الخميس 08 مايو 2025
28°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الأخيرة   /   كل الآراء

المدخن ونافخ الكير

Time
الثلاثاء 01 يونيو 2021
View
5
السياسة
حمد سالم المري

من الطبيعي إذا شاهدنا شخصا يحرق ماله أن نعتقد أنه مجنون، أو سفيه، لأن الله تعالى في كتابه العزيزقال:"الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا..."، وهذا ينطبق أيضا على من يهلك جسده ويجلب له الأمراض، وهو بكامل قواه العقلية، مصدقا لقوله جل وعلا "وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ". وآفة التدخين تشمل هاتين الصفتين، فهي تحرق مال المدخن وتدمر صحته.
تربعت بلادنا الكويت على المركز الأول خليجيا في معدلات التدخين بين الرجال بنسبه 39،9في المئة، فيما تصل بين النساء إلى 5في المئة، ووصل متوسط عمر المدخن إلى 17 عاما، علما أن هناك أطفالا لم يتجاوزوا ثمانية أعوام يدخنون للأسف.
ويتسبب التدخين في وفاة 49 شخصا لكل مئة ألف من السكان الذكور، أما مضاره الاقتصادية في بلادنا فتتمثل في صرف 481 مليون دينار سنويا على شراء التبغ، وهو ما يقارب 1.43في المئة من الناتج القومي.
فإلى جانب أن المدخن يضر نفسه لأن التدخين يسبب أمراض سرطان الرئة، وانسداد الشرايين، والذبحة الصدرية، وتلف الأعصاب، وتدمير خلايا الدماغ، وتشوه الأسنان واللثة، ويتلف خلايا البشرة والجلد، كونه ينشط موروثاً مسؤولاً عن إنزيم جلدي يسبب تجعد البشرة حيث ان هذا الإنزيم يدمر البروتين الهيكلي الرئيسي في الجلد الذي يطلق عليه "كولاجين" فيجعله مرناً وقابلاً للتمدد، فتتجعد بذلك البشرة، فيظهر وجه المدخن شاحباً، وأكبر من عمره الحقيقي، وتسود حدقتا عينيه.
المدخن أيضا يضر من يجلس معه، باستنشاقه الدخان المنبعث من السجائر أو الشيشة، وهو دخان يحتوي على مادة سيانيد الهيدروجين، وهو نوع من السموم يستخدم في غرف حرق الغاز والميثانول الداخل في صناعة وقود الصواريخ، وأول أكسيد الكربون الذي يخرج من عوادم السيارات، ولهذا انطبق عليه مثل نافخ الكير، الذي أورده نبينا محمد( صلى الله عليه وسلم) في الحديث المتفق عليه "إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يُحْذِيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً منتنة".
والمدخن حتى ولو كان حسن الخلق والجلوس معه متعة إلا أنه إذا شرع بالتدخين يصبح كنافخ الكير من دون أن يشعر هو أو يشعر الذي يجالسه، ولهذا علينا كأولياء أمور أن نحرص على تربية أبنائنا تربية صالحة، من خلال الغرس في أنفسهم خطر التدخين، وأنه مضيعة للمال ومهلكة للجسد، وأن ديننا الإسلامي حرم هاتين الصفتين، وأن نغرس في أنفسهم مصادقة الأخيار والابتعاد عن أصدقاء السوء، ونعلمهم أن التدخين لا يتعلق بمظاهر الرجولة، بل الرجولة هي في اتباع ديننا الحنيف الذي يحرم الخبائث ويحلل الطيبات، والسجائر ليست من الطيبات حتما.

@al_sahafi1
آخر الأخبار