الثلاثاء 06 مايو 2025
30°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء

المتهم بريء حتى تثبت إدانته والمجرم مذنب حتى يستوفي عقوبته

Time
الأربعاء 19 يناير 2022
View
20
السياسة
حمادة الأمير

من أهم مبادئ العدالة الجنائية وحقوق الإنسان مبدأ أصل البراءة، ويعتبر ضمانة مهمة نصت عليها غالبية دساتير العالم بل اصبحت قاعدة دولية بالنص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان إذ نصت المادة (11) على أنه "لكل شخص متهم بجريمة أن يكون بريئًا حتى تثبت إدانته وفقًا للقانون في محاكمة علنية يتمتع فيها بكل الضمانات اللازمة للدفاع عنه".
وقد كرس الدستور الكويتي قرينة البراءة في المادة 34 إذ نصت على أن" المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع، ويحظر إيذاء المتهم جسمانياً أو معنوياً".
ومن هذا المنطلق يحكم الإثبات الجنائي مبدأ أساسيا يخلص في أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته بمحاكمة عادلة ويترتب على ذلك فيما يتعلق بالاثبات نتيجتان مهمتان:
النتيجة الأولى: (إلقاء عبء اثبات ارتكاب الجريمة ونسبتها إلى المتهم على عاتق سلطة الاتهام) بإقامة الدليل القاطع على ذلك، وفقاً لقاعدة البيّنة على من ادعى، ولا يُكلف المتهم بإثبات براءته، فالبراءة مفترضة فيه بحسب الأصل، وله أن يتخذ موقفا سلبيا إلى أن تتوافر في حقه أدلة تفيد قيام الاتهام فيكون له حق تقديم الأدلة على دحض تُهمته بكل الطرق التي يراها ملائمة حسبما يشاء ومن تلقاء نفسه.
والنتيجة الثانية: "أن الشك يُفسر لصالح المتهم" لأن الأصل في الإنسان البراءة وبذلك لا يصح الحكم بإدانته إلا بدليل قاطع على ارتكابه الجريمة فالأحكام الجنائية تبنى على الجزم والقطع واليقين لا على الشك والظن أو الاحتمال والتخمين، فإذا لم تنته المحكمة إلى الجزم بنسبة الجريمة إلى المتهم وجب عليها أن تقضي بالبراءة، فإذا حكمت بإدانته فإن حكمها يكون معيباً قد جانبه الصواب، فيكفي أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي يقضي له بالبراءة، إذ إن مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل مادام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة.
وقد ربط الفقه الجنائي قاعدة افتراض براءة المتهم بحقه في التزام الصمت في جميع مراحل المحاكمة وهو ما يُسمى " استخدام حق الصمت"، وهو حق قانوني مقرر في العديد من الأنظمة القضائية، وأحد أهم الضمانات القانونية لحسن سير محاكمة عادلة بحق المتهم، ولا يجوز تأويل سكوت المتهم بأنه إقرار أو اعتراف حيث إن المتهم لا يقع عليه عبء إثبات الاتهام.
وعلى الرغم من إقرار قرينة البراءة في غالبية تشريعات دول العالم وفي المعاهدات والمواثيق الدولية إلا أنه مازال الناس يخلطون بين مصطلح المتهم ومصطلح المجرم، فيتم معاملة الإنسان بمجرد الاشتباه به أو القبض عليه بأنه مجرم تم الكم عليه، وتوجه له الاتهامات جزافاً دون أدلة ودون محاكمة وتتسارع وسائل التواصل الاجتماعي بالإثارة والنشر وتشويه سمعة الإنسان وتسلب الأصل فيه وهو البراءة، فالمتهم هو من لم تثبت إدانته بثبوت التهمة عليه، والمجرم هو من ثبتت إدانته بالجرم المنصوص عليه في القانون، فعلينا حفظ حقوق الإنسان وكرامته وعدم قبول توجيه الاتهامات جزافاً دون أدلة ومحاكمة.

ماجستير في القانون
آخر الأخبار