توقعات الفلكية ليلى عبداللطيف... كويتياً

حسن علي كرم

رغم ما يقال: كذب المنجمون ولوصدقوا، لكن تبقى هناك فسحة من الأمل يدفع بالنفس للتفاؤل والحلم بغدٍ افضل. ولقد صدق الطبرائي حين قال:
أعلل النفس بالآمال أرقبها
ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل
فالحياة لا تستقرعلى نسق واحد، فكم من الناس ولدوا وفي افواههم ملعقة من الذهب، وماتوا على حصيرة فقراء معدمين،اوعلى رصيف،اوماتوا غرباء لا اهل ولا بنين. وكم من فقراء كانوا يفترشون الرصيف ينامون عليه والسماء غطاءً، وأصبحوا من ذوي الملايين والمليارات والأطيان والعقارات، فالحظ اذا ابتسم لك،فعليك ان تضحك.
اللبنانية ليلى عبداللطيف من المتنبئات وقارئات المستقبل التي تبز زميلاتها وزملاءها في هذا المجال، وهي معروفة اعلامياً، فما من قناة تلفزيونية لبنانية اوعربية الا وليلى عبداللطيف ضيفة تقرأ حصيلة توقعاتها عن المستقبل على الصعد كافة سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وفنياً، وحتى من سيموت ومن سيمرض من المشاهير والنخب السياسية،وكل ذلك مكتوب في اوراقها ويظهر في طالعها. في لقاء مع احدى القنوات الفضائية، خصصت السيدة ليلى عبداللطيف جل اللقاء للحديث عن الكويت، ورغم ان معظم ما توقعته عن الكويت ينم عن الخير والتفاؤل والاطمئنان، لكن يبقى كل ذلك مكتوبا في علم الغيب. ان من اعظم الحسنات التي منحها الله عباده ان اخفى عنهم خطوط مستقبلهم، فماذا لوان كل واحدٍ منا اطلع على خطوط مستقبله، هل يستمر بذات السيرة، ام يغيرها الى ما يكون افضل؟ دعونا من هذا ولندخل في اصل الموضوع، وما تنبأت به من اخبار مفرحة تخص الساحة الفنية الكويتية، من جملة الاخبار الجميلة التي توقعته فنياً ظهور موهبة فنية غنائية كويتية بمثابة قنبلة الموسم، وسيعيد امجاد مطربين راحلين وستكتسح شهرته الفنية الكويت والوطن العربي (…) ان صح هذا فهوامر عظيم فالكويت ولادة، وهذا يثبت انها مازالت تحتل عرش الفن، واذا كانت في العقدين الاخيرين قد تراجع موقعها، ماجعل الانتهازيين والدخلاء يحتلونه، لكننا نبقى على ثقة، ستبقى الكويت مدماك الفن والإبداع ومدرسة لتخريج المواهب في المنطقة، لذا فان يظهر فنان فلتة يكتسح الوطن العربي، فلاغرابة،فالكويت قدمت الى العرب عبدالله الرويشد وقدمت قيثارة الخليج نوال الكويتية وقدمت بلبل الخليج نبيل شعيل، وقدمت الصوت الجريح عبدالكريم عبدالقادر، ومسرحاً اضحك وابكى الجمهور العربي من الخليج الى المغرب،عبدالحسين عبدالرضا، خالد النفيسي، سعد الفرج، صقر الرشود، وقدم حياة الفهد وسعاد عبدالله ومريم الغضبان ومريم الصالح، وأخريات ومازال كل يوم يولد فنان جديد. انها الكويت يا عزيزتي ليلى، اذا اصيبت الكويت بوعكة، فلن تكون الا وعكة عارضة، فالكويت كما قالوا عنها تمرض لكنها لا تموت.
ان الفن يجري جريان الدم في شرايين الكويتيين، ففي الوقت الذي كان اكثر من عشرة الاف سفينة تبحر من مراسيها على السيف الى المغاصات، كان على متن كل سفينة لا يقل عن اثنين من النهامبن مهمتهم الغناء على ظهر السفينة، فتخيل عدد النهامين الذين يجيدون الغناء والطرب. وعلاوة على سفن الغوص كانت هناك سفن الأسفار التي كانت تبحر من الكويت في أسفار بعيدة الى الهند وافريقيا، وعلى ظهر كل سفينة لابد ان يرافقها نهام حيث يفرج عن صدور البحَّارة بالغناء وضرب المراويس وغيرها من آلات الإيقاعية البسيطة لكنها معبرة.
الكويت لم تكن لتتراجع عن موقعها المتقدم في الفن والثقافة لولا الغيوم السود التي احتلت سماءها،والغبار الأصفر الذي اجتاح ارضها، ومسؤولون تساهلوا ولم يمعنوا خطورة وأضرارتلك الغيوم السود والغبار الأصفر، ورغم وجود مسارح ودار للاوبرا من اروع واجمل الطراز الهندسي، ورغم السمعة الفنية للكويت، لكن لا يزال الفن يتعثر وهناك من يوسوس في عقول الناشئة ان الفن حرام والفن يلهي عن الاعمال الاخرى، وكل ذلك تخبيص وتضليل وجهل في الدين وحاسدون واعداءً الثقافة، ما يلزم ان تعيد الدولة النظرفي كل الأفكارالمضللة التي يبثها الظلاميون، ومسؤوليتها اختيار المسؤولين الاكفاء والثقاة الذين يؤمنون باهمية الفن والثقافة، فلا دولة في كل العالم الا ووضعت الفن والثقافة والتراث والتاريخ على رأس التنمية. الفن ليس تطريبا وهز بدن، ودق طبول. الفن ترويح عن النفس وتجديد للعقل.
في السنين الاخيرة ظهرت مواهب كويتية فنية شبابية، وبعض هؤلاء اوغالبيتهم يكتفون بعمل فني اوالبوم غنائي واحد ثم يتوارون، ذلك ان المؤسسات الإعلامية والثقافية الحكومية التي يفترض ان ترعاهم وتحتضنهم تجاهلتهم فتاهوا في وسط الطريق. اذا كانت السيدة ليلى عبداللطيف تتوقع ظهور موهبة غنائية كويتية واحدة في 2019، لعلي أتوقع ظهور مواهب لا موهبة واحدة، فالكويت يا عزيزتي ولادة، وتقديم المواهب احدى الصناعات القديمة والمتوارثة جيلاً بعد جيل، الا ان المطلوب رعاية الدولة.
صحافي كويتي