الأحد 28 سبتمبر 2025
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
بناء الدول… يحتاج إلى الطموح
play icon
الافتتاحية

بناء الدول… يحتاج إلى الطموح

Time
السبت 03 فبراير 2024
sulieman

من السهل إعلان أي حيز جغرافي يضم مجموعة من الناس دولة، لكن من الصعب النجاح والاستمرارية، لأن هذه مهمة قادة يتحدون الصعاب، ويتحملون المشقة لتحقيق طموحهم الذي هو أصلا طموح شعبهم، وفي هذا الشأن قال الكاتب الأميركي جويل أوستن في معرض حديثه عن الإرادة: "لا تغير طبعك لترضيهم، ولا تبدل صوتك لتعجبهم، ولا تخالف مبدأك لتوافقهم، ولا تتصنع لتنال رضاهم".
لا شك أن هذا المبدأ يعمل به قادة لديهم رؤية يسعون من خلالها إلى تحقيق العناصر الأساسية لقوة دولتهم، وهي توحيد الشعب وتعبئته لتحقيق القوة العلمية من أجل توجيه الموارد إلى القطاعات الإنتاجية، كي تخدم الهدف الأسمى وهو ريادة الدولة.
لكن هذا يتطلب فرض معايير صارمة تؤهل المسؤولين لهذه المهمة، تبدأ من إقرار القوانين التي تعزز المواثيق الاجتماعية الوحدوية، إذ لا تفريق بين هذا وذاك، كي يدرك الجميع أنهم متساوون بالحقوق والواجبات، وهو ما يؤدي إلى هوية وطنية واضحة للدولة.
لهذا، تكون أول مهمة لصانع القرار النظر في ما يعيق مسيرة تطور بلده، فإذا كانت القوانين متخلفة يعمل على تعديلها، وإقرار تشريعات عصرية تماشي تطور العالم، وتخدم شعبه في المستقبل لمزيد من الانفتاح.
كذلك بناء قاعدة صناعية متينة تخدم استقلالية الدولة والشعب، وإيجاد منظومة أمن غذائي لا تعتمد على الخارج.
بينما يبقى أهم عنصر في نجاح القادة لتحقيق طموحهم هو اختيار الأكفأ في المنصب حتى لا يكون حجر عثرة في المؤسسة، فالمعروف أن العملة السيئة تطرد العملة الجيدة، وعدوى الفساد تنتشر بسرعة في المؤسسات، إذا لم تكن هناك محاسبة، وإيمان أن الوظيفة مهمة وطنية، وليست تشريفاً، وإذا أسندت المهمة إلى شخص غير مناسب، نتيجة المحسوبية والولاءات، كما حصل في الكويت خلال العقود الماضية، فإن ذلك يؤدي إلى فشل المؤسسات.
كذلك لتحقيق النهضة، لا بد أن ينظرالقادة إلى الدول التي سبقت بلدانهم، ويتعلمون منها، فيأخذون الجيد ويعملون على تطويره، وهذا للأسف لم يحصل في بلدنا، بل اعتمدت قاعدة تعيينات قوامها إغراق المؤسسات بكمية هائلة من المزورين، ومنحهم امتيازات اجتماعية ومالية لقاء شهادات أثبتت التجربة أنهم حصلوا عليها عبر الرشوة، كما لم يجر البحث في أهليتهم الفنية، ما أدى إلى ظاهرة غير مألوفة في العالم، وهي شيوع التزوير حتى في أبسط الأمور.
لهذا فشل، مثلاً، القطاع الطبي، وكذلك التعليمي، والخدماتي، وتحولت المشاريع باباً للاستفادة الشخصية والنهب، بينما في المقابل كان بعض قادة دول الإقليم أكثر دراية بهذه الآفات، فعمدوا إلى وضع تشريعات صارمة حيال من يتولى أي مهمة أو منصب كي لا يقعوا في فخها، لأنهم صمموا على الوصول إلى الريادة، عبر العمل الدائم لتحقيق نهضة بلدانهم التي كانت تحت الصفر، فيما هي اليوم تحتل المراتب العليا في المؤشرات كافة، فهؤلاء كان لديهم الطموح والعزيمة، ولم يخالفوا مبدأهم ليوافق أهواء جماعات، أو كتل، أو نواب، أو حتى مكونات اجتماعية.
ما تريده الكويت ليس فقط الطموح، فالأحلام وحدها لا تبني وطناً، إنما العزيمة على تحقيق الريادة، وهذا ليس صعباً إذا خلصت النوايا، وتخلص المسؤولون من المحاباة، والمحاصصة، والتسويات التي جعلت بلدنا في آخر الدول، بينما على الجميع أن يدركوا أن التاريخ لا يرحم.

أحمد الجارالله

آخر الأخبار