

تقديس الكائن البشري الناقص
حوارات
يُقَدِّس الانسان كائنًا بشريًّا آخر عندما يرفع قدره فوق ما يستحق، وعندما يتجاوز في مدحه له مرحلة "الهياط" والافراط، وبخاصة عندما يُسبغ عليه صفات المثالية شبه الملائكية.
بينما هو في حقيقته مخلوق بشري آخر ناقص، وخَطّاء أكثر من كونه مخلوقًا نموذجيًّا، والتقديس أمر يفسد الفرد والمجتمع، ومن أسباب تقديس بعض بني البشر بعضهم بعضا، وغلوّهم في هذا الأمر، وكيفية مكافحة هذا المرض المميت، نذكر ما يلي:
-أسباب تقديس الكائن البشري الناقص: يمثل ترسّخ العبودية، النفسية والفكرية، في عقول وقلوب البعض أحد الأسباب الرئيسية للتقديس، لا سيما إذا كان المُقدِّس للبشر يعيش في بيئات، اجتماعية وسياسية، تشرّبت طبائع الاستبداد والطغيان وأصبحت العلامات الدّالة عليها.
ويتسبب نفاق "الشويعر"، وبخاصة في سياق القبلية الى تعظيم من لا يستحق، ونشر هذه الثقافة الاستذلالية في المجتمع.
وتتسبب سفالة أطباع بعض الأشخاص الى ميلهم نحو التذلل والنفاق، بهدف الحصول على مكافآت مالية.
وتتسبب الطائفية، والفئوية النخبوية، بإضفاء سمات شبه خارقة على من يتزعمون هذه الأيديولوجيات، ويستفيدون منها بشكل مباشر على حساب أتباع القبيلة والمذهب، والفئة الاستعلائية.
وتتسبب البطانة الفاسدة في إضفاء صفات القداسة على الحاكم حتى يصل الى مرحلة الاعتقاد بألوهيته، ويتسبب بعض الموروث الاجتماعي "الثقافي" المُتَذَلِّل الذي يرتكز تاريخيًّا على النفاق، والتطبيل لأصحاب المال و النفوذ، في نشر ثقافة تقديس الكائن البشري في المجتمع.
ويتسبب سوء التربية الاسرية أحيانًا في دفع الأبناء الى التطبّع على النفاق، وعلى قلّة التقدير لذواتهم، وتذللهم لمن هو أقوى منهم، ويمثل الجهل بقدر وقيمة النفس الى ممارسة العبودية التقديسية تجاه من يهابه بعض ضعفاء الشخصية.
-الشفاء من مرض تقديس الانسان: أولى خطوات الشفاء من رواسب تقديس الناس تتمثل في نزع وإزالة العبودية، الفكرية والنفسية، من العقل والقلب المستعبدين.
والعمل المستمر على تقدير الذات، ورفض الموروث الثقافي العبودي، والحرص على امتلاك مهارات الاكتفاء الذاتي والاعتماد على النفس والاستقلالية النفسية، وممارسة التفكير النقدي.
والإسراع في إزالة سموم القبلية، والطائفية، والفئوية النخبوية والتبعية العمياء من العقل.
كاتب كويتي
د. خالد عايد الجنفاوي
@DrAljenfawi