منوعات
"بني المصطلق"... انتهت بإسلام قبيلة كاملة
الاثنين 11 مايو 2020
130
السياسة
غزوات الرسول 16إعداد – شروق مدحت:بعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه من مكة إلى المدينة واستحالة الحياة بمكة المكرمة بسبب إيذاء قريش المستمر للمسلمين ، وبعد الاستقرار النفسي الذي حققه المسلمون، أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بضرورة التعرف على المدن والقبائل المجاورة وكذلك الطرق التي تؤدي إلى قريش وغيرها من المدن المحيطة ، من أجل إرساء مفهوم الدين الإسلامي ونشرة لدى تلك القبائل المجاورة ، فكانت هذه هي الرسالة والعقيدة التي أمر الله بها رسوله الكريم. وقعت غزوة "بني المصطلق" في الثاني من شعبان للسنة الخامسة من الهجرة، وأطلق عليها أيضًا "غزوة المريسيع"، في إشارة إلى المكان الذي وقعت به والذي يسمى بـ"ماء المريسيع". وبنى المصطلق هم الذين قاموا بمساعدة كفار قريش أثناء غزوة أحد، بعد أن حرضتهم على محاربة المسلمين، حيث عملوا على التحكم في الطريق الرئيسي الذي يصل إلى المدينة المنورة مما أدى إلى منع وصول إمدادات المسلمين في غزوة أحد. قاد الرسول صلى الله عليه وسلم غزوة" بني المصطلق"، بعد أن وصلت إليه الأنباء من بريدة بن الحصين الأسلمي، الذي أرسله إلى قبيلة بني المصطلق لمعرفة نيتهم غزو المسلمين، حيث تعمد بريدة على إظهار كونه معاوناً لهم، وبمجرد التأكد الفعلي من نيتهم لغزو المسلمين واستعدادهم وتجهيزهم للهجوم على المسلمين ومحاربتهم في المدينة المنورة لذا، رغب النبي صلى الله عليه وسلم في التخلص من شرهم قبل أن يصلوا إلى المسلمين، حيث قام بتجهيز 700 مقاتلا من الجيش الإسلامي و30 فرسًا، ثم توجه بهم إلى منطقة ماء المريسيع، ومنح راية المهاجرين لأبي بكر الصديق وراية الأنصار إلى سعد بن عبادة، وتمثلت قيادة قبيلة بني المصطلق في الحارث بن ضرار.خلال أحداث الغزوة ظهر عدد من المنافقين أبرزهم عبد الله بن أبي بن سلول، حيث عملوا على إشعال الفتنة وزعزعة الترابط بين المهاجرين والأنصار، ولكن تم وأد الفتنة والتغلب على الأزمات المفتعلة، وكان النصر حليف المسلمين بالرغم من قلة العدد والعدة.حصل المسلمون على الكثير من الغنائم من وراء تلك الغزوة، وفي ذلك روى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمر: "أن النبيَّ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - أغارَ على بني المُصْطَلِقِ وهم غارُّونَ، وأنعامُهم تُسقَى على الماءِ، فقَتَل مُقاتِلَتَهم، وسَبَى ذَرارِيَهُم"،كما تم أسر بعض من نساء قبيلة بني المصطلق وعلى رأسهم ابنة لزعيم القبيلة التي تدعى برة بنت الحارث، وبعد أسرها أسلمت وتزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم وسميت بعد ذلك بـ"جويرية"".وجاء في ذكر أم المؤمنين عائشة، أن "جويرية" أتت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت له: "قد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك، فوقعت في السهم لثابت بن قيس بن شماس، فكاتبته على نفسي، فجئت استعينك على كتابي"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فهل لك في خير من ذلك؟" قالت: "وما هو يا رسول الله؟" قال: "أقضي عنك كتابك وأتزوجك"، قالت: "نعم يا رسول الله، قد فعلت"، قالت (عائشة): "وخرج الخبر إلى الناس أن رسول الله (ص) قد تزوج جويرية بنت الحارث، فقال الناس: أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسلوا ما في أيديهم من سبايا بني المصطلق".بعد ذلك وجه الرسول الكريم بإعتاق النساء اللاتي أسرن وعودتهن إلى قبيلة بني المصطلق، وبالفعل نفذ أهل المدينة المنورة ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم كدليل على المحبة بين المسلمين، وجاء هذا كسبب في إسلام جميع أفراد قبيلة بني المصطلق وإعلان دخولهم في الدين الإسلامي.وتمثلت أبرز نتائج غزوة بني المصطلق في زيادة عدد المسلمين بعد إسلام القبيلة بأكملها، وأيضًا رد كيد المنافقين في نحرهم بعد محاولتهم للإيقاع بين المهاجرين والأنصار أثناء أحداث الغزوة، فيما اقتصرت خسائر المسلمين في غزوة المصطلق على استشهاد رجل واحد، بينما قتل عدد من بنى المصطلق.وبعد انتهاء غزوة بني المصطلق قام رجل من المهاجرين بالاعتداء على رجل من الأنصار، فاستغاث كل منهم على قومه،فحرض المنافقون وعلى رأسهم عبد الله بن أبي بن سلول الأنصار على المهاجرين، وعندما سمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "ما بال دعوى الجاهلية؟" قالوا: "يا رسول الله، كسع رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعوها فإنها منتنة" أي: الفتنة (رواه البخاري). عقب فشل محاولة زرع الفتنة بين المهاجرين والأنصار، رغب عبد الله بن أبي بن سلول في تعطيل نشر الدعوة الإسلامية، وتعهد بإخراج النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة عند العودة إليها، وقال: "لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل"، وعند معرفة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بذلك الأمر قام باستدعائه هو وأصحابه، ولكنهم نفوا ذلك الأمر، ثم أنزل الله سورة المنافقين، وفيها تكذيب لهم ولأيمانهم الكاذبة، وتأكيد وتصديق لما نقله عنهم الصحابي زيد بن أرقم، وذلك في قول الله تعالى: (هم الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ) (المنافقون: 7، 8).وبعد ذلك استأذن عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول في قتل أبيه، لما قاله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنهاه النبي عن ذلك، وأمره بحسن صحبته.