الثلاثاء 13 مايو 2025
31°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
القلم يستحي من معاودة الكتابة
play icon
كل الآراء

القلم يستحي من معاودة الكتابة

Time
الاثنين 11 ديسمبر 2023
View
96
sulieman

شفافيات

لست أدري بأي مشهد ابتدي كتابتي، ولست أدري بأي حدث افتتح مقالتي هذه، بعد غياب معنوي عن الكتابة، التي هي دم قلبي وعقلي وفكري.
فالمشاهد التي احاطت بحياتنا، واوقفت الدم في عروقها خجلا وأسفا وتعذيبا، وأثرت على مجرياتها.
مشاهد يصعب وصفها، مشاهد يندى لها جبين كل من كان في قلبه مثقال ذرة من إنسانية، وكرامة، وغيرة مشاهد دموية مرعبة غاية الارعاب.
دماء، واشلاء، وعويل، وبكاء، وبيوت تتهدم على رؤوس ساكنيها، وجثث اطفال ونساء، وشيوخ وشباب، تسحب من تحت هذه الانقاض، وقبور جماعية، وجثث مسطرة من كل الاعمار تنتظر فراغ الجرافات من حفر القبور الجماعية لها.
وطائرات للعدو الصهيوني تدور… وتدور في محيط مدينة عرضها نحو ثمانية كيلو مترات، هي غزة، تلقي عليها اطنانا من كل أنواع القنابل والمتفجرات، ولا يكتفي العدو بهذا، بل انه يطالب الحكومة الاميركية ان تمده بأنواع أخرى متطورة من قذائف الدبابات، والكونغرس الاميركي يوافق؛ اي انه يوافق على الاستمرار في مجازر الكيان الصهيوني ضد البشرية والانسانية في فلسطين، وهذا كله جزء من مشهد واحد متكرر، تراه اين ما اتصلت وتواصلت مع وسائل الاعلام ايا كانت.
ومشهد آخر مخز، وذليل، ومذل، ذلك التخلي الحكومي العربي عن الوقوف على الاقل بوجه المذابح ضد الفلسطينيين، التي خرج سكان العالم يتظاهرون ضدها، مهما كانت بلادهم، ودياناتهم، واعراقهم.
الصمت العربي تجاه كل هذا الذي يحدث خيانة أخرى، وتكرار لفصل جديد من القضية الفلسطينية التي راهن العالم على تخلي العرب عنها، خورا وحفاظا على مكتسبات الكراسي.
لقد سجل التاريخ خيانات اخرى للقيادات العربية قديما في عدم الوقوف مع دولة الخلافة العثمانية، بل وقفوا ضدها مخدوعين بأوهام الوعود المذلة والمخزية، التي عاشوا معها المكر، والحيل، والضحك على الذقون ممن طمعهم بما طمعهم به.
فأي شيء يجري الدم في وجه قلمي حتى يكتب وسط كل هذا الدمار، والدماء، والاشلاء، وهذا الركام المختلط، وهذا الخراب، وهذا الانحطاط والانحلال؟
والله ان الحروف لتخرج من مطبعتها اليدوية في ايدينا محرجة محسورة خجلة، مترددة من تأثير كل هذا الذي يحدث، فكيف ينطلق القلم من عنانه ليركض هنا…وهنا… وهناك، كما اعتاد من قبل…وانا لله وانا اليه راجعون.

كاتب كويتي

[email protected]

د. حمود الحطاب

آخر الأخبار