كل الآراء
ثقافة السعادة
السبت 21 مايو 2022
5
السياسة
عرفان أمينيسعى الإنسان في تحسين حياته ويشحذ الهمة لتحقيق الرفاهية والسعادة، ولكن هل تساءلنا: اين تكمن السعادة الحقيقية بخدمة الذات أم المجتمع؟ ماذا قدمنا للآخرين وكم سعينا في تطوير مجتمعاتنا للتنعم بمستقبل يزخر بالسعادة والازدهار؟ ساعدت قراراتنا في بناء المجتمع وتنميته؟ وهل ارتقت المصلحة العامة لِقمة سلم أولوياتنا أم كان تركيزنا منصبًا على تحقيق مصالحنا الخاصة فقط ولو تضرر شُركاؤنا بالعالم؟ تتباين مفاهيم السّعادة بين الناس بحسب ظروفهم وتتوحد بديمومة البهجة والسرور، إنشِراح الصّدر، راحة البال والأمل بمستقبل أفضل، طاقة إيجابية من الرضا بتقبل الواقع للعمل على تطويره وتحسينه. تغمرنا السعادة بعمل الخير ومشاركته مع الآخرين لتوافقها وفطرة الإنسان ويتضاعف استمتاعنا بلذتها القلبية عُمقا وقوة عند القيام بخدمة البشرية جمعاء "فالمحبة وسـيلة السعادة الكُبرى في العالم الروحاني والجسماني"، السعادة مُرتبطة بالفضائل كالحكمة والشجاعة والعفة والعدالة" (افلاطون).تزخر الحياة بالظروف والمشاعر البشرية الإيجابية والسلبية ونفوذ إنعكاساتها بالقلب والنفس، يمتلك المرء خيار وإرادة ملئ قلبه وفكره وإغراقهم بالأحساسات، المشاعر والتجارب اليومية الايجابية أو السلبية والتحكم بمفاتيح تلك المشاعر. ملئ وعاء النفس بالحزن والحقد والحسد يجلب الكأبة والتعاسة ولا متسع للأحاسيس الأيجابية كالمحبة والعدل والإنصاف وتحمل مُعاناة تأثيراتها السلبية على الصحة والمزاج، فالمشاعر السلبية تتجذر وتنمو وتتعاظم وتتعمق بتأثيراتها المُدمرة، لكُل وعاءٍ متسعه، لذلك يجب السعي في تعبئة القلوب بالمشاعر الإنسانية والأخلاقية الايجابية تجاه الآخرين حتى نهنأ بحياة سعيدة وننعم بالصحة والعافية ونُدخل البهجة والسرور للقلوب. أكدت دراسة حديثة بجامعة برمنغهام أن الحزن يُوهن الجسم ويقلل مقاومة الأمراض، ووجد العلماء أن التوتر العاطفي والحزن يقودان لكبت جهاز المناعة فيجعله أكثر عُرضة للعدوى والأمراض، واكتشف المُختصون أن أرتفاع مستويات التوتر والحزن تُؤثران سلباً على أداء الخلايا المسؤولة عن حماية الجسم ومكافحة الأمراض، وجاء بلوح الطب "الحَسَد يأكلُ الجسد وَالغَيظ يحرق الكبد اجتنبوا منهما كما تجتنبُون مِن الاسدِ" وأتساءل كيف يمكننا الاهتمام بصحتنا الجسدية وتحسين أدائها بشتى الطُرق وعدم إيقاف العوامل المُدمرة كالحزن والحقد والحسد الذي يأكل الجسد؟ تتطور صحتنا بالفضائل الإنسانية كالصدق والأمانة والإنصاف والتسامح وملء القلب بالحب وإغماض الطَرف عما لا يعجبنا من كلمات وتصرفات الآخرين فالكمال لله. يشق قطار العمر طريقه عبر محطات الحياة المختلفة، فهل نستغل الفُرص ونلحق بمقصورة السعادة بخدمة الآخرين وعمل الخير؟ أم نشرب من كأس الندم على فوات الفُرص والإستسلام لحَسرة الأحزان؟ فالسعادة الحقيقية تنبع من حُب الآخرين ونشر البهجة والسرور. حددت منظمة الأمم المتحدة 20 مارس للاحتفال باليوم العالمي للسعادة تأكيدًا على أهمية تحقيقها بالتنمية المستدامة وزوال الفقر ورفاهية الشعوب. السعادةَ الحقيقيةَ قرار المرء بإراداته وصبره، السعيد يتفائل ويفرح بأبسط الأشياء ويُشاهدها بعين الرِّضا، ويترك كُل ما يُنغّص حياته. لا يمكننا التحكم بالصعاب وهمومها المُتعددة ولكن يُمكننا منع نفوذها بالقلب واستقرارها بالعقل للتمتع بالحياة الجميلة، فلا يمكن أن تجد السعادة وأنت غارق في حديثك عن الألم (فرويد).$ كاتب من الباراغواي