منوعات
العدد 11... أحد عشر كوكباً... ورؤية نبي الله يوسف
السبت 16 أبريل 2022
450
السياسة
(وكل شيء عنده بمقدار)، (وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِيْن)، (لقد أحصاهم وعدهم عدا)، (ولتعلموا عدد السنين والحساب)... إشارات مُبينة في الذكر الحكيم إلى أهمية الأعداد والحساب، تدفع باتجاه تدبُّر مواضع ذكرها، وبيان حكمتها وأسرارها، إذ اشتملت آيات القرآن الكريم على عدد كبير من الأعداد المعروفة بدءاً من العدد "1"، حتى "مئة ألف" ليكون الكتابَ السماويَّ الوحيدَ الذي أفرد جانباً كبيراً من نصوصه للأعداد.كتبت - نورة حافظ "إذ قال يوسف لأبيه إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين" (يوسف4).ذكر الله عز وجل العدد 11 في هذه الآية الكريمة فقط، ويتكون من رقمين "واحد و واحد"، ولا يقبل القسمة إلا على نفسه، دليل وحدانية الله الذي لا شريك له.ففي قصة ملهمة فريدة من نوعها لم يرد ذكرها إلا مرة واحدة في القرآن الكريم، حدثتنا "سورة يوسف" عن الصراع الأبدي بين الخير والشر منذ تصارع ولدي آدم وقتل احدهما الآخر، لتكون أول جريمة على الأرض، هي قصة فتور الحب بين الأخوة، وحقدهم على ما أوتى أحدهم ولم يأت مثله غيره.بدأت القصة في بيت عريق من بيوت النبوة، حيث نشأ يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم (عليهم الصلاة والسلام جميعا)، غار أخوة يوسف من أخيهم، وكان عددهم أحد عشر، وأستقر في عقيدتهم أن أباهم يفضله عليهم فأضمروا التخلص منه، فربما خلص لهم وجه أبيهم واستأثروا باهتمامه إذا أُزيح يوسف من طريقهم، وما كان هذا الأمر ليخفى على نبي الله يعقوب. وذات يوم حضر يوسف ليخبر والده انه رأى في نومه أحد عشر كوكبا والشمس والقمر قد سجدوا له، وما كان لمخلوق من مخلوقات الله أن يسجد لبشر إلا بأمر الله، فلما انتهى اشتعل قلب يعقوب خوفا على ابنه المفّضل، فقد بصر تأويلها، وما تكشف عنه من مستقبل عظيم، ومعجزات تنتظر ذلك الطفل، وأدرك ان الله تعالى سيتم نعمته عليه بالنبوة، كما أتمها على اجداده إسحاق وإبراهيم، فأمره أن يكتمها عن اخوته.استطاع أخوة يوسف التخلص منه وإبعاده عن أبيه، مرت الأيام والسنون ويوسف يزداد جمالا في الخلق والملامح حتى فُتنت به زوجة سيده عزيز مصر (وهو منصب مماثل لمنصب الوزير في ايامنا) الذي اشتراه صغيرا، فراودته عن نفسه، لكنه استعصم ورفض اغراءها، فطاردته ومزقت قميصه، ومثلما شهد قميصه الأول بأفك موته شهد قميصه الثانى ببراءة ساحته، فقد مزقته من الخلف دلالة على مطاردتها له، بينما هو يهرب منها.أودع يوسف السجن بقرار من الزوج الظالم حتى ينسى الناس قصة الزوجة الخائنة، ولم يفكر في تأديبها او طلاقها رغم فضائحها المشينة، لأنه كان عنينا على الارجح.في السجن كان الاختبار الذي خاضه يوسف صابرا محتسبا متجها إلى ربه يسأله الفرج، ولم يتوقف عن دعوة رفاقه الى الإيمان، وكان من بينهم خادمين للملك توثقت صلاتهما بيوسف، وأدركا قدرته الفذة على تفسير الاحلام.خرج أحدهما من السجن كما بشره يوسف واعُدم الاخر، ومرت بعدها مدة طويلة، وإذ بالملك يرى رؤيا عجيبة لم يألف المفسرون مفرداتها، فعجزوا عن فهمها، حتى أشار صاحبه في السجن عليهم بيوسف.ذهبوا إليه ففسر لهم رؤيا الملك بطريقة مقنعة، فإذا بالملك يستقدمه على عجل، لكن يوسف تمهل، وطلب إعادة التحقيق ليظهر أنه سُجن ظلما، فنفذ له الملك ما أراد وعزل وزيره ونكل بالمرأة اللعوب، وخرج يوسف من سجنه الطويل راض النفس مرفوع الرأس، ومكن الله له بين الحاشية، فتولى اهم منصب في الدولة.ذات يوم حضر وفد من أخوته لأخذ نصيبهم من الغلال، عرفهم يوسف، ولم يعرفوه، وبعد أحداث عدة علموا أنه أخاهم، كان يوسف قادرا بسلطاته ونفوذه أن ينتقم منهم، لكنه صفح ليجتمع شمل الأسرة، فحضر موكب كبير من فلسطين الى مصر يحمل سيدنا يعقوب وأهل بيته، وخرج يوسف يغلبه الشوق لاستقبالهم وقد أدخلهم مصر دخول الكرام.اجتمعت الاسرة في رغد من العيش لسنوات طويلة في مصر قيل انها عشرين عاما، وليصدق تأويل يعقوب لرؤية ابنه المبكرة من سجود الاحد عشر كوكبا والشمس والقمر له، اي ظهوره عليهم جميعا، وتفضيل الله له من بينهم.