السبت 05 يوليو 2025
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء

بانتظار ظهور البطل الأسطوري!

Time
السبت 05 ديسمبر 2020
View
5
السياسة
حسن علي كرم

يفترض مع نشر هذه المقالة ان تكون صناديق الاقتراع قد أغلقت، وتم فرز الاصوات وعدد المصوتين والمرشحين الفائزين في الدوائرالخمس ، وهو ما يعني ان الامور الانتخابية تمام التمام، لكن ماذا بعد؟
انا شخصياً عاصرت المشاهد الانتخابية منذ انتخاب المجلس التأسيسي الذي وضع الدستور 1962، وكنت، رغم صغر سني، لا أفوت محاضر جلسات المجلس التأسيسي ومن بعده الفصل التشريعي الاول، والانتخابات التي تسبقه للاستئثار بالمقاعد من المرشحين، وكانت الصحافة المحلية تنقل محاضرالجلسات بالامانة أحياناً، وبالتدليس أحايين كثيرة، لذلك لم تعد الانتخابات، او العرس الديمقراطي يهمني، كما هي الحال بالنسبة للاجيال الشابة التي تصرف وقتاً طويلاً لمتابعة تلك الفعاليات، ولا حديث للديوانيات في المواسم الانتخابية الا الانتخابات والمرشح الفلاني او الفلنتاني، لذلك، ماذا بعد وما الجديد، فالآلية الانتخابية لم تتغير الا بالأسماء واما الدوائر فعددها مثل"حطبة الدامة " تتحرك من مربع الى المربع التالي وفق ما تقرره الاصابع الخفية، وغالباً ما كان المرشحون ينتقدون توزيع الدوائر، فمن عشر دوائر وخمسة اعضاء ومن خمس وعشرين دائرة وعضوين، ومن خمس دوائر وعشرة اعضاء وأبشركم ان الدوائر قابلة للتغيير إذا كان ذلك يخدم السادة الاشباح المتوارين خلف الابواب!
انتخابات امس لن تنتج جديداً، ربما تتغير قلة من الوجوه لكن العقلية واحدة، وهذا ما يعني ان مجلس الامة عالة، او ثقل وعبث بلا جدوى، هناك من يتباكى على تفشي الفساد، ويكاد يمزق ثوبه حرقة ونفاقاً وكذباً بتلك الظاهرة المشينة، الا ان في داخله يحلم بالفساد، ذلك ليس هناك فرصة افضل من الفساد كي يستأثر بمغانم لن يحصل عليها الا في الاجواء الملوثة.
انظروا الى المحاكم كم من الفاسدين والحرامية، والمتطاولين على المال العام مرميون في السجون او يحاكمون امام القضاء، وانظروا الى الاقاويل التي يروجها نواب عن بعض زملائهم بوصفهم "قبيضة"، فهل هيئة "نزاهة"، التي أوجدوها لكي تقطع دابر الحرامية، أفلحت في مهمتها وباتت البلاد انظف من الصحن البِلوّر، وأنصع شفافية ووضوحاً، ام الفاسدون كما الجرذان يتوالدون في الحفر المظلمة؟
ما أريد الوصول اليه، وخلال مسيرة الستين عاماً من التجربة الديمقراطية المشوهة، ان ديمقراطيتنا ولدت مشوهة ومعوقة ووجدت لتنفيع مجموعة من ذوي الدماء الزرقاء الذين يستأثرون بالمال، والثروة، والحظوة والنفوذ والوكالات التجارية ومجالس الادارات، وما مجلس الامة ومجلس الوزراء الا شكل من أشكال الديكور او لوحات للزينة.
فالدول الحديثة التي أسست على الديمقراطية والشفافية من أُولى أهدافها النزاهة والالتزام بالقوانين والعدالة الاجتماعية والمواطنة، لكن نحن سقطنا بامتحان الديمقراطية، وبالتالي سقطنا في تأسيس دولة حضارية بادارة حديثة.
لا يمكن ان تزرع في ارض بور بلا استصلاح اولاً، فهل من المعقول ان تنجح الديمقراطية الغربية في مجتمع شبه أمي، بلا تدرج أو التوعية اللازمة اولاً؟
الكويت لا شك سبقت الزمن في محيط يسوده الظلام والجور الاجتماعي، لذلك كان هؤلاء ينظرون إلينا بالحقد والعداوة، وكان أملهم تخريب ديمقراطيتنا الوليدة، لكننا لم نكن نشعر ان هناك معاول هدم تسعى ليس لتخريب ديمقراطيتنا، انما تهديم حضارتنا الوليدة، فديمقراطيتنا كانت ولا تزال مستهدفة، والهدامون من الداخل ومن الخارج، والمتآمرون حفنة حاقدة على هذا البلد الذي هو درة المنطقة وتاجها المكين.
مجلس الامة وهو يجدد عهده لا شك أن كثيرا من المواطنين الذين تكبدوا الذهاب الى المقرات الانتخابية، في اجواء سيطرت عليها جائحة "كوفيد 19" والشكوك من انتقال الوباء من المرضى الى الأصحاء علقوا آمالهم على عهد جديد واصلاح منشود، وهذه لاشك آمال يحملها السراب، لان الاصلاح لن يتحقق وليس مكانه مجلس امة تتنازع أعضاءه مصالح تتعارض مع الاصلاح، وتتقاطع مع القبلية والطائفية والفئوية والمناطقية.
الاصلاح يحتاج الى شجاع يمشي على رؤوس الأفاعي ويخترق الطريق حتى النهاية، لكن علينا ان نتذكر ان الاصلاح ليس من اختصاص البرلمان، انما يبدأ من الحكومة وينتهي بالحكومة، وحتى بعض الدول التي كان يعشش فيها الفساد حتى "الرُّكَب"كما نقول في العامية، كان هناك بطل مجهول يخرج في اللحظة المناسبة ويطهر الارض والانفس من الفساد، هذا البطل الأسطوري لازلنا بانتظاره، فلربما يظهر بعد انتهاء العرس الانتخابي او لا يظهر، نحن مجتمع استمرأ خصلتي النفاق و"الربربة"، وسنبقى هكذا الى ان يظهر البطل الأسطوري المنتظر.

صحافي كويتي
[email protected]
آخر الأخبار