الثلاثاء 24 يونيو 2025
36°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

"المناخ والحضارة"... يتناول أثر الموقع الجغرافي في تطور مجتمعات بلاد الرافدين

Time
الأحد 11 سبتمبر 2022
View
30
السياسة
صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب "المناخ والحضارة: بلاد الرافدين نموذجًا" يتألف الكتاب من 272 صفحة، ويشتمل على ببليوغرافيا وفهرس عام.
ويناقش الكتابُ العلاقةَ بين المناخ والحضارة في بلاد الرافدين خلال ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد، وقد اختيرت بلاد الرافدين نموذجًا لدراسة تلك العلاقة لسببين: أولهما أن هذه المنطقة انتقاليةٌ تتلاقى فيها الأنماط المناخية العالمية المختلفة، مصحوبة بالتنوع الطوبوغرافي؛ الأمر الذي يؤدي إلى تنوع أنظمتها المناخية زمانيًا ومكانيًا، وأي اختلال في التوازن أعلاه يقود إلى تغيرات مناخية حرجة.
والسبب الثاني هو أن بلاد الرافدين تعدُّ مهد الحضارات الإنسانية الأولى الناضجة في جميع جوانبها المادية، والعماد الاقتصادي لهذه الحضارات هو الزراعة والإنتاج الزراعي، وأي تغير في المناخ له تأثيرات مباشرة في الإنتاج وما يتبعه من تأثيرات في الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية، وأخيرًا السياسية.
الاستنتاج الرئيس لهذا الكتاب هو أن المناخ كان العامل الحاسم في توجيه مجتمعات بلاد الرافدين، سواء بشكل مباشر وكان أكثر وضوحًا في الشمال، حيث الاقتصاد المعتمد كليًا على الزراعة المطرية، أو غير مباشر، كما هو الحال في الجنوب.
وفي دراسة الواقع الجغرافي لبلاد الرافدين، صنّف أحمد سوسة سكان بلاد الرافدين القدامى إلى أربعة أصناف، تبعًا لنمط حياتهم الزراعية وظروف معيشتهم؛ مبينا أن الصنف الأول سكان المناطق الجبلية في شمال العراق الحالي، ويُرجَّح أنهم سكنوا هذه المنطقة منذ أقدم العصور، وهم أول من مارس الزراعة وأسّس القرية في بلاد الرافدين.
ويمثل الصنف الثاني الرعاة، وموطنهم الأصلي بادية الشام والجزيرة العربية، في حين يمثّل الصنف الثالث الجماعات الساميّة التي استقرت على شواطئ نهر الفرات، ونزحت من شبه الجزيرة العربية عقب حدوث الجفاف التدريجي هنالك بعد العصر الجليدي الأخير، وكانوا أول من أسّس المدن بوصفها نواة للإمبراطوريات القديمة، كما هي الحال في الإمبراطوريات الأكادية والبابلية والآشورية، ويمثل الصنف الرابع والأخير سكان الأهوار في جنوب بلاد الرافدين.
ويشير الكاتب الى أن مناخ بلاد الرافدين في بداية الألفية الثالثة ق.م وقع تحت تأثير الأمطار الشتوية الناتجة من المنخفضات الجوية المتوسطية، تبعًا لمناخ البحر المتوسط.
ويضيف يبدو أن بلاد الرافدين الجنوبية كانت لا تتأثّر بأطراف الأمطار الموسميّة الصيفية الناتجة من الرياح الموسمية القادمة من المحيط الهندي؛ أي إن مناخ بلاد الرافدين كان يتمتع بنظام أمطار دائمة. ويتابع مع اقتراب نهاية الألفية الثالثة ق.م، تراجع نطاق الرياح الموسمية الصيفية جنوبًا إلى المناطق التي يحدث فيها اليوم أو قريبًا منها، في حين بقيت جميع أجزاء بلاد الرافدين بعيدة من تأثير الأمطار الموسميّة الصيفيّة، وواقعة تحت تأثير الأمطار الشتوية الناتجة من المنخفضات الجبهوية القادمة من الغرب.
وفي تحليل العلاقة المباشرة بين التغيرات المناخية والتطور الحضاري لممالك بلاد الرافدين وإمبراطورياتها خلال المدة من بداية السلالات الباكرة إلى نهاية حكم الإمبراطورية البابلية الحديثة، وفي فهم الكيفية التي تتمحور فيها البنية الاجتماعية والاقتصادية وما يتبعها من دور سياسي للمجتمعات في ظل ظروف مناخية متنوعة، يتضح وجود دور محوري للمناخ في نشأة الحضارات في بلاد الرافدين ونضجها ثم انهيارها، سواء كان بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
آخر الأخبار