السبت 27 يوليو 2024
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
انفراط السبحة في افريقيا
play icon
كل الآراء

انفراط السبحة في افريقيا

Time
الخميس 07 سبتمبر 2023
View
151
السياسة

يستمر تدحرج "حبات الخرز" الافريقية، من على بركان
الانقلابات،وليته من النوع العادي المتداول، بل من افضل أنواع الأحجار الكريمة، ومن أقواها واثمنها،فهي احجار افريقيا الغنية!
تراكم الاحتقانات، تم التعبير عنه في الانقلابات، ويستمر مُسلسلها في منطقة من أغنى مناطق العالم من حيث الموارد الطبيعية، فالأحجار الكريمة واللؤلؤ، والنفط، والغاز والألماس، والاخشاب، وغيرها، ممُا هو موجود في هذه المنطقة.
فانقلابات مُتتالية في بوركينا فاسو، والنيجر، وبالأمس كانت الغابون، فهل هُناك حبات من" السبحة الافريقية" مقبلة على التدحرج والانفلات من حبال الاستغلال الغربي، ومن الانعتاق من ازمنة خلت، تجلّى فيها أنواع الظلم والاستبداد لهذه المنطقة، التي يرى فيها سُكانها انهم مظلومون وتائهون، ولا يحصلون من ثروات بلدانهم الاّ على الفتات جراء سيطرة طبقات معُينة على خيرات البلاد؟
هل نقول انها فترات تصحيحية، أم استمرار للصراعات وإبقاء المنطقة على فوهة بُركان يجعل من "الخرز الافريقي" في سباق الى التدحرج والتفكك، ومزيداً من الانفلات، رغم تأكيدات العسكر هُناك انهم ملتزمون بالعودة الى الحكم المدني، وانهم وان الانقلابات للتصحيح وإعادة البلاد الى المسار الطبيعي، واستفادة شعوب هذه المنطقة من ثرواتها المنهوبة من الغرب ومنُذُ عقود طويلة.
دعونا نعود للتاريخ قليلا ، فهو لا يكذب ولا يرحم، ولا يُقدم الا الحقائق فالمنطقة أُستعمرت من الغرب (فرنسا) تحديدا، والمنطقة تملك ثروات هائلة، فالغرب لا يريد لها، ولا لغيرها، ان تكون خارج سيطرته، وبالتالي زرع فيها حُكم الأقليات، وحكم الأسرة الواحدة، فانتشر الفساد، وغابت المؤسسات الاجتماعية، وأُفتقد الأمن، وسيطرت هذه الجماعات على البلاد، وترنحت المنطقة بين صراع وصراع، وانقلاب وآخر حتى يومنا هذا.
الغابون التي لم تكن استثناء من واقع مُضطرب في المنطقة، فقد اضطر الرئيس السنغالي ماكي سال اخيرا الى التنحي بسبب الاحتجاجات، وكانت الانتخابات التي جرت في زيمبابوي محل نزاع، اذاً هُناك أسباب، داخلية وخارجية، وراء التحركات الأخيرة في المنطقة، والغابون، ليست بمعزل عن مشكلة غياب الحكم الرشيد والديمقراطية!
الغابون حكمتها أسرة واحدة أكثر من 54 عاما، وفي الانتخابات الأخيرة طفح الكيل بعد التزوير، وإعلان الرئيس علي بنغو، الذي كانت ولايته الثالثة للبلاد مثيرة للجدل، ويعاني من مشكلات صحية بعد الجلطة، توريث ابنه، وبالتالي استمرار السلطة والثروة بيد هذه الأُسرة، ممّا يرفضه الشعب والعسكر الذي إطاحه، واعتبر مُتقاعدا، ومن حقة ان يعيش كمواطن عادي، ووعدوا أن تكون هُناك انتخابات نزيهة بعد ان اعتبر العسكر ان الانتخابات لم تستوف شروط الاقتراع الشفاف، واستنكر حكما غير مسؤول يتسبب في التدهور المستمر للتماسك الاجتماعي، مما قد يؤدي إلى دخول البلاد في حالة من الفوضى.
الغابون من أول منتجي الذهب الأسود في افريقيا جنوب الصحراء عام 2020، وشكلُ النفط 35 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي، و70 في المئة من مجموع الصادرات وفق البنك الدولي.
وتعتبر الغابون عملاق النفط الافريقي، وهي عضو في منظمة "أوبك"، لكن رغم ذلك تُسيطر هذه العائلة على الثروات، والشعب يعيش تحت خط الفقر. ومن المقولات المشهورة في السياسة "ايتحتم عليك اذا اردت الفوز في الانتخابات الفرنسية ان تمر بالغابات الافريقية وبخاصة في الغابون"، ويقصد من ذلك الدعم المالي!
الغابون وبقية دول افريقيا تُعاني فشلاً ذريعاً في بناء المؤسسات، وتعاني من انعدام الأمن، والمزيد من التخلّف والفقر، فهؤلاء العسكر (غالبيتهم تدربوا ودرسوا في فرنسا) يريدون وضع الحلول، ووقف نزيف وهدر الثروات، وإعادة هيبة المنطقة الى مكانها الطبيعي، وان يستفيد أبناء المنطقة من ثروات منطقتهم.
السؤال ما الفرق بين انقلاب النيجر و الغابون، وكيف تعامل معه الاتحاد الأوروبي والبيت الأبيض، والاتحاد الافريقي؟
باختصار، واشنطن لا تريد ان تتصادم مع باريس، والاتحاد الأوروبي ينظر الى مصلحته، ويعتبر ان في الغابون انقلابا ابيض، بينما في النيجر اعتداء على الديمقراطية، وانتهاك حقوق الانسان، ويسعى الى التدخل العسكري، وحض دول المنطقة على ذلك وعودة حكم محمد بازوم التابع لها، وهناك في الغابون "كش ملك"!
في كل الحالات الغرب لا يبحث الا عن مصلحته أولاً، وعاشراً، ولا يهتم بالشعوب، بل بالثروات والمُكتسبات والاستمرار في لُعبة الشطرنج!
فهل تعود افريقيا الى الساحة العالمية من خلال ابنائها، أم تفشل المحاولات، ونعود الى المُربع الأول ونقطة الصفر.

كاتب سعودي

صالح بن عبد الله المسلّم

آخر الأخبار