السبت 05 يوليو 2025
32°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

تبوك... القضاء على فلول الروم والثأر لشهداء "مؤتة"

Time
السبت 16 أبريل 2022
View
10
السياسة
"رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه، رسموا بجهادهم وصبرهم معالم الحضارة الإسلامية، فتحوا البلدان، ونشروا الإسلام، وأقاموا العمران، فسجَّل التاريخُ جهادَهم وكفاحَهم بحروفٍ من ذهب، وأصبحوا قدوة ومثلاً لكلِّ من يأتي بعدهم".

كتبت - نورا حافظ

رغم الحيلة البارعة التي لجأ إليها خالد بن الوليد في معركة "مؤتة" سنة 8 هـ، واستطاع أن ينسحب بالجيش على مراحل، ونجح فى أن يعود ببقيته سالماً بعد معركة شرسة مع الروم، إلا أن "مؤتة" تركت جرحا في نفوس المسلمين، لذا قرر الرسول أن يخرج بنفسه على رأس الجيش لتأديب الروم، فحشد نحو ثلاثين ألف مقاتل من المهاجرين والأنصار وأهل مكة والقبائل العربية الأخرى، وانطلق بهم لمواجهة الروم، في آخر غزواته صلى الله عليه وسلم وهي غزوة "تبوك" في عام 9هـ، إلا أن الله فرق شمل أعداء رسول الله وأوقع الرعب في قلوبهم من مواجهته ففروا وانتهت دون قتال.
ظلَّ خطر الروم قائماً الأمر الذي دفع الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى أن يجهز جيشا اختار له قائداً شاباً وهو أسامة بن زيد، الذي اكتشف مقومات شجاعته في غزوة "حنين" عندما جرح، فوقفت فئة مؤمنة تدافع عنه بأجسادهم في ثبات وصبر، لا تهاب سيوف الأعداء وغير مبالية بما ينالها من ضربات قاتلة، وكان أسامة ابن الست عشرة سنة من هؤلاء، ولفت نظر رسول الله ثباته وشجاعته، خاصة أن هذه أول غزوة يخرج فيها، فكان ذلك أحد أسباب اختياره للقيادة، بجانب رغبته في أن يأخذ حقه في الثأر لأبيه الذي مات شهيدا في "مؤتة".
رسم الرسول لأسامة خطة المعركة وخط السير وقال له: "سر إلى موضع أبيك، أوطئهم الخيل، فقد وليتك هذا الجيش، فأغر صباحا على أهل "أبنى"، وحرّق عليهم، وأسرع السير تسبق الأخبار، فإن ظفرك الله فأقلل اللبث فيهم، وخذ معك الأدلاء وقدم العيون والطلائع أمامك".
وبينما أسامة يستعد للخروج بالجيش، اشتد المرض على رسول الله، ورغم ذلك أمر بعقد اللواء لأسامة وعسكر الجيش بالجرف شمال المدينة المنورة وكان فيه أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وأبوعبيدة بن الجراح وكبار المهاجرين والأنصار، الذين عملوا تحت قيادة هذا الشاب. لكن قبل أن ينطلق الجيش، توفي رسول الله وتولى الأمر أبو بكر الصديق -رضى الله عنه- ليكون أول خليفة للمسلمين وعلى الجانب الآخر فقد هب الطامعون وبدأت أحداث جسام بسبب ما حدث من ردة البعض،فقرر الصديق أن يواجهها بكل حزم، وأن ينفذ وصية رسول الله ويرسل أسامة بالجيش. حان موعد خروج الجيش، فنصح أبو بكر اسامة بعدم التعرض لمن يُسالمه أو الضعفاء أو من تفرغوا للعبادة، ثم سار مترجلاً فى وداعه في أروع مثل على التواضع والثقة بالنفس واستاذن أسامة أن يترك له عمر بن الخطاب ليشد أزره فأجابه الشاب إلى ذلك.
انطلق جيش أسامة سنة 11هـ يقطع البيد ويجوب الفيافى، بعد عشرين يوما كان قد وصل إلى "أبنى" من أرض البلقاء، حيث دارت "مؤتة" التى استشهد فيها والده وغيره من أبطال المسلمين، فبدأ أسامة في مهاجمة القرى التى حددها رسول الله ومن بعده أبو بكر، فقضى على كل من وقف أمامه يحاربه وقتل وأسر عدداً كبيراً من أهلها وغنم منهم كثيراً.
كانت مدة الغزوة أربعين يوماً وفي أقوال أخرى سبعين، عاد بعدها جيش أسامة مظفراً، وما إن دخل المدينة حتى وجد خليفة رسول الله أبو بكر الصديق وكبار الصحابة يستقبلون المنتصرين، كان أسامة يمتطى فرس أبيه "سبحة" فاتجه بعدها إلى المسجد يصلى ركعتين شكراً لله على نصره وجزيل عطائه، ثم انصرف إلى بيته بكل تواضع، كان لهذه المعركة أثرها فى الداخل والخارج، فقد أدبت أتباع الروم من القبائل العربية وثأرت للشهداء، ما أدى إلى ارتفاع الروح المعنوية للمسلمين وأكسبتهم ثقة النصر وأعلمت الجميع أن للمسلمين قوة وبأساً لا يفلح معه قتال، كما أنها صنعت بداية فتوحات بلاد الشام وانتشار الإسلام فيه ورفع راياته مشرعة.
آخر الأخبار