أردوغان انتقد الحرب على غزة العام 2009 لكسب شعبية زائفة من دون المساس بتحالفه مع الاحتلالتركيا وإسرائيل وقَّعتا «الميثاق الشبح» للتعاون العسكري والاستخباراتي وكان موجهاً ضد العربالاتفاقات العسكرية شملت تحديث طائرات و170 دبابة بكلفة 1400 مليون دولارمسرحية أردوغان بانسحابه من قمة دافوس 2009 لم تؤثرعلى الاتفاقيات العسكرية بين تركيا وإسرائيلالمبادلات التجارية بين الكيان وتركيا 4.2 مليار دولار في 2016 ويطمحان لرفعه إلى 10 ملياراتانقرة وتل ابيب وقَّعتا اتفاقية التطبيع في يونيو 2016 تلتها كبوة حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانيةإعداد قسم الدراسات: لا يخفى على المتتبع لطبيعة العلاقات التركية - الإسرائيلية القائمة بين انقرة والكيان الصهيوني منذ العام 1949 وصولا إلى تطبيعها في العام 2016، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان انتهج سياسة التمظهر بنصرة القضية الفلسطينية والمتاجرة بحقوق الفلسطينيين عبر التصريحات الجوفاء في مناسبات عدة، في مسعى لكسب شعبية زائفة بين الجماهير التركية، والعربية، والإسلامية دون المساس بالتحالف القوي مع دولة الاحتلال.التقرير التالي يرصد طبيعة العلاقات المتجذرة بين تل أبيب وأنقرة منذ اعتراف الأخيرة بكيان الاحتلال واعتبار فلسطين وطنا قوميا لليهود، وما استتبع ذلك من توقيع اتفاقات وعقود بمليارات الدولارات في جميع المجالات وانتهاء بتتويج تلك العلاقة بإضافة الخطوط الجوية التركية رحلة عاشرة على جدول الرحلات بين تركيا وإسرائيل في مؤشر يتناقض مع تصريحات أردوغان ضد الكيان الاسرائيلي لاسيما في الحرب على عزة في العام 2009، وفي ما يلي التفاصيل:بدأت العلاقات بين إسرائيل و تركيا في مارس 1949 اي بعد اعلان الكيان الصهيوني باشهر، عندما اعترفت تركيا ثاني أكبر بلد ذات أغلبية مسلمة، بعد إيران عام 1948، بإسرائيل. ومنذ ذلك الوقت، أصبحت إسرائيل هي مورّد السلاح الرئيسي لتركيا. حققت حكومتا انقرة وتل ابيب تعاونًا مهمًا في المجالات العسكرية، والديبلوماسية، والستراتيجية، كما اتفقتا على كثير من القضايا، ففي العام 1958، وقع رئيس الوزراء الإسرائيلي دافيد بن غوريون، ورئيس الوزراء التركي عدنان مندريس، اتفاقية تعاون ضد التطرف ونفوذ الاتحاد السوفياتي في الشرق الأوسط. وفي 1986 عينت الحكومة التركية سفيراً كقائم بالأعمال في تل أبيب، وفي 1991، تبادلت الحكومتان السفراء، وفي فبراير وأغسطس 1996، وقعت تركيا وإسرائيل اتفاقيات تعاون عسكري. ووقع رئيس الأركان التركي الجنرال شفيق بير اتفاق تعاون لتشكيل مجموعة أبحاث ستراتيجية مشتركة، ومناورات مشتركة بين جيشي البلدين، منها تدريب «عروس البحر»، وهي تدريبات بحرية بدأت في يناير 1998، والعملية» أورتشارد» للقوات الجوية لكليهما، كما ان هناك مستشارين عسكريين إسرائيليين في القوات المسلحة التركية، فضلا عن أن تركيا تشتري من إسرائيل الكثير من الأسلحة، وكذلك تساعد إسرائيل على تحديث الجيش التركي من دبابات وطائرات حربية.ورغم التوترات التي تسود العلاقات، إلا أنه لم تلغَ حتى اليوم اتفاقية قيمتها 190 مليون دولار لشراء طائرات من دون طيار، كما لم تلغ التعاملات التجارية المدنية بين انقرة وتل ابيب، امتداداً من قطاع المنسوجات ووصولاً إلى نظم الري، التي كانت تمثل نحو ثلاثة مليارات دولار خلال العام الماضي، وفقا لما قاله محللون تجاريون.