المُثقَّف المَغْرُور والتَّوَاضُع الْفِكْرِيّ

حوارات

د. خالد عايد الجنفاوي

"سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ (الأعراف 146).
يشير مصطلح "المُثقَّف" في هذه المقالة الى الانسان المُتَعَلِّم، رجلاً كان أم امرأة، ومن يملك قدرًا متميّزًا من المعرفة، وينظر الآخرون إليه كأحد أهل الفكر والثقافة.
ولعلّ أسوأ صفة يمكن أن يتّصف بها من هو مفترض أن يكون صاحب دِراية وفكر هو الغرور، وما يرتبط به من كلام، وسلوكيات الاعجاب المفرط بالنفس، والانخداع بها.
ومن بعض الإشارات الدّالة على تعالي المثقّف وتكبّره واغْتِراره بنفسه، وربما تعجرفه، وكيفية تكرّس سمة التواضع الفكري لدى المُثقَّف الحقيقي، نذكر ما يلي:
المُثقَّف المَغْرُور: ركيك الفكر، ضعيف الألفاظ، بالكاد يضبط نفسه بسبب طغيان الغرور على شخصيته غير الناضجة نفسيًّا، وستلاحظه رجعيًّا في تفكيره، وضيّقًا في إدراكاته لعدم حرصه على تجديد وإثراء معرفته بشكل مستمر، وذلك بسبب أنه وصل الى مرحلة من الغرور والاعجاب بالذات تمنعه عن رؤية ما هو عليه من وجهات نظر، وتوجهات خاطئة وضيّقة الأفق.
وستراه يهمل إعمال عقله لترتيب وتطوير شؤون حياته لظنّه أنه أفضل من الآخرين، مع أنه يمكن أن يكون فاشلاً اجتماعيًّا، وضعيف التدبير، لا يعرف كيف يسخِّر علمه، ومعرفته، وتجاربه الحياتية لخدمة نفسه، أو من يهمه أمرهم، لكن في المقابل يهتم بالمظاهر الاجتماعية المزيّفة ما دام الآخرون يستمرون يصفونه، ويتحدثون عنه بالألقاب الأكاديمية، أو الثقافية!
المُثقَّف الحقيقي المتواضع: لا يتوقف عن التعلّم، والحرص على اكتساب مزيد من المعرفة عن نفسه وعن الحياة، وتلاحظه يلتهم الكتب وكأنها طعام لذيذ لا يشبع منه، وتجده فضوليًا للغاية لمعرفة المزيد، وتلاحظه صادقًا في كلامه، وتصرفاته، وتعاملاته مع عامة الناس.
ويعتبر نفسه محظوظًا لأن الله عز وجل أنْعَم عليه ببعض الملكات والقدرات الفكرية لينفع بها نفسه، ومجتمعه، وهو متواضع فكريًّا لأنه يدرك محدودية عقله، وعدم كماله كمخلوق بشري، لكنه يسعى دومًا لأن يكون اليوم شخصًا أفضل فكريًّا وسلوكيًّا من الأمس، وهو ينظر الى نفسه كقدوة فكرية وأخلاقية لمن هم حوله، ويستوعب حجم مسؤولياته الفكرية والثقافية.

كاتب كويتي

@DrAljenfawi