الغاية من القانون

هاشم صالح الرفاعي

يعرف الفقه أن القانون هو مجموعة القواعد القانونية الملزمة التي تنظم السلوك الاجتماعي في مجتمع أو بلد معين في وقت محدد.
ومن التعريف السابق يتضح بأن الغاية من القانون هو تنظيم السلوك المجتمعي ، وبذلك يجب ان تتصف القاعدة القانونية بكل ما يضمن تطبيق المبادئ الحسنة التي هي من شأنها أن تنظم السلوك المجتمعي في أحسن صورة.
وبذلك فإن القاعدة القانونية مرتبطة بشكل وثيق مع مجموعة من القواعد الأخرى مثل القواعد الأخلاقية والقواعد الدينية والعادات الاجتماعية وغيرها، لذلك فإن القاعدة القانونية قاعدة اخلاقية بطبيعتها، فيجب أن تقرر مبادئ سامية واجبة الاتباع في علاقات وأنشطة افراد المجتمع مكونه ترجمة للمثل السائدة في المجتمع ولايتصور أن تكون القاعدة القانونية سببا لشرعية الفساد بجميع اشكاله وان تقرر مبادئ للفساد والفجور وغيرها من العادات المشينة وذلك لانتفاء الغاية التي وجدت لأجلها القاعدة القانونية، وهي تنظيم سلوك المجتمع.
ومن ناحية أخرى، فإن لكل مجتمع عاداته الاجتماعية التي تصل إلى درجة الالزام في بعض الأحيان، فما تواتر افراد المجتمع على اتباعه في ظروف معينة عما يسود حياتهم من افعال وتصرفات لها قيمة ومثل اجتماعية قد تنشئ قاعدة قانونية تنظم سلوك أفراد المجتمع، ويجب أن ندرك بأن ليس كل عادة اجتماعية قد تكون قاعدة قانونية فهناك من العادات الاجتماعية ما هو بعيد كل البعد عن تنظيم سلوك المجتمع ، وايضا لا يتصور أن تكون القاعدة القانونية معاكسة لعادات اجتماعية تشكل القيم والمثل العليا للمجتمع، كذلك يجب ان تكون القاعدة القانونية مستمدة من مبادئ العدالة فيجب ان تكون القاعدة القانونية عادلة تعطي لكل ذي حق حقه، وفقا لمبادئ الحق والعدالة ، فتنظيم علاقات وتعاملات افراد المجتمع يجب ألا تكون عشوائية ، لذلك فهي يجب أن تكون منظمة للصالح العام في المجتمع.
ولا يجب على القاعدة القانونية أن تمس حرية الأفراد في جوهرها ولكن تنظم هذه الحرية، فالأصل الحرية في التعاملات لذلك فتنظيم الحرية يجب ان يكون له اسبابه المعتبرة والا ستكون القاعدة القانونية قد مست حقا اساسيا للفرد ويترتب عليه خروجها عن الغاية التي وضعت من اجلها وفقدها لقيمتها.
وتشترك القاعدة القانونية مع القاعدة الدينية، فالقواعد الدينية تحث على حسن التعامل وتنهي عن كل ما تعتبره معصية ، ولأن القاعدة الدينية لا تحض الا على الفضائل ولا تنهي الا على ما هو مشين فكان للقاعدة القانونية في سبيل تحقيق غايتها وهي تنظیم سلوك المجتمع ان تكون منسجمة مع القواعد الدينية.
وعند تقرير القاعدة القانونية لعقوبة معينة لفعل معين فيجب ان تكون هذه العقوبة منسجمة مع حجم سخط المجتمع على هذا الفعل لكن يجب عدم الخلط بين تأثير الرأي العام على حادثة معينة، لأن الحديث هنا ينصرف على فحوى القاعدة القانونية وليس على حادثة وقعت بالفعل كذلك فلا يتصور أن تكون هناك عقوبة قانونية لأفعال محمودة مجتمعيا.
وبما أن القاعدة القانونية تنظم سلوك المجتمع فإنها لا يجب أن تقرر مبادئ على هوى من وضعوها ، ويجب أن تكون منسجمة مع القواعد والمبادئ المذكورة سابقا وإلا أصبحـــت القاعدة القانونية عبارة عن لغو بصيغة قانونية .
واخيرا يجب التنويه الى أن القاعدة القانونية وان تعارضت مع القواعد الأخلاقية أو الدينية أو الاجتماعية أو غيرها فهي ملزمة ويجب الالتزام بها من قبل افراد المجتمع وعدم مخالفتها ، ويبقى الحديث عن كيفية العمل على وضع التشريعات وما الطريقة المثلى لإصدار تشريع.

محام كويتي

[email protected]