ومن الصعب استيعاب الأرقام الكبيرة عندما يتعلق الأمر بعقود الدفاع بين البلدين لكن مصادر عسكرية تركية تقول إن التجارة العسكرية بين انقرة وتل ابيب بلغت في مجملها نحو 1.8 مليار دولار عام 2007. وتزور إسرائيل وفود حكومية وعسكرية تركية بين فترة واخرى، كما يتدرب ضباط وجنود أتراك في النقب على استخدام طائرات تعمل من دون طيار تستخدمها إسرائيل لتعقب مسلحين فلسطينيين في غزة.ورغم أن العلاقات الرسمية التركية- الإسرائيلية بدأت، كما أسلفنا، في مارس عام 1949، وأصبحت تركيا أول دولة ذات أغلبية إسلامية تعترف بإسرائيل كوطن قومي لليهود على حساب الفلسطينيين، إلا أن النظام التركي لا يترك مناسبة إلا ويتاجر بالقضية الفلسطينية بالكلمات الرنانة في محاولة خداع دأب عليها.إن المطلع على طبيعة العلاقات بين تركيا وإسرائيل يجد أنها ظلت قوية منذ بدايتها ولم تتوتر ولو ظاهريا حتى بعد تولي أردوغان الحكم بست سنوات، حين انتقد سلوك إسرائيل خلال الحرب على غزة عام 2009 بهدف كسب شعبية زائفة بين الجماهير التركية والعربية والإسلامية دون المساس بالتحالف القوي مع دولة الاحتلال.لقد عقدت تركيا وإسرائيل اتفاقا سريا وستراتيجيا عرف بـ» الميثاق الشبح» في خمسينيات القرن الماضي، ظل طي الكتمان عقودا من الزمن، وتضمن تعاونا عسكريا واستخباريا وديبلوماسيا، وكانت وظيفته الأساسية موجهة ضد العرب.ولم يقتصر تعاون أردوغان مع الاحتلال الإسرائيلي على الاتفاقيات السابقة لينقل العلاقة مع تل أبيب إلى مرحلة «الستراتيجية»، فحتى مسرحية أردوغان بانسحابه من قمة دافوس في العام 2009، لم تؤثر على الاتفاقيات العسكرية بين البلدين، والتي تجعل من إسرائيل المورد الأول للأسلحة بالنسبة لتركيا.وظلت الاتفاقيات العسكرية التي بدأت بـتحديث «F - 4 فانتوم» تركيا، وطائرات «F - 5» بتكلفة 900 مليون دولار مرورا بترقية إسرائيل لـ170 دبابة» M60A1 « لتركيا مقابل 500 مليون دولاروصولاً للاتفاق الذي يقضي بتبادل الطيارين العسكريين بين البلدين 8 مرات في السنة.وتعتبر إسرائيل واحدة من أهم خمس أسواق تسوّق فيها تركيا بضائعها، حيث بلغت المبادلات التجارية بين البلدين في العام 2016 أكثر من 4.2 مليار دولار لترتفع بنسبة 14في المئة في العام 2017، ففي الربع الأول من ذلك العام ارتفعت الصادرات التركية إلى إسرائيل بنسبة 20في المئة في حين أن الصادرات الإسرائيلية إلى تركيا ارتفعت بنسبة 45 في المئة.ووصل التبادل التجاري بين إسرائيل وتركيا إلى 3.9 مليار دولار سنويا، ويقول مسؤولون إسرائيليون واتراك إنهم يطمحون لرفعه إلى 10 مليارات دولار في غضون السنوات الخمس المقبلة.وفي عام 2013 أشار مدير سلطة الطيران المدني الإسرائيلي إلى» أن شركات الطيران التركية تقوم بأكثر من 60 رحلة جوية أسبوعياً إلى إسرائيل، وتنقل بين إسرائيل وتركيا أكثر من مليون مسافر سنويا، حيث تعتبر تركيا من بين الوجهات المفضلة للإسرائيليين».ورغم التصريحات التي يصدرها مسؤولون أتراك، وعلى رأسهم الرئيس رجب طيب أردوغان ضد إسرائيل، إلا أن السفارة التركية في تل أبيب لا تتوقف عن تنظيم الفعاليات في إسرائيل، فمن معرض للأثاث تنظمه وزارة الاقتصاد التركية في تل أبيب، إلى احتفال السفارة التركية بـ»اليوم التركي» في القدس الغربية، وصولا إلى الاحتفال بعيد «الحانوكاه» اليهودي، يظهر التناقض الكبير بين الأقوال التي يطلقها الأتراك، وبين الأفعال على الأرض.عندما كانت العلاقات التركية- الإسرائيلية في الحضيض، استمر التعاون العسكري والتجاري بين الدولتين، فالتوترات الظاهرية لا تفسر طبيعة العلاقة الستراتيجية بينهما التي تمتد إلى نحو 60 عاما، وأظهر اتفاق المصالحة الذي أعلنته أنقرة وتل أبيب، اخيرا شرط رفع الحصار عن قطاع غزة التي تم الاتفاق عليها.