المَحْسوبيَّة والمواطنة الصالحة لَا يَجْتَمِعَان

د. خالد عايد الجنفاوي

المحسوبية هي الانحراف عن الحق في محاباة أبناء القبيلة، أو التعصّب التنفيعي لأبناء المذهب، أو لأبناء الطبقة أو لأبناء الفئة الاجتماعية أو التحيّز لأتباع الايديولوجية الفكرية، على حساب الإنصاف والعدل والمساواة والعدالة الاجتماعية والمواطنة الصالحة، وبالأخص على حساب الاستحقاقية الدستورية والقانونية لجميع المواطنين لتكافؤ الفرص.
وأحد المظاهر الرئيسية للمحسوبية تتمثل في قيام من يشغل منصباً مؤقتاً، أو من يملك نفوذا ماليا أو اجتماعيا، باستغلاله بشكل يخالف القانون لتنفيع أصدقائه، أو أقاربه، أو أبناء قبيلته أو مذهبه، أو أبناء طبقته أو فئته الاجتماعية، ومن بعض أسباب انتشار المحسوبية في المجتمع، وكيفية تغليب المواطنة الصالحة عليها، ما يلي:
-تناقض المحسوبية مع المواطنة الصالحة: تضرب المحسوبية عرض الحائط بقيم وبمبادئ العدل والانصاف والمساواة في المواطنة، وبأحقية جميع المواطنين في التنافس البنّاء على حقول منافسة متساوية ونزيهة، وإذا كانت المواطنة الصالحة تعني تكافؤ الفرص والمنافسة على قدم المساواة من دون تفضيل أحد على غيره، فالمحسوبية هي بالضبط النقيض الذي لا يجتمع معها، بسبب أنها ترتكز على معاملة غير متكافئة.
-أسباب انتشار المحسوبية: التراخي في محاسبة بعض من يعتبرهم البعض من عِلْيَة القوم، عندما يخالفون القانون سواء في تعدّيهم على المال العام، أو لقيامهم بالقول أو بالكتابة أو بالتصرّف بشكل يُضعف المشاعر الوطنية والوحدة الوطنية، وبسبب ضعف أداء بعض الأجهزة الحكومية المسؤولة عن مكافحة انتشار الأيديولوجيات القبلية أو الطائفية أو الفئوية أو الطبقية النخبوية الاقصائية وخطاباتها الهدّامة، وبسبب وضع الانسان غير المناسب في منصب لا يتناسب معه بسبب عدم اتصافه بالعدل وبالإنصاف، وربما لعدم أهليته العلمية أو الوظيفية.
-تغليب المواطنة الصالحة على المحسوبية: مكافحة تزوير الشهادات العلمية، وتكثيف التوعية في الاعلام الرسمي عن المواطنة الصالحة، وتشجيع قيام العناصر الإعلامية الوطنية بالكتابة والتحدث عن مقومات ومبادئ وأخلاقيات المواطنة الصالحة وعن حرية الرأي والتعبير المسؤولة، وغربلة النظم الحكومية الإدارية بهدف تعزيز مفاهيم الإنتاجية والكفاءة والجدارة الوظيفية، وبنشر الوعي عن ظواهر غسيل العقول الشابة الذي يمارسه أنصار القبلية أو الطائفية أو الفئوية أو الطبقية النخبوية.

كاتب كويتي
@DrAljenfawi