الأربعاء 26 يونيو 2024
39°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
القضية الفلسطينية تحتاج إلى رجل مثل السادات وليس ميليشيات واحدة تقبل وأخرى تُفجِّر
play icon
الافتتاحية   /   الأولى

القضية الفلسطينية تحتاج إلى رجل مثل السادات وليس ميليشيات واحدة تقبل وأخرى تُفجِّر

Time
الاحد 22 أكتوبر 2023
View
2063
السياسة

كتب ـ أحمد الجارالله:

لا بدَّ من الحديث بصراحة، فما يجري في غزة من كوارث لا يُمكن أن يُطاق، فيما ظهر تجار القضية على الملأ يُحاولون استغلال الدماء في تعزيز استثماراتهم، كقادة "حماس" الموجودين في فنادق الدوحة واسطنبول وبيروت، بينما الناس تموت يومياً في القفص الناري الذي صنعته إسرائيل حولهم.
أربعة هم الذين كانوا على علم بعملية "طوفان الأقصى"، يحيى السنوار، ومحمد ضيف، ومروان عيسى، ومحمد السنوار، وهم الذين يقودون العكسر على الأرض، فيما هنية ومشعل وغيرهما، وفقاً لما تقول المعلومات، أيقظهم مساعدوهم من النوم ليروا على الشاشات ما كان يجري على حدود القطاع.
هذا يكفي لتبيين مدى انفصالهم عن الواقع، وأنهم يستغلون الدم والدمار في زيادة "لهفهم" للأموال من الدول المُساندة، وتضخيم استثمارات إسماعيل هنية التي يُشرف عليها ابنُهُ عبدالسلام.
أما خالد مشعل، وبعد أن أنقذه المغفور له الملك حسين، رحمه الله، فبات يعيش حياة الترف، وبينما كان القطاع يرزح تحت الحصار منذ العام 2008، فإن زواج ابنته فاطمة في العام 2009، بعد الحرب على غزة بثلاثة أشهر، كلف 1.5 مليون دولار، وزواج نجله وليد في العام 2010 نحو مليون دولار.
هذه الملايين التي أنفقها خالد مشعل بمفرده على اللهو، تمثل ميزانية قطاع غزة الرسمية، لكن لمن يفقه، وليس لتجار الدم أمثال هؤلاء الذين يتباهى بعضهم، أن منزله على شاطئ غزة لم يتضرر، كإسماعيل هنية الساكن حالياً في أحد أفخم قصور الدوحة، ولا يتناول إلا الكافيار غالي الثمن، ويستقل أحدث طرازات السيارات.
الفارق بين الأربعة الذين يقودون الحرب في مواجهة إسرائيل، أن أحدهم أصيب ثلاث مرات وفقد إحدى عينيه، كما خسر أولاده، وزجت به إسرائيل سنوات كثيرة في السجن، وهو محمد ضيف، أما يحيى السنوار فقد سجن أيضاً، وعانى مرارة التعذيب، بينما كان قادة الخارج يقودون ثورة التصريحات والبيانات من الفنادق، ويتنقلون بطائرات خاصة، ولهذا فإن قادة الميدان يرون اليوم أن حقهم مهضوم، ودمهم مستباح، بينما مناضلو الفنادق محصنون في الدول التي يقيمون فيها.
سعي قادة "حماس" في الخارج إلى الاستحواذ على القرار ظهر جلياً بانشقاقهم عن منظمة التحرير الفلسطينية، واشتراطهم قيادة العمل الفلسطيني، بدلاً من حركة "فتح"، وراحوا يصدرون البيانات المُخوِّنة لكلِّ الفصائل الأخرى، بدعم من مشغلهم الإيراني، الذي سعى إلى شق الصف الفلسطيني، بالمنوال نفسه الذي فعله في العراق، ولبنان، واليمن، وإثارته الفتنة الطائفية والمذهبية في المنطقة.
لهذا منذ 17 عاماً عمل قادة الخارج على ترسيخ الانشقاق في الصف الوطني، ولهذا نكثوا بـ"اتفاق مكة" في العام 2007، الذي نصَّ على وقف الاقتتال الداخلي، وتشكيل "حكومة وحدة وطنية".
أحياناً لا بدَّ من العودة إلى التاريخ بين الحين والآخر، لتأكيد مدى الانقسام الفلسطيني، وكيف يسيء أصحاب القضية إلى قضيتهم، ولهذا فإنَّ هنية ومشعل والعاروري وغيرهم من سكان الشقق والفنادق الفخمة، تفاجأوا بما جرى في السابع من أكتوبر الجاري، وكي لا يظهروا بمظهر "الذي أخذ على قفاه" كما يقول المثل المصري، حركوا ذبابهم الإلكتروني؛ كي يستعيدوا زمام مبادرة الكذب الإعلامي.
في الوقت نفسه راحوا يُصوِّبون على مصر التي تتحمَّل وحدها عبء مساعدة القطاع في هذه المرحلة، حيث استضافت السبت قمة السلام الدولية، فالقاهرة وحدها تُدرك أنَّ الحلَّ لا يكون بالتصريحات العنترية التي يطلع بها إسماعيل هنية، وخالد مشعل وغيرهما.
منذ سنوات يُدرك القادة العرب سبب البلاء الفلسطيني، وهو الانقسام الذي تسبَّبت به "حماس" الخارج، ولعلَّ مؤتمر السلام -الذي عقد أول من أمس بدعوة من رئيس جمهورية مصر العربية- يكونُ بداية العمل على إقامة دولة فلسطينية، كما فعل المغفور له أنور السادات، رحمه الله.
أي قائد في المعركة يحسب رد الفعل بعد انتهائها، وماذا سيفعل في اليوم التالي، وهذا ما فعله السادات الذي حسبها صح، وذهب إلى السلام بعد الحرب، رغم كل الضجيج العربي يومها، ومقاطعة مصر، إلا أن العرب عادوا بعد ثلاثين سنة إلى قاهرة المعز.
حين تتوحد كلمة الفلسطينيين ويعرفون ماذا يريدون، عندها يمكن أن تكون هناك دولة فلسطينية، أما إذا استغلَّ كلُّ فريق منهم الأحداث للمتاجرة بدم الأبرياء فإننا سنكون أمام حرب المئة عام التي لن تنتهي إلا بالجلوس إلى طاولة المفاوضات، لهذا نسأل قادة "حماس" في الخارج: مَن الملوم في ما حدث؟
يبقى القول: إنَّ القضية الفلسطينية بحاجة إلى رجل مثل أنور السادات، الذي إذا قال فعل، وليس قادة ميليشيات إذا قبل أحدُهم بمبادرةٍ رفضها الآخر، فيما يقبضون ثمن مواقفهم مالاً مُغمَّساً بالدم.

آخر الأخبار