تودع الكويت اليوم، وعند الساعة 9 صباحاً بمقبرة الصليبيخات، ابنها البار وحبيبها الفلكي العم د.صالح العجيري الذي منحها وميزها طيلة فترة عمله في علم الفلك، وقدم لها الكثير من الخبرات العلمية ودرب المئات من الطلبة وقدم المعلومات ولم يبخل فيها بما يتعلق بعلمه حتى آخر رمق في حياته. الدكتور العجيري، طيب الله ثراه، يعود إليه تأسيس تقويم العجيري الشهير الذي يتميّز بدقه حساباته، وعاصر الكثير من الأحداث المهمة، وكان شغوفاً بالعلم منذ صغره إلى درجةٍ دفعته للسفر برحلةٍ طويلةٍ ليحصل عليه.العجيري الفلكي الكويتي الأول، يكاد يكون ظاهرة فريدة في نوعها، بذل مجهوداً كبيراً لرفع مستوى علم الفلك في الكويت والمنطقة، من خلال الكتب التي ألفها والمحاضرات والندوات والمؤتمرات التي شارك فيها، وقد تم تكريمه من قبل العديد من الجهات العلمية الحكومية والعالمية.

صالح العجيري في شبابه
البداياتوُلد صالح العجيري في 23 يونيو 1920، في حي القبلة بمدينة الكويت، وبدأ رحلته العلمية من الكتاتيب، حيث تعلم الحساب واللغة العربية والفقه، ثم التحق بمدرسةٍ أسسها والده واستمر فيها حتى العام 1928، ليلتحق بعدها بالمدرسة المباركية ويستمر فيها حتى الصف الثاني الثانوي.عمل بعدها مدرساً في دائرة المعارف في المدرسة الشرقية، قبل أن ينتقل إلى المدرسة الأحمدية.اهتم العجيري بعلوم الفلك منذ نعومة أظفاره، فقد كان يخاف من الظواهر الطبيعية كالرعد واللمع والمطر في طفولته، مما دفعه إلى التعرف إليها أكثر، كما كانت له تجربة في قبيلة الرشايدة، حيث أرسله والده ليتعلم الفصول والمواسم وكل مايتعلق بالطقس، وكانت هذه التجربة سبباً لزيادة اهتمامه بعلم الفلك.لكن فضوله تأجج عندما وقع بين يديه كتاب "المناهج الحميدية في حسابات النتائج السنوية"، فقرأه وفهم قسماً جيداً منه ولكن بعض الأمور استعصت عليه، فقرر السفر إلى مصر ومقابلة كاتبه، وكانت هذه الخطوة الأولى في طريقه حيث التقى بالكاتب في محافظة الشرقية واستفاد من علمه ومعرفته.تتلمذ على يدي عبد الفتاح وحيد، حيث تلقى مبادئ الفلك، ثم التحق بمرصد حلوان، وشهد تأسيس مرصد القطامية، ليبدأ بعدها بالتواصل مع المراصد حول العالم، وكان من أهمها مرصد غرنيتش ومرصد البحرية الأميركية.وقد منحته مدرسة الآداب والعلوم التابعة لجامعة الملك فؤاد الأول في العام 1946 شهادة مدارس المراسلات المصرية، كما حصل العام 1952 على شهادة من اللجنة الفلكية العليا للاتحاد الفلكي المصري تقديراً لأبحاثه.بداية التقويمقدم الدكتور صالح العجيري الكثير من الكتب القيمة في مجال علم الفلك للمكتبة العربية في سنٍ مبكرة حتى أثناء دراسته.ففي العام 1943، قام بطباعة أول تقويم له على أوراق صغيرة لكل شهر، وفي العام 1944 طبع التقويم الثاني على أوراقٍ ملونة في بغداد.في العام 1952، أصدر الدكتور صالح العجيري تقويماً باسمه اعتمدته الدولة الكويتية لاحقاً في جميع معاملاتها الرسمية، كما أنشأ مرصداً فلكياً خاصاً به في بداية السبعينيات، واشترى أجهزته من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا من ماله الخاص.وتقديراً من الدولة لجهود صالح العجيري، منحته جامعة الكويت دكتوراه فخرية في العام 1981، كما مُنح في العام 1988، قلادة مجلس التعاون الخليجي للعلوم.حصل الدكتور صالح العجيري على الكثير من شهادات التقدير والدروع التذكارية، وتم تكريمه في الكثير من المحافل من قبل عددٍ من الجهات المحلية والإقليمية والدولية، تقديراً لعلمه الواسع ومساهماته القيمة في مجال علم الفلك والرياضيات.عالم ومتعلمفضلاً عن علم الفلك، تميّز العم صالح العجيري بإلمامه الواسع بعلوم الجغرافيا والتاريخ والاجتماع والحساب والرياضيات إلى جانب المعارف الأخرى، فقد كان العجيري طالباً يتلقى العلم بدءاً في كُتاب أبيه ثم بالمدرسة المباركية حيث أتم السنة الثانية ثانوي في عام 1940 في ذلك لم يتوفر العدد الكافي لفتح صف جديد بالسنة الثالثة ثانوي وكانت دائرة المعارف في ذلك الوقت في حاجة للمدرسين لذلك فقد تم تعيينه مدرساً عن طريق وزارة المعارف هو وزملاءه مباشرة للتدريس في المدرسة الشرقية في شهر سبتمبر 1942 في الفصل الدراسي 1941 – 1943أحب العجيري مهنة التدريس لما لها من مكانة مرموقة في المجتمع فحرص عليها، بقي في المدرسة الشرقية سنة دراسية واحدة فقط لبعد المدرسة عن منزله الكائن في الصالحية لذهابه إليها مشياً على الأقدام مرتين يومياً ذهاباً وإياباً لكون المداومة على العمل مرتين في الصباح والمساء فطلب نقله إلى المدرسة الأحمدية في الفصل الدراسي 1942 – 1943 لقربها من منزله،في هذه الفترة بدأ عطاء صالح العجيري في تعليم وتربية أبناء الكويت وغرس البحث والاطلاع في نفوسهم، كان راتبه في العمل بالتدريس 47 روبية – حوالي 3 دنانير ونصف – وارتفع راتبه إلى 98 روبية بحدود 7 دنانير كويتية وكان يدرس مواد عديدة منها: الجغرافيا والتاريخ واللغة العربية والحساب، وفي الأحمدية عمل مدرساً للألعاب مع العلم أنه لا يهوى الرياضة أو اللعب، وكونه مدرساً للحساب فذلك يرجع لذكائه وفطنته واهتمامه بتلك المادة.ومن أشهر تلاميذ العجيري في هذه الفترة أمير الكويت السابق صباح الأحمد الجابر الصباحوعن حياته كمدرس قال العجيري: "نصيحتي للمعلم أن يبذل قصارى جهده وأن يتحمل الطلبة، فالمدرس الناجح يستوعب الطلبة ولا يغضب"."السياسة" التي آلمها المصاب تتقدم من أسرة الراحل بأحر التعازي، سائلة المولى العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يلهمهم الصبر والسلوان.
أهم المؤلفات التي قدمها للمكتبة العربية■ علم الميقات ■ كيف تحسب حوادث الكسوف والخسوف ■ خارطة ألمع نجوم السماء ■ دورة الهلال ■ كيف تستدل على الفصول الوجهات الأربع■ جدولة الوقت
الأبحاث المهمة ■ الخطوط والدوائر■ أهمية ميل الشمس■ رصد الكواكب والنجوم■ مداخلات الزمن