رغم العلاقات التي توترت في السنوات الاخيرة لا تزال تركيا تعتمد على اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة لعرقلة إقرار أي تشريع يعترف بإبادة الأرمن، واستمر الأمر مع تولي حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه رجب طيب أردوغان، كما ساعدت إسرائيل الأتراك في عملية اعتقال زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان عام 1999 في كينيا. وقبلها في العام 1996 وقعت أنقرة وتل أبيب اتفاق الشراكة الستراتيجية، وكانت علنية هذه المرة، وشمل الاتفاق بنود عدة تتراوح بين تبادل المعلومات الاستخبارية والتعاون العسكري والتدريب، وبعد تولي حكومة العدالة والتنمية مقاليد الحكم في تركيا عام 2002، استمر الحزب بالاتفاقات السابقة مع إسرائيل، رغم بعض الانتقادات الإعلامية لاسيما مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية.وقَّع كلٌّ من تركيا وإسرائيل في 28 يونيو2016، اتفاقيةَ تطبيع العلاقات بينهما، وجاءت هذه الخطوة بعد ست سنوات من القطيعة الديبلوماسية، في ظل ظروف إقليمية معقَّدة، شهدت فيها العلاقات توترًا وتصعيدًا من الطرفين، وحسب الاتفاق الذي لم تُعلن بنوده بشكل رسميا، فإن إسرائيل وافقت على دفع تعويضات لعوائل ضحايا الاعتداء على سفينة «مافي مرمرة» وعلى تمكين تركيا من تقديم المساعدات الانسانية لقطاع غزة عبر الموانئ الإسرائيلية، كما ستسهم تركيا في حلِّ أزمة الكهرباء ومياه الشرب في قطاع غزة.ومن الجدير بالذكر أن اجتماع يونيو 2016 قد تلا كبوة حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية، في يونيو 2015؛ اذ رغم تفوق حزب العدالة والتنمية على بقية الأحزاب التركية إلا أنه لم يستطع تشكيل الحكومة بمفرده، وقد فُسِّر حدوث الاجتماع حينها بأنه يندرج في سياق ضرورة العمل على إعادة النظر في السياسة الخارجية التركية في ظل التراجع على المستوى الداخلي، وسبق ذلك تصريح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، للصحافيين على متن طائرته أثناء عودته من زيارة للرياض في يناير 2016، بـ»أن إسرائيل محتاجة لدولة مثل تركيا، كما أن تركيا أيضًا بحاجة إلى إسرائيل».قبل سنوات قليلة عرض إسرائيل على تركيا مشاريع لربط حقول غاز اكتُشفت في البحر المتوسط بساحل جنوب تركيا لتسويق إمدادات الغاز إلى أوروبا، وفي حال قبول الطرفين فإن تركيا ستحصل على أسعار مغرية للغاز، كما ستستفيد من كونها ممرًّا للطاقة إلى أوروبا، فضلًا عن تنويع مصادر الغاز الذي تعتمد فيه على روسيا وإيران بشكل كبير، وإن كان هذا الأمر يحتاج ما لا يقل عن ثلاثة إلى أربعة أعوام لتحقيقه.أمَّا إسرائيل التي تُقدَّر قيمة احتياطات حقول الغاز التي اكتشفتها بمئات المليارات من الدولارات، فإنها تحتاج إلى تأمين أسواق مستورِدة للغاز قبل البدء بعمليات الاستخراج الشاقة والمكلفة، وهي أمام الخيارات المطروحة لن تجد طرفًا أكثر إفادة لمصالحها من تركيا.وفي هذا السياق، يمكن أن نذكر أن محاولات إسرائيل تجاوز تركيا وتأمين بدائل عنها في العلاقات الستراتيجية مع اليونان أو قبرص أو بعض دول البلقان، سواء على الصعيد العسكري أو الأمني لم يُكتَب لها النجاح، كما يمكن الإضافة هنا بأن ملف الغاز سيعمل على رفع مستوى الدور التركي في المنطقة وبخاصة أن هذا الملف له ارتباطات بمصر وبقطاع غزة.