الدولة القومية اليهودية في فلسطين؟
الخطير جداً في الشتات اليهودي أنه يبحث اليوم عن أكثر من دولة قومية يهودية في فلسطين ، إنه يبحث عن ميراث قد يستخدمه لحروب جديدة أو لتوسع جديد في العالم العربي . ربما يبحث عن الهوية اليهودية للمنطقة و لكن مشكلة اليهودية أنها لو جمعت كل شتاتها في الأرض، تبقى اقلية في المنطقة ،و القاعدة الأخلاقية الدولية و القانونية فحواها : لا يجوز لأقلية بناء دولة بوجود أغلبية.
ان فكرة يهودية المنطقة العربية هي مسألة وقت لأن الجزيرة العربية أيضاً مستهدفة بهذه اليهودية القبيحة المعتدية المدعومة من المسيحة القبيحة للحزب الجمهوري في الولايات المتحدة، فمنطقة الجزيرة شهدت حروباً ضد اليهود في خيبر و المدينة في زمن النبي محمد قبل أكثر من 1400 عام.
بالمقارنة بين الشتات اليهودي و الشتات الفلسطيني: الفلسطينيون اختاروا ثقل شتاتهم في العالم العربي، في منطقة تفيض بالعيوب ونقاط الضعف في نظام القيم ،خصوصا، ومستوى الذكاء في التفكير و في القدرات العلمية ،لأن هذه القدرات هي من تبني الاقتصاديات القوية ،وبالتالي لم ينجح هذا الشتات الفلسطيني كما نجح الشتات اليهودي في بناء مراكز قوة له ومراكز نفوذ له .
المثير للشفقة، بقي الشتات الفلسطيني، شتاتاً رغم مرور 7 عقود وبقي الشتات، لاجئين يتعرضون لأقسى القوانين و الإجراءات في متطلبات واستحقاقات الحياة في غمرة أدبيات مزيفة الأخلاق، لا تكف عن الغزل بالأخوة و العروبة و القضية المركزية لفلسطين.
بصورة حتمية: لو اختار اليهود، شتاتهم داخل العالم العربي ، لن يستطيعوا الحصول على قرية صغيرة لكنهم كانوا أذكياءً و اختاروا أوروبا .
اعلامي وباحث منهجي
آخر الأخبار