الخميس 22 مايو 2025
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
"الكفيل"... "ضيف ثقيل" آن له الرحيل
play icon
الأولى   /   المحلية

"الكفيل"... "ضيف ثقيل" آن له الرحيل

Time
الأربعاء 21 فبراير 2024
View
492
najeh

قانونيون وأصحاب أعمال: إلغاء النظام بعدما بات عبئاً على الكويت

ناجح بلال وعبد الناصر الأسلمي وجابر الحمود وفارس العبدان

كضيف ثقيل… أطال البقاء من دون بادرة أمل حقيقية في ان يرحل غير مأسوف عليه، ظل ما يدعى بـ"نظام الكفيل" كابوسا جاثما فوق صدور أكثر من مليونين ونصف المليون من الأجانب المقيمين في الكويت على مدى عقود، ولم تعد وعود الحكومات المتعاقبة باعادة النظر في النظام أو بالغائه تستجلب اي تفاؤل، خصوصا أن مثل هذه الوعود التي ارفق بعضها بأيمان مغلظة اطلقت مرات ومرات من دون اي بادرة امل في ان تترجم عمليا او تنفذ على ارض الواقع.
المشكلة الحقيقية الآن أن النظام ـ الذي بدأ العمل به منذ بدء الحقبة النفطية في أواخر الخمسينيات وبداية ستينيات القرن الماضي ـ لم يعد فقط خارج التاريخ ومعاد لقيم حقوق الانسان العالمية، بل بات حملا يثقل كاهل الكويت ويسيء إلى سمعة البلد وتضيع معه ملايين وربما مليارات تنفق في وجوه اخرى لتقديم المساعدات والمنح لعدد ضخم من الدول حول العالم.
تاريخيا، ظهر نظام الكفالة في الكويت وبقية دول الخليج العربي مع بدايات ظهور النفط، وهو نظام يضع المكفول تحت مسؤولية الكفيل، وقد وجد لتأمين استقدام العمالة الوافدة من الخارج، وبموجبه تقيد حرية تنقل المكفول خارج البلد، وحريته في العمل لدى أي جهة أخرى، إلا بموافقة الكفيل. وللانصاف يجب الاشارة الى ان نظام الكفالة قانونا متبع ـ أو كان كذلك ـ في اغلب الدول الخليجية والأردن والعراق ولبنان، حيث يحدد العلاقة بين صاحب العمل والعامل الأجنبي.

  • وعود الحكومات المتعاقبة بإلغاء الكفيل لم يعد يصدقها أحد لأن أياً منها لم يتحقق
  • "الكفيل" بات حملاً يُثقل كاهل الكويت ويضيع ملايين تنفق على تحسين صورتها في الخارج
  • الممارسة حولت "الكفالة" من نظام للرعاية والحماية إلى أداة استغلال واتجار بالبشر
  • قانونا إقامة الأجانب والعمل الأهلي بريئان من "الكفيل"… والكلمة لم ترد في أي منهما
  • التغيير بدأ قبل عقود ففي 2010 أعلن الوزير العفاسي أن "الحكومة قررت إلغاء الكفيل"
  • "الخارجية" الأميركية طالبت في 2022 بإلغاء الكفيل وأكدت أن الخطوة تأخرت وحان وقتها
  • التقرير الأميركي: الحكومة الكويتية لم تتخذ أي خطوات جديدة لإصلاح نظام الكفالة
  • المفوضة السامية لحقوق الإنسان السابقة دعت في 2010 إلى وقف العمل بنظام الكفيل
  • البحرين والسعودية والإمارات خطت خطوات جادة وعملية منذ 2017 لإلغاء الكفيل
  • النمشان: نظام الكفيل يؤثر بالسلب على سمعة الكويت وديوان حقوق الإنسان يطالب بإلغائه
  • الأربش: إلغاء الكفيل يتغلب على تجار الإقامات والدول اتجهت إلى الكفالة الذاتية
  • الشريكة: بيع الإقامات والتأشيرات حرام… والمال الذي يأخذه مقابلها سحت خبيث
  • عثمان الخميس: تجارة الإقامات محرمة وأكل لأموال الناس بالباطل

"الكفيل" لغويا وبحسب معجم المعاني من الفعل كَفِلَ، وكفِل الشخصَ كان كفيلاً وضامنًا له ، وفي القرآن الكريم {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ}.

