د. خالد عايد الجنفاوييجب أن يغير كثير من العرب نظراتهم السلبية تجاه الغرب الحضاري، لأن الافتراضات العربية السابقة عنه، واتهام مختلف المجتمعات الغربية بالانحلال الأخلاقي، مثلاً، لا يستند الى الواقع ولا تدعمه أدلة علمية أو حقيقية. فليس هناك، مثلاً مجتمعا غربيا واحدا يمكن وصفه بالنمطي حتى نبدأ نلقي عليه مختلف الاتهامات بدءا من الامبريالية والتهتك الاخلاقي، وانتهاء بالتآمر الغربي على المصير العربي. هناك أنواع مختلفة من المجتمعات الغربية، كما هي حال المجتمعات العربية، ولذا ما ادعو اليه هنا هو أن يغير كثير من العرب نظراتهم السوداوية الى العالم، وأن يتبنوا بدلاً عن تلك السلبية المترسخة والشعور بالقهر والظلم والإحباط، نظرة إنسانية أكثر تسامحاً وديناميكية وتفاؤلاً وإيجابية، حتى يبدأ العرب في المساهمة الايجابية في الحضارة الانسانية.
أإن ما تداولته الكثير من الذهنيات العربية منذ بداية الثورات العربية عن الغرب، واتهامه بانه "إمبريالي" مسألة سهلة التصديق في أيامنا هذه، فبداية عادة ما تتحول النظم الأمبريالية المزعومة الى إمبراطوريات حقيقية مثل الرومانية أو غيرها، وتمتد على بقاع كبيرة من الأرض ولفترات زمنية طويلة، وهذا السيناريو العربي عن الأمبريالية الغربية المزعومة لم يتحقق على أرض الواقع، بل ما حصل هو احتلال أنظمة سياسية وعسكرية، ومن أجل مصالح سياسية واقتصادية لمجتمعات إنسانية أخرى أقل تقدماً، ولفترات محددة، لم تدم طويلاً قياساً بما تخيلته الكثير من الذهنيات العربية، والتي استبدلت "خطابها العدائي تجاه الغرب" بالقهر الفعلي لمواطنيها! الامبريالية التي تداولتها الكثير من الذهنيات العربية في تعاملها مع العالم الخارجي، ما هي سوى وليدة بقايا فكر ماركسي خلطته بعض الذهنيات العربية بآمال قومية تعصبية، لا تستند الى روابط جغرافية مع جزيرة العرب، ولا مع الأرث العربي القومي الحقيقي، بل وفشلت أخيراً في تحقيق الدولة القومية العربية المثالية. عندما ندعو أن يغير الكثير من العرب نظرتهم السلبية تجاه العالم الخارجي فهي أيضا دعوة للتخلص من المرض المزمن. كاتب كويتي