اضافة الى ما تقدم فان الأوضاع الداخلية لدى الطرفين، وأمام ضيق الخيارات وتعثر المسار السياسي سواء بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، أو بين تركيا والأكراد، فإن التعاون بين الطرفين سيعمل على تخفيف الضغط، إن لم يكن له دور في التوصل إلى صيغ أفضل، خصوصا بالنسبة لتركيا التي تواجه بالإضافة لسلسلة من التفجيرات معضلة مع حزب العمال الكردستاني ورديفه حزب الاتحاد الديمقراطي الذي لا تتورع الولايات المتحدة عن تقديم الدعم له، مما يضخِّم من مخاوف تركيا المتعلقة بإقامة كيان كردي على حدودها شمال سورية.أمَّا على المستوى الإقليمي، وكما ذُكِر سابقًا، فإن الاتفاق يُعد عاملًا أساسيًّا لتحقيق بعض التوازنات الإقليمية إضافة إلى غيره من عمليات التقارب خصوصا بين روسيا وتركيا التي قد تقود لجولة من المشاورات الواسعة من أجل تحقيق الاستقرار الإقليمي، وفي الملف السوري تحديدًا.وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فإن اتفاق المصالحة مع إسرائيل لا يفيد بتغيير في السياسة التركية تجاه القضية الفلسطينية، أمَّا في ما يتعلق بالعلاقة مع مصر، فإن الدور التركي في القضية الفلسطينية قد يكون له وجه استفزازي للجانب المصري صاحب الدور التاريخي في رعاية عمليات التهدئة وصفقة التبادل، وقد شهد اليوم التالي لإعلان المصالحة التركية-الإسرائيلية الزيارة الأولى لوزير الخارجية المصري، سامح شكري، إلى رام الله للالتقاء مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس. وفي هذا السياق، فإن ثمة رأيًا في إسرائيل أيضًا يرى أن تركيا قد تكون أكثر فائدة من مصر في تحقيق وساطة بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية لا سيما أن تجربة مصر في حرب العام 2014 قد أدَّت إلى إطالة أمد الحرب وهو ما أضَرَّ بالمصالح الإسرائيلية؛ وهذا بدوره قد يشعل تنافسًا تركيًّا مصريًّا حول القضية الفلسطينية.تركيا التي تجمعها علاقات اقتصادية وعسكرية وسياحية، هي الأقوى مع الاحتلال الإسرائيلي، يواصل نظامها بزعامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اللعب على مشاعر المسلمين حول العالم من خلال أقوال باتت مكشوفة للرأي العام، لا سيما أنها لا تقترن بأفعال على الأرض.لا ينفصل لعب أردوغان بالقضية الفلسطينية التي وصفها وزير الخارجية الاسرائيلي يسرائيل كاتس، في حديثه الى صحيفة «معاريف» العبرية قبل عامين بـ»فريمني»، أي الصديق العدو، عن طموحه بالسيطرة على المنطقة العربية على أجنحة تنظيمات الإسلام السياسي المنبوذة. فالوزير الإسرائيلي يشير إلى أنهم لا يأبهون لعنتريات أردوغان ضدهم خلال وسائل الإعلام، طالما أنها لا تمنعه من جعل حجم التجارة عبر حيفا نحو 25 في المئة من تجارة تركيا مع دول الخليج العربي.ويشير إلى أن دولة الاحتلال الإسرائيلي تتعايش مع أردوغان رغم مسرحياته، وهي تعي أنه يعتبر نفسه قائد الإخوان المسلمين بالعالم، ويحاول أن يقود العالم الإسلامي.وعلى عكس البيانات التي تصدرها تركيا وتصريحاتها، وفي مؤشرعلى متانة العلاقات بين الكيان الصهيوني وتركيا أعلنت الخطوط الجوية التركية إضافة رحلة عاشرة على جدول الرحلات ما بين تركيا وإسرائيل في مؤشر يتناقض مع تصريحات أوردوغان ضد الكيان الاسرائيلي.كما حققت انقرة وتل ابيب تعاونًا مهمًا في المجالات العسكرية الديبلوماسية، الستراتيجية، والاقتصادية والتعليمية وغيرها، كما يتفق البلدان حول الكثير من الاهتمامات المشتركة والقضايا التي تخص منطقة الشرق الأوسط.

صورة ارشيفية للقاء بين اردوغان وشيمون بيريس