الكفالة رعاية
ومفاد ذلك أن الاصل لغويا في "الكفيل" أنه يتعهد المكفول بالرعاية والحماية وتوفير متطلبات الحياة، وهي لا شك غاية نبيلة ومحمودة، إلا أن الواقع والممارسة بدت خلاف ذلك تماما اذ تحول نظام الكفالة بمرور الوقت الى الية لاستغلال العمالة والاتجار بالبشر؛ حيث بات يتيح للكفيل التحكم في حياة من يكفلهم، فيقرر أجورهم وأماكن عملهم وساعات العمل ومحلات السكن.

القانون بريء
وفي مفارقة غريبة فإن قانوني اقامة الاجانب رقم (17) لسنة 1959، والعمل في القطاع الاهلي رقم (6) لسنة 2020 لم يتطرقا الى "الكفيل" أو "الكفالة" بتاتا، بل إن هذه المفردات ذاتها لم ترد مطلقا في أي من القانونين اللذين يعتبران الاساس القانوني لاقامة وعمل الاجانب في الكويت، بل والاكثر من ذلك أن القانون الأخير "العمل في القطاع الاهلي" يعد بحسب كثيرين أكثر من رائع فيما يتعلق بتنظيم حقوق العمالة الوافدة، وكان بمثابة قفزة أو طفرة حقيقية في التعامل مع هذا الملف.
الخلاف حول قضية الكفيل، بدأ قبل عقود، إلا انه تصدر المشهد مع بدايات القرن الجديد (الـ21) ، وبدأ الحديث داخل الكويت وفي أروقة الحكومة عن ضرورات تغيير اليات استقدام العمالة وتنظيمها، ففي2010 نُقل عن وزير الشؤون الاجتماعية والعمل آنذاك د. محمد العفاسي قوله: ان "الحكومة قررت الغاء نظام الكفيل المتبع في البلاد في فبراير المقبل (2011) ".
وعلى الرغم من أن الحكومة خففت بالفعل من قوة هذا النظام إلا أنه بقي عمليا حتى الآن قيدا يدمي معصم الكثيرين من المنضوين ضمن فئة العمالة الوافدة .

أضرار بالجملة
تسبب الاصرار على استمرار نظام الكفيل بأضرار جسيمة لسمعة الكويت في الخارج ، وعلى مدى سنوات كانت الانتقادات تتصدر تقارير حقوق الانسان التي تصدرها وزارة الخارجية الأميركية وجهات دولية أخرى.
ففي 2022، جدَّدت وزارة الخارجية الأميركية المطالبة بإلغاء نظام الكفيل في الكويت، مشيرة إلى أن هذه الخطوة تأخرت كثيراً.
وشددت الوزارة في تقريرها السنوي الخاص بالاتجار في البشر لعام 2022 على ضرورة إحداث تغيير إيجابي وتشجيع الحكومات على تحسين أوضاع العمالة.
وذكرت في التقرير أن "الحكومة الكويتية لم تتخذ أي خطوات جديدة لإصلاح نظام الكفالة الخاص بالتأشيرات، الذي استمر في جعل العمال المهاجرين أكثر عرضة للاستغلال، وتحديداً الاتجار في البشر، كما واصل بعض المسؤولين استخدام التحكيم والعقوبات الإدارية بشكل روتيني لحل المظالم التي يقدمها العمال الوافدون، بمن فيهم عاملات المنازل، بدلاً من التحقيق في قضايا مثل جرائم الاتجار بالبشر".
وتضمن التقرير سبعة مطالب أبرزها: تحسين أوضاع العمالة، وإجراءات لإلغاء نظام الكفيل، وخطوات فعالة لمكافحة الاتجار في البشر.
ودعت المفوضة السامية لحقوق الانسان في الامم المتحدة نافي بيلاي في ابريل 2010 الى وقف العمل بنظام الكفيل للعمالة الاجنبية في منطقة الخليج.

دواعي الالغاء
بمرور الوقت، بدا للجميع أن اي ايجابيات لنظام الكفيل تتداعى أمام الخسائر التي تسبب بها والسلبيات التي تراكمت نتيجة استمرار العمل به، وبعد مرور عقود على تطبيقه تبدو الحاجة الان ماسة وملحة لالغائه، لاكثر من سبب و مبرر، من بينها ان اغلب دول مجلس التعاون الخليجي، تقريبا خطت خطوات واسعة على طريق الغاء الكفيل
وضمن دواعي الالغاء ذاتها، يشير البعض الى قرب إطلاق خطة تنموية شاملة تضمنها برنامج عمل الحكومة الذي يحتاج إلى مزيد من العمالة لتنفيذ هذه المشاريع الضخمة، ويتطلب تاليا انفتاح البلد على العالم وجعله مركزاً استثمارياً يواكب الدول المحيطة.

