منوعات
"بدر الكبرى"... أول انتصار على المشركين
الاثنين 27 أبريل 2020
5
السياسة
غزوات الرسولإعداد – إيمان مهران:بعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه من مكة إلى المدينة واستحالة الحياة بمكة المكرمة بسبب إيذاء قريش المستمر للمسلمين ، وبعد الاستقرار النفسي الذي حققه المسلمون، أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بضرورة التعرف على المدن والقبائل المجاورة وكذلك الطرق التي تؤدي إلى قريش وغيرها من المدن المحيطة ، من أجل إرساء مفهوم الدين الإسلامي ونشرة لدى تلك القبائل المجاورة ، فكانت هذه هي الرسالة والعقيدة التي أمر الله بها رسوله الكريم. تعتبر غزوة بدر الكبرى أولى المعارك التي خاضها المسلمون، بقيادة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وحقق فيها النبي محمد صلى الله عليه وسلم مع أصحابه من المهاجرين والأنصار نصراً كبيراً على المشركين وقبيلة قريش بقيادة عمرو بن هشام المخزومي القرشي المعروف بأبي جهل، وارتفعت بها راية الإسلام.يرجع تاريخ وقوع غزوة بدر إلى السابع عشر من رمضان للعام الثاني من الهجرة الموافق 13 مارس 624 ميلادية، وقعت الغزوة في منطقة "بئر بدر"، وهو مكان شهير يقع بين مكة والمدينة المنورة، ولهذا أطلق على غزوة بدر هذا الاسم، كما سميت غزوة بدر بثلاثة أسماء وهي " بدر الكبرى، يوم الفرقان، بدر القتال".لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم يبغي القتال في غزوة بدر، ولكنه كان يريد استرجاع أموال المسلمين التي أخذها منهم المشركون في مكة، وبعد أن علم بوجود قافلة عائدة من الشام تحمل البضائع والأموال أراد إعادة بعض الحقوق المالية للمسلمين التي استولى عليها كفار قريش.بدأت أحداث الغزوة عندما اعترض المسلمون سير عير تجارية لقريش كان يقودها أبو سفيان بن حرب، متوجها من الشام إلى مكة، وكانت تحمل الكثير من الأموال الطائلة لقريش، ويقف على حراستها نحو أربعين رجلاً، ولكن تمكن أبو سفيان من الفرار بقافلته، وذلك بعدما أرسل إلى قريش لطلب المساندة والعون، فاستجابت قريش على الفور، وخرجت لقتال المسلمين بعدد ألف وثلاثمئة من المقاتلين، ومئة فرس، وستمئة درع، أما عدد المسلمين الذين رافقوا الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوته، فبلغ ثلاثمئة وبضعة عشر رجلاً، يقودون فرسين وسبعين جملاً، أي أن تعداد قريش كان يشكل ثلاثة اضعاف المسلمين، وأمام اختلال التوازن بين الفريقين، عقد الرسول صلى الله عليه وسلم مجلساً استشارياً مع أصحابه، لسماع رأيهم في المواجهة والقتال، تحدث أبو بكر وعمر بن الخطاب وعدد من الصحابة، ثم قال سعد بن معاذ وهو من كبار الأنصار قائلاً: "فقد آمنَّا بك، وصدَّقناك، وشهِدنا أنَّ ما جئت به هو الحقُّ، وأعطيناك على ذلك عهودَنا ومواثيقَنا على السَّمعِ والطَّاعةِ، فامضِ يا رسولَ اللهِ لما أمرك اللهُ، فوالَّذي بعثك بالحقِّ، إن استعرضتَ بنا هذا البحر فخضتَه لخضناه معك، ما يتخلَّفُ منَّا رجلٌ واحدٌ"، ففرح النبي صلى الله عليه وسلم، وتوجه بالمسلمين إلى أرض بدر، وحرص المسلمون على أن تكون مياه بدر خلف خطوطهم حتى لا يستنفع بها المشركون، ونظم الرسول صلى الله عليه وسلم الجيش، واصطف المسلمون مثلما يقفون للصلاة، وكان أول قتيل من قبيلة قريش رجل يدعى الأسود بن عبد الأسد المخزومي، حيث أقسم أن يشرب من حوض النبي ولكن حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه قتله، واستمر القتال والمبارزة والرسول يدعو ربه ويتضرع قائلاً: (اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لي ما وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ آتِ ما وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ إنْ تُهْلِكْ هذِه العِصَابَةَ مِن أَهْلِ الإسْلَامِ لا تُعْبَدْ في الأرْضِ"، حتى جاءت البشرى من الله تعالى، ونزلت الملائكة لتقاتل مع المؤمنين، مصداقاً لقوله عز وجل: (إِذ تَستَغيثونَ رَبَّكُم فَاستَجابَ لَكُم أَنّي مُمِدُّكُم بِأَلفٍ مِنَ المَلائِكَةِ مُردِفينَ)، وما هي إلا ساعات قليلة وانتهت المعركة بنصر المسلمين، بعد قتل سبعين رجلاً من قبيلة قريش أبرزهم قائدهم عمرو بن هشام فرعون الأمة أبو جهل، وأسر سبعين آخرين، أما المسلمون فتمثلت خسائرهم في مقتل ثمانية من الأنصار وستة من المهاجرين، ليعودوا إلى المدينة وقد حصلوا على الغنائم فتحسن حالهم المعنوي والاقتصادي، ولتكون المحطة الأولى لانتصار الحق على الباطل، حيث جاءت أحداثها لترد الظلم وتنصر المستضعفين،و لتؤكد أن النصر من عند الله.جاء ذكر غزوة بدر في الكثير من السور القرآنية ومنها " آل عمران، الأنفال، الدخان، الحج"، ولعل أكثرها ما ذكر عنها في سورة الأنفال حتى أطلق عليها بعض الصحابة "سورة بدر"، فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس - رضي الله عنهما -: سورة الأنفال؟ قال: نزلت في بدر".