كل الآراء
ثمن انتشال الجبري من طرح الثقة...!
السبت 11 مايو 2019
5
السياسة
حسن علي كرملعل السؤال المبهم والغامض، الذي لا يزال يرتسم على وجوه المحبطين الذين انصدموا لانتشال وزير الاعلام، وزير الدولة لشؤون الشباب، النائب المنتخب عن الدائرة الثالثة، السيد محمد الجبري من شرنقة طرح الثقة، هل الـ 34 نائباً الذين صوتوا وساندوا الوزير وعارضوا طرح الثقة، من يصدق ان جميع هؤلاء كانوا على قلب واحد يَرَوْن في الجبري الوزير المناسب في المقعد المناسب الذي لا تشوبه شائبة، وليس عليه مثلبٌ واحد، وانه وزير مستقيم يؤدي واجبه الدستوري والوظيفي خيرتأدية، ما ينبغي ان يُتخذ مثالاً وعبرة لكل الوزراء، وان يُدرس أسلوبه في فن الادارة كمقرر على طلبة كليات الادارة والحقوق والمحاسبة؟ الا ان الشواهد، ونحن على يقين، ان الواقع ينسف كل المقولات، فنحن لا نشك بنزاهة الوزير، وجهوده، او اجتهاده في ادارة المرافق التي يديرها، الا ان مسألة فن الادارة والسياسة ليسا مسألة اجتهادية حتى يُترك لوزير سنة أولى سياسة، و سنة أولى ادارة تعال والعب في الساحة، حتى اللعب في الساحة يحتاج الى تمارين وتدريبات قاسية ومضنية، حتى يتمكن اللاعب من خوض غمار اللعب. لذلك السؤال الذي يظل بلا جواب هو: كيف ولماذا حظي الوزير المستجوب بهذا القدر من الأهمية حتى يصوت له من لم يكن متوقعاً ان يحضر الجلسة، لا ان يتحمس للتصويت له؟ ما الحكاية، او ما هو ثمن انقاذ او انتشال السيد الوزير من كبوة السقوط والخروج من المقعد الوزاري؟ لا ريب ان ثمة غموضا واصطفافا سياسيا عجيبا اكتنف جو التصويت، الامر الذي يجعلنا نعيد التساؤل: ما الثمن الذي دُفع لإنقاذ الرجل من شرنقة طرح الثقة، اذ لا ريب كالعادة هناك ثمن، وهذا ما عهدناه بعد كل استجواب اذ تفتح الإرادات و"شبيك لبيك"، و"انت تامر"، والصندوق السحري بين ايديك، والا السؤال كيف التم الشامي على المغربي على إنجاح الوزير، ام كان الوزير يحمل خرزة لفك النحس أغشت عيون وعقول النواب فصوتوا لجانبه؟ التصويت انتهى والوزير عبر بحر طرح الثقة إلى شاطئ الأمان، لكن يبقى السؤال معلقاً إلى ان ينكشف الجواب! قفزة الجبري من وزارة "الأوقاف" الى وزارة الاعلام كانت خطأً سياسياً لا يغتفر للحكومة، فالرجل لا يبدو متصالحاً مع الاعلام او الثقافة، وكما نقول فاقد الشيء لا يعطيه، فما هو حجم او وزن الرجل الإبداعي حتى توكل اليه اخطر حقيبة لأخطر مرفق في الدولة، وهل هناك في كل العالم اخطر من الاعلام والثقافة ما عدا حكومتنا الرشيدة التي تختار وزراءها لا على معيار الكفاءة، انما على اساس ملء المقاعد؟ ليس وزير في حكومتنا الرشيدة يجلس في المقعد المناسب، لذلك لا نستغرب اذا انهالت الاستجوابات وزيراً بعد الاخر، والمحاسبة الغليظة على افعالهم، "فهيج" وزراء ما يريدون الا "هيج" شغل! لقد كانت تكفي دعوة الجبري منع الفيلسوف والشاعر الصوفي جلال الدين الرومي المتوفى قبل نحو تسعة قرون من دخول الكويت وإلقاء محاضرة، حتى ندرك ان الرجل غير متصالح مع الثقافة والفنون والإبداع، إذن على ماذا صوتوا له، هل إقتناعاً منهم بحسن أدائه او خوفاً من إنهيار الحكومة؟ صحيح اجتاز الوزير طرح الثقة، وعاد الى مقعده الوثير منتصراً، لكن يبقى، هل الجبري الوزير المناسب الذي يشغل مقعد الاعلام ويدير اخطر المعارك الإعلامية وينافس أساطين الاعلام، ربما يطّلع علينا واحد متفلسفاً الوزير منصب سياسي، وان ادارة المرفق الاعلامي والثقافي من مسوولية القياديين، لكن يا فيلسوف زمانك، اليس القياديون يتلقون تعليماتهم من السيد الوزير باعتباره ينفذ سياسة الدولة وهو مسؤول امام مجلس الوزراء ومجلس الامة، و بالتالي مسؤولياته مضاعفة؟ من هنا نقول، وجود الجبري على رأس الاعلام ظلم له وظلم للإعلام، فإعلامنا الحكومي يتراجع وثقافتنا صفت على كتب صفراء، اكل الدهر عليها وشرب، تخدم فكراً احادياً متطرفاً فقط، وكتب الطبخ، فكم من الكتب العربية والاجنبية والصحف الممنوع ادخالها الى البلاد، اما البرامج الإذاعية والتلفزيونية التي يفترض ان تكون وجه الكويت إلى الخارج وصدى نشاط البلد وإبداعاته الفنية والثقافية تغلب عليها السطحية او مصبوغة بصبغة دينية، وكأن الكويت دولة دينية لا دولة مدنية منفتحة ومتطورة،وهو ما يجعل اذاعاتنا وقنواتنا التلفزيونية اقل مشاهدة واقل استماعاً، لا سيما في عصر الانفتاح والـ"ديجيتال" والقنوات الرقمية.ان الثقافة والاعلام والدعاية الركيزة الاولى لأي بلد طموح يسعى للنهوض والخروج من المحلية الى العالمية، اين اعلامنا من برنامج الكويت 2020- 2035 (كويت جديدة)، لماذا لا نرى شيئاً ولا أظن ان اعلامنا مؤهل لتقديم الكويت الجديدة الى العالم، هل كان مجلس التخطيط مخطئاً مثلاً عندما أشار الى تراجع وضعف الاعلام الكويتي في السنوات الاخيرة، وهل الحكومة التي معظم وزرائها أعضاء في ذلك المجلس ويحضرون جلساته قد اعترفوا ان اعلامنا ضعيف، ولا يخدم مسارات التطور والتنمية التي تشهدها البلاد، اعلامنا مجرد موظفين، يقبضون أخر الشهر الراتب، اما الفن والإبداع وتطوير الاداء فاخر ما يعنون به، ولماذا يتعبون أنفسهم بالعمل والإرهاق، طالما ان هناك وافدين مسخرون لأداء الواجب ويا فرحة الكويت باعلامها؟لم يكن ليعنينا ان يخرج الجبري من الوزارة او يبقى، فلا بيننا وبينه تعارض او مصالح متوقفة، لكننا نرى ان الرجل وضع في المكان الذي ظلم فيه، بصراحة القول: الاعلام "مو مكانه"، والذين صوتوا له ظلموه وظلموا الاعلام.صحافي كويتي