جدل مستمر
في سياق الجدل حول نظام الكفيل، شدد مستشار الديوان الوطني لحقوق الإنسان وعضو لجنة الشكاوى والتظلمات حمدان النمشان على ضرورة إلغاء نظام الكفيل لاسيما وأن هناك الكثير من الدول اتجهت لذلك، مؤكدا أن "الديوان الوطني " يعمل على تفعيل هذا المطلب خصوصا وأن نظام الكفيل بالفعل يؤثر بالسلب على سمعة الكويت الخارجية.
واكد النمشان ضرورة اتجاه الكويت لتكفل العمالة الوافدة من خلال أي جهة حكومية من أجل القضاء على تجارة الإقامات، نافيا في الوقت ذاته أن تكون هناك حالات اتجار بالبشر حيث أن من يدخل البلاد من العمالة الوافدة يأتي بمحض إرادته، موضحا أن الاتجار بالبشر يعني الخطف واستقدام العمالة من أجل التجارة في اعضائها البشرية(!).
وأضاف :إن الديوان الوطني يتكفل في أحيان كثيرة بتكاليف رفع القضايا عن العمالة الوافدة غير القادرة على اللجوء للقضاء بالتعاون مع الكثير من الجهات

الكفالة الذاتية
من جهة أخرى، أكد رئيس اتحاد المطاعم فهد الأربش أن الجهات المختصة بحقوق الإنسان تشير إلى أن الموظف يجب أن يكون كفيل نفسه لكن في الوقت ذاته يجب أن نضمن حقوق أصحاب الأعمال، مشيراً إلى أن إلغاء نظام الكفيل سيتغلب على تجار الإقامات. وقال الأربش لـ"السياسة":إن أغلب الدول وحتى بعض الدول العربية اتجهت إلى الكفالة الذاتية بحيث يكون الموظف كفيل نفسه، مع إمكانية وضع ضوابط تضمن حقوق العمالة وحقوق أصحاب العمل.

حكم الدين
أما أغلب رجال الدين، فإنهم يرون ان "تجارة الاقامات" وهي احدى اخطر سلبيات نظام الكفيل ـ حرام وان المال المترتب عليها "سحت خبيث"
ويقول مدير مركز تعزيز الوسطية دعبدالله الشريكة أن بيع الإقامات حرام، فلايجوز لك أن تعمل إقامة لشخص وهو لا يعمل عندك ، وكل فلس تأخذه مقابل هذه الإقامات فهو محرم ، فاحذر أن تطعم أولادك الحرام ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه . وأضاف: لا يجوز للمواطن أو أي جهة رسمية أو خاصة أن يضع إقامة لأحد إلا إذا كان يعمل عنده وفق النظم المرعية في الدولة ، وعليه فإن بيع الإقامات والفيز حرام .
بدوره، قال الشيخ عثمان الخميس :إن تجارة الإقامات محرمة وأكل لأموال الناس بالباطل، مؤكداً أن من يأخذ أموالاً من العمال ليمنحهم الإقامة على مؤسسته أو شركته فقد أكل المال الحرام.

2 مليون ونصف إجمالي العمالة الوافدة حتى نهاية 2023

كشفت إحصائية رسمية أن إجمالي العمالة الوافدة في الكويت بلغ 2 مليون و504 آلاف و575 منهم 111 ألفا و981 يعملون في الحكومة ومليونان و565 الفا و538 في القطاع الخاص، وهناك 3558 متعطلا عن العمل فيما يبلغ تعداد العمالة المنزلية نحو 823 ألفا و498 حتى نهاية ديسمبر 2023 وفقا لاخر احصائية صادرة عن الهيئة العامة للمعلومات المدنية.
وبينت الاحصائية الصادرة عن الهيئة العامة للمعلومات المدنية أخيرا أن إجمالي العمالة الوطنية بشكل عام بلغ حتى نهاية العام الماضي 470 ألفا و153 منهم 397 الفا و562 في الحكومة ونحو 72 ألفا و591 في القطاع الخاص ، أما إجمالي الفئات الكويتية المتعطلة عن العمل فبلغوا 29 ألفا و816.

البحرين أول دولة خليجية ألغت "الكفيل" والسعودية والإمارات استغنتا عنه

كانت البحرين اول دولة خليجية تتخلى عن نظام الكفيل في مايو 2017. وفي مارس2021 بدأت السلطات السعودية إلغاء نظام الكفيل المطبق في المملكة منذ سنوات، مع دخول مبادرة تحسين العلاقة التعاقدية للعاملين في القطاع الخاص حيز التنفيذ، وهي المبادرة التي أطلقتها وزارة الموارد البشرية في نوفمبر الماضي.
وفي سبتمبر 2022، أعلنت الإمارات الاستغناء كليا عن نظام الكفيل، ضمن منظومة التأشيرات الجديدة التي بدأ العمل بها. وأعلنت "الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية والجمارك وأمن المنافذ"، عن الاستغناء رسميا عن نظام الكفيل، والاعتماد على العلاقة التعاقدية القائمة بين العامل ورب العمل.

المباركي لـ"السياسة": كنت ولا أزال من منتقدي نظام الكفيل والمطالبين ببدائل

إيناس عوض

شدَّد رئيس الديوان الوطني لحقوق الانسان السفير جاسم المباركي على ضرورة إلغاء نظام الكفيل في الكويت، مشيرا الى أن موضوع الكفيل محل انتقاد خلال اجتماعات المراجعات الدورية لحقوق الانسان في الكويت مع المنظمات والهيئات الدولية الإقليمية والعالمية.
وأوضح المباركي في تصريح خاص الى "السياسة" أنه كان ولا يزال من المنتقدين لنظام الكفيل، ومن المطالبين بإلغائه وإيجاد بدائل عادلة ومنطقية له تتماشى مع الصكوك والمعاهدات الدولية التي التزمت بها الكويت ويترتب عليها العمل على معالجة كل الملاحظات التي ترد في التقارير الدولية لمنظمات حقوق الانسان التي تنتقد دائما نظام الكفيل في الكويت.
وأكد المباركي أن نظام الكفيل يؤثر سلباً على سمعة الكويت الدولية ويضرها، كما انه يفسح المجال لتجارة الاقامات ويشجع الفاسدين على استغلال أحلام البسطاء بالجنة الموعودة في الكويت وعندما يأتون اليها يصطدمون بالواقع المرير.
واقترح المباركي آلية متكاملة لمعالجة نظام الكفيل، تبدأ باتخاذ قرار حكومي فوري بالغائه، ثم تكليف الهيئة العامة للقوى العاملة باعداد دراسة وتقارير دقيقة عن أعداد العمالة المؤهلة والمدربة التي يحتاج اليها سوق العمل في الكويت، ووضع شروط وضوابط لاستقدامها بعيداً عن الكفيل، مشيرا الى أن تطبيق تلك الآلية سينعكس إيجابياً على النهوض بمستوى وجودة العمل بالقطاعات المختلفة في البلاد، حيث لن يسمح للعمل الا للكفاءات والعمالة المدربة والمؤهلة والتي ستكون أعدادها قليلة نسبيا مقارنة بالاعداد الكبيرة وغير المؤهلة التي يدخلها تجار الاقامات في البلاد بسبب نظام الكفيل، ما سيخفف الضغط على البنية التحتية والمرافق وسيسمح بتطويرها بصورة أفضل.

قضايا الاتجار بالعمالة تتدفق على المحاكم

يعد النظام القضائي أحد أهم قلاع مجابهة سلبيات نظام الكفيل وضمان حقوق العمالة الوافدة، لا تزال قضايا الاتجار بالإقامات تتدفق أمام النيابة العامة والمحاكم. فقد أصدرت الدوائر الجزائية احكاما متفاوتة ضد المتهمين باستقدام عمالة خارجية "تجار الاقامات" ووقعت عليهم اقصى العقوبات وقضت بأحكام حبس للمتهمين في قضية النائب البنغالي وقيادي في وزارة الداخلية ومواطنين يملكون شركات تجارية قاموا بجلب عمالة وتسييبها في الشارع العام بهدف الحصول على المال.

أحكام " التمييز"

أصدرت محكمة التمييز أحكاما في عدد من قضايا الاتجار بالبشر من بينها:
● حبس عقيد في وزارة الداخلية ووافدين مصريين 3 سنوات، بسبب مخالفة قانون الإقامة وجلب عمالة مقابل مبالغ مالية
● حكمت في قضية "النائب البنغالي"، بحبس النائب البنغالي والوكيل المساعد السابق لشؤون الجوازات والجنسية الشيخ مازن الجراح، والقيادي السابق في الهيئة العامة للقوى العاملة حسن الخضر، والنائب السابق صلاح خورشيد 7 سنوات مع الشغل والنفاذ، بعد إدانة الاول بتهمة الرشوة والاتجار بالبشر والى الاخرين تلقي الرشوة واستغلال النفوذ.

آخر الأخبار