الاثنين 12 مايو 2025
33°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

النابغة الجعدي... أسلم بين يدي النبي

Time
الاثنين 19 أبريل 2021
View
80
السياسة
شعراء النبي

إعداد - نسرين قاسم

"الشعر ديوان العرب، ومصدر معارفهم، ومستودع عاداتهم وتقاليدهم، وكانت القبيلة إذا نبغ فيها شاعر، تقيم الاحتفالات، وتنصب الرايات، وتدعو للولائم ابتهاجاً بهذا الحدث العظيم، وفي هذه الحلقات نتناول أحد الشعراء أو القصائد التي تكرس القيم الإسلامية وتناصر العقيدة".

"الشعر ديوان العرب، ومصدر معارفهم، ومستودع عاداتهم وتقاليدهم، وكانت القبيلة إذا نبغ فيها شاعر، تقيم الاحتفالات، وتنصب الرايات، وتدعو للولائم ابتهاجاً بهذا الحدث العظيم، وفي هذه الحلقات نتناول أحد الشعراء أو القصائد التي تُكرِّس القيم الإسلامية وتناصر العقيدة".
النابغة الجعدي، او قيْس بن عَبْد الله بن عَمْرو، وأمه هي فاخرة بنت عمرو بن شحنة من بني أسد، يكني بـ"أبو ليلى"، نشأ في الفلج، جنوب نَجد، عاش طويلًا فكان من المُعمّرين، أمضى ثلاثين عامًا من عمره دون أن يقول الشعر، ثم نبغ فيه فقال من الشعر ما سطَّره التاريخ ضمن أجمل ما قِيل:
فَمَـــن يَكُ ســـــائِلًا عَنّــي فَــــــإِنّي
مِــــنَ الفِتيانِ فِي عامِ الخُنانِ
مَضَت مِئةٌ لعــــام وُلِدتُ فِيــه
وَعَشـــرٌ بَعدَ ذاكَ وَحِجَّتانِ
كان من خِيارِ الناس قبل الإسلام، فكان ينهى عن شرب الخمر في الجاهلية، وكان شاعرًا فَحلًا مرموقًا، وقد صنّفه الجمحي في كتابه "طبقات فحول الشعراء"، ضمن الطبقة الثالثة من شعراء الجاهلية، مع أبي ذؤيب الهذلي والشماخ بن ضرار ولبيد بن ربيعة:
أَلَـم تَرَيا أَنَّ المَـــلاَمَـــةَ نَفعُهــــــا
قَلِيـــــلٌ إِذا ما الشيءُ وَلّى وَأَدبَرا
تَهِيجُ البُكـــــــاءَ وَالنَدامَـــــةَ ثــــمَّ لا
تُغيِّــــرُ شَيئًا غَيرَ ما كانَ قُدِّرا
ذُكر من شعره المدح، الفخر، والهجاء، واشتهر بكثرة ترحاله ومدحه للأمراء والخلفاء، فنال عندهم مكانة مرموقة، وذكره الكثير من المؤرخين في مؤلّفاتهم لمكانته قبل وبعد الإسلام، ولأهمية دوره في التاريخ.
سمع عن الإسلام وما تدعو إليه تعاليمه الحنيفة، ذهب إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ليلْقاه ويتعلم منه الإسلام، وكان في العام التاسع من الهجرة، فأعلن إسلامه، ثم أنشد أبياتاً بين يدي الرسول، صلى الله عليه وسلم، فاستحسنها:
تَبعت رَسُولَ اللهِ إِذْ جَــاءَ بِالهُدى
يَتْلـــو كِتَابًا كالمَجَرَّةِ نَيِّرا
بَلَغْنا السَمـــاءَ مَجْدُنــا وَجُدودُنــا
وإِنَّا لَنَرْجو فَوقَ ذَلِكَ مظهرا
عاش في المدينة زمنًا طويلًا، وشهد الكثير من الفتوحات والمعارك، شارك في بعضها، وذُكِر عنه الكثير من الشعر الذي له صفات التدين، الذكر، والروح الاسلامية، صار صحابيٌّا، بعدما حَسُن إسلامه، وحظي بصحبة الرسول، صلى الله عليه وسلم، كما رُوي عنه الأحاديث.
إذا ملِكٌ مِن آل جفنـة خـــالُه
وأعمـــامُـه آل امرئ القيس أزهرا
يردُّ علينـــا كــأسَه وشـــواءَه
مناصفـــةً والشرعبي المحبَّرا
وراحًا عــراقيًّا وريطًا يمانيــاً
ومغتبطــاً مِن مسكِ دارينَ أذفَرَا
لم يكن يستهل قصيدته بالبكاء على الأطلال، ومدح الخمر، بل يبدأ قصائده بالتأملات، الأفكار، والحكمة، مما دفع البعض للقول إنه لم يعبد الأصنام، وبعضهم اعتقد أنه كان على ملة أبينا إبراهيم عليه السلام.
ولا خير في حلم إذا لم يكن له
بوادر تحمى صفوه أن يكدرا
ولا خير في جهل إذا لم يكن له
حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا
لم يصف أطلال حبيبته كعادة الشعراء، إنما يتحدث عن أطلال قومه، واشتهر اكثر بالفخر والهجاء فكان فيهما معظم شعره، وذُكر من شعره القليل من الغزل فكان لا يقوله مستقلًا وإنما ضِمنًا مُرافقًا للغرض الأصلي للقصيدة، وكان لِطول عمره الذي فقد خلاله الكثير من أهله أثرا في طابع شِعره الذي غلب عليه الحزن والرثاء لمن فقدهم، كما شكا ما مرَّ به من سنون كَبُر فيها وضَعُف، وابيضَ شَعره من هَول ما رأى، ويرجح أنه عاش نحو مئة وعشرين عامًا:
وقالت سليمى: أرى رأسه
كناصية الفرَس الأشهب
وذلك من وقعات المنون
ففيئي إليك ولا تعجبي
ثم قال:
وما عُمُري إلا كدعوةِ فارطٍ
دعا راعيًا ثم استمرَّ فأدبرا
آخر